بنموسى:المدرسة العمومية“لا تضمن اكتساب التعلميم الأساسي،ولا تحظى بثقة المواطنين.."بدون تحديد الأسباب الحقيقة لأزمة التعليم لن يكون لخارطة الطريق جدوى"للتعليم الابتدائي

0
298

قبل أيام كشف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، أن “أزمة الاستيعاب” لدى تلاميذ التعليم العمومي في المغرب لاتزال مستمرة بعد تسجيل أرقام صادمة عن قدرات التلاميذ في المراحل الأولى من التعليم.

اليوم  أمام نوام الأمة ،نفس الوزير يفضح ضعف مردودية المدرسة العمومية المغربية، ليدرج المواطنين لما يصبوا إليه بأن الوضع الراهن للتعليم العمومي هو الذي عجّل بإعداد خارطة الطريق المدرسية 2022-2026 التي كشفت الوزارة عن مضامينها قبل خمسة أيام.

وفي جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، مساء اليوم الثلاثاء، قال وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ، أثناء تقديمه مؤشرات حول الوضعية التعليمية الراهنية، إن المدرسة العمومية المغربية، رغم وجود إرادة إصلاحية، “لا تضمن اكتساب التعلمات الأساسية، ولا تحظى بثقة المواطنين”.

وبحسب الوزير، أن سبب عدم الوصول إلى النتائج المتوخاة من الإصلاحات التي شهدها قطاع التعليم، راجع إلى “طريقة تنزيل الإصلاحات، وليس إلى غياب إرادة سياسية”، على حد تعبيره.

وتكشف المعطيات الرسمية التي قدمها بنموسى عن ضعف مهول في المكتسبات التعلمية لتلاميذ المؤسسات التعليمية العمومية، ذلك أن 70 في المئة منهم لا يتمكنون من المقرر الدراسي عند إكمال التعليم الابتدائي، وترتفع النسبة إلى 90 في المئة في التعليم الثانوي الإعدادي.

وأفاد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بأن الأزمة التي تتخبط فيها المدرسة العمومية المغربية تفاقمت أكثر خلال فترة جائحة كورونا، حيث أظهرت دراسة شملت 25 ألف تلميذة وتلميذ أن أغلب التلاميذ لا يملكون المكتسبات الضرورية لمواكبة المقرر الدراسي.

واعتبر بنموسى أن الحلول العملية التي جاءت بها خارطة الطريق المدرسية ستحسن جودة المدرسة العمومية، وتروم القطع مع طرق الإصلاح السابقة، وذلك بالتركيز على أجرأتها داخل القسم وتتبع أثرها على التلاميذ.

وأضاف أن خارطة الطريق المدرسية تهدف إلى أن تكون منعطفا نحو تحقيق مدرسة ذات جودة، وتحقيق نهضة تربوية وطنية بما يخدم النهوض بالرأسمال البشري لمواكبة التنمية التي يعرفها المغرب.

وتستبعد المحللة الناشطة، شريفة لومير، في حديث لموقع “الحرة” نجاح خارطة الطريق التي أعلنها الوزير، مشيرة إلى أنه “بدون تحديد الأسباب الحقيقة لأزمة التعليم في المغرب لن يكون لخارطة الطريق جدوى”.

وتقول لومير إن بلوغ هدف مدرسة عمومية بجودة عالية لايزال بعيد المنال.

وتقدم خارطة الطريق مقترحات لتحسين جودة التعليم، ولكن لومير تقول إنه بدون التركيز على مكامن الخلل، والاهتمام بالتلاميذ والمدرسين لن تطبق الخارطة تطبيقا صحيحا.

واعتمد المغرب خلال السنوات الأخيرة سلسلة إصلاحات في قطاع التعليم، بينها تطوير البنى التحتية للمؤسسات التعليمية، ومراجعة المناهج الدراسية، وتوظيف أعداد أكبر من المدرسين.

وبعد تقارير في الإعلام المغربي عن توجه الدولة إلى التراجع عن تدريس اللغة الفرنسية، كشف الوزير أن هناك نية لتقوية تدريسها.

ويعاني التعليم العمومي في المغرب أزمة معقدة، سببت على الخصوص ضعفا كبيرا في مستوى الاستيعاب لدى التلاميذ، ما يشكل “تهديدا جديا” للمنظومة التربوية، وفق تقرير رسمي صدر نهاية العام الماضي. 

الأرقام التي كشف عنها الوزير المغربي ليست مفاجئة، وفق الباحث الإعلامي، يوسف منصف،  إذ إن المختصين في التعليم يدركون أن الوضع ربما أفظع.

ويقول منصف في حديث لموقع “الحرة” إن الأرقام الكارثية لم تأت من فراغ، ويشير إلى أنه ومنذ 2016 بدأت بوادر هذه الأرقام تظهر “بدءا من توظيف أستاذة التعاقد بعد تكوين مستعجل لمدة ستة أشهر فقط وأصبحت لاحقا ثلاثة أشهر”.

ويشير منصف إلى أنه في زمن وباء كورونا اعتمدت السلطات نمط التعليم عن بعد وهو ما لم تكن المدرسة ولا الأهالي مجهزين له.

وينبه منصف إلى مشكل آخر يساهم في هذه الحصيلة وهو اكتظاظ المدارس، إذ في السابق كان المعدل “30 تلميذا في الفصل في المدراس الابتدائية، ولكن حاليا هناك فصول بها 50 تلميذا”، بحسب قوله.

وإضافة إلى الاكتظاظ، هناك مشكل “سياسة الرفع من عدد الأستاذة المتعاقدين” وهؤلاء بحسب الباحث يدخلون في إضرابات طويلة ما أربك خطط الوزراة.

ووفق الوزير، فإنه بموجب الخارطة الجديدة، سيستفيد 3.3 مليون تلميذ من دروس دعم مجانية بحلول 2026 تساعدهم على تجاوز الرسوب.

وبدأ المغرب في 2016 توظيف عشرات الآلاف من المدرسين بعقود مؤقتة. وخاضوا منذ العام 2019 إضرابات طويلة عن العمل وتظاهرات حاشدة جرى أغلبها بدون حوادث، ليتقرر دمجهم في الأكاديميات الجهوية التابعة لوزارة التعليم بعقود دائمة. 

وفي 2021،  أظهرت نتائج دراسة رسمية ضعفا كبيرا في مستوى استيعاب التلاميذ في المغرب لدروس اللغات والرياضيات على الخصوص، ما يشكل “تهديدا جديا” لتطور منظومة التعليم في المملكة، وفق خبراء.

وكشفت الدراسة التي أعدّها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، وهو مؤسسة رسمية استشارية، أن 9 في المئة فقط من تلامذة المستوى الإعدادي في التعليم العمومي يستوعبون مجمل اللغتين والفرنسية والرياضيات، مقابل مستويات أفضل نسبيا لتلامذة التعليم الخصوصي.

 حسب تقرير صادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، تحت عنوان “مدرسة العدالة الاجتماعية، مساهمة في التفكير حول النموذج التنموي”، فإن المدرسة العمومية المغربية تخضع لـ”تأثيرات الفوارق الاجتماعية”.

ويرصد التقرير تأثير الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأسر في المسار الدراسي للأبناء، إذ يؤكد على أن “أوجه العجز الاجتماعي التي تتجلى في الفقر وهشاشة الأسر وأمية الآباء والأمهات والصعوبات التي يجدونها في تتبع دراسة أبنائهم، تؤثر بشكل سلبي في عملية التعلم داخل المدرسة”.

المصدر نفسه يتطرق إلى الفوارق بين النظامين العمومي والخصوصي، إذ يوضح بأن “تراجع جودة المدرسة العمومية نتج عنه ظهور تصور إيجابي للمدرسة الخصوصية والتحمس لها”.

وهنا يسجل المصدر كون التعليم الخصوصي “يشكل، أيضا، علامة تمايز اجتماعي، تميز بين الذين يستطيعون أن يمنحوا لأبنائهم مدرسة مؤدى عنها، وأفضل من غيرها، والذين لا يقدرون على ذلك”.

انطلاقا من ذلك فإن “المدرسة التي كان يرجى منها تعزيز الارتقاء الاجتماعي للفرد، أصبحت منتجة للفوارق”، وذلك “من خلال توفيرها لتربية غير دامجة وغير عادلة”.

تبعا لتلك المعطيات، فإن عضو المجلس، نور الدين عيوش، لا يرى أن المدرسة العمومية تساهم في الترقي الاجتماعي، كما يضيف متأسفا أنها “لم تعد تلعب الدور الذي كانت تلعبه قبل سنوات”.

ويتابع عيوش تصريحه لـ”أصوات مغاربية” مؤكدا على “فشل” المدرسة العمومية، مشيرا إلى أن الكثير من الأسر رغم محدودية دخلها صارت تحرص على تدريس أبنائها في المدارس الخاصة، لعدم ثقتها في المدرسة العمومية، ورغبة منها في تأمين مستقبل أفضل لهم.

ووفقا للمتحدث نفسه، فإن التفوق الدراسي، ليس عاملا كافيا لضمان فرص أفضل على مستوى التعليم العالي أو على مستوى سوق الشغل، حين يتعلق الأمر بخريج مدرسة عمومية، ويفسر هذا الأمر بطبيعة التكوين الذي توفره تلك الأخيرة، والذي لا يمكن، حسبه، التلميذ، من مؤهلات أساسية وضرورية.

“للأسف هم لا يتقنون اللغات، سواء الفرنسية أو الإنجليزية أو الإسبانية ولا حتى العربية” يقول عيوش، مضيفا أن أسلوب التعليم في المدرسة العمومية لا يمكن التلميذ من الإبداع والانفتاح، إذ يعتمدون، وفقه، “الضرب، والحفظ دون فهم”.