وقعت وزيرة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، نادية فتاح علوي، ومدير مكتب بنك التنمية الألماني، ماركوس فاشينا، يوم أمس الأربعاء بالرباط، على قرض تبلغ قيمته 150 مليون أورو (1.6 مليار درهم)، إضافة إلى هبة تصل إلى 15 مليون أورو (150 مليون درهم).
ويندرج هذا القرض الممنوح للمغرب في إطار المرحلة الثانية من “مشروع دعم إصلاحات النظام المالي”، وزيارة العرض التمويلي للمقاولات الصغرى.
ويهدف هذا القرض إلى دعم ومواكبة المشاريع الإصلاحية ذات الأولوية التي التزمت بها السلطات المغربية في جانب تطوير القطاع المالي خاصة في مجالات الشمول المالي وأسواق رأس المال والاستقرار المالي.
من جانبها، أكدت فتاح علوي على علاقات التعاون الاقتصادي والمالي الممتازة بين المغرب وألمانيا، وأهمية مواصلة الجهود للارتقاء بهذه العلاقات لتتوافق مع طموحات البلدين.
ورغم تأكيد المسؤولين في المغرب وجود رصيد من العملة الصعبة في حدود 36 مليار دولار حالياً، وعدم ارتفاع المديونية الخارجية العمومية، حيث تستقر في حدود 38 مليار دولار، إلا أن هناك مخاوف من اللجوء للاستدانة في ظل الظروف الناجمة عن الأجواء العالمية.
ولم تفصح الحكومة، في الفترة الأخيرة، عن سياستها لتمويل الإنفاق الإضافي لمواجهة عجز الموازنة، ما يفتح المجال أمام ترجيح اللجوء إلى الاستدانة من السوق الداخلي أو السوق الخارجي.
وكان قانون مالية العام الحالي، الذي جرى البدء في تنفيذه في يناير/كانون الثاني، توقع أن تصل القروض إلى 11 مليار دولار خلال هذا العام، موزعة بين 4.4 مليارات دولار من السوق الداخلية و6.6 مليارات دولار من السوق الخارجية.
وتطور الدين العام الذي يشمل الدين الداخلي والخارجي منذ 2019 من 59 مليار دولار إلى أكثر من 70 مليار دولار، حيث انتقلت من 64.8% من إجمالي الناتج الداخلي إلى 75.4%، وهي نسبة يرتقب أن تبلغ 77.8% في نهاية 2022.
ويقول الخبير في المالية العمومية محمد الرهج، لـ”العربي الجديد”، إن مديونية الخزانة، ما فتئت ترتفع في الأعوام الثلاثة الأخيرة في شقيها الداخلي والخارجي، ما يطرح التساؤل حول السياسة التمويلية لعجز الميزانية في المغرب.
ويرى أنه كان على الحكومة، من أجل تفادي اللجوء إلى الاقتراض، إجراء إصلاح جبائي لتوفير موارد مالية لتمويل الإنفاق، مضيفا أنه يمكن ألا تمثل الديون الداخلية مشاكل بالنسبة للدولة، إلا أن ارتفاع الديون الخارجية في الفترة الأخيرة يشكل عبئا على الموازنة العامة التي سيكون عليها أداء الفوائد والعمولات سنوياً.
ويعتبر أنه إذا كان المغرب استفاد من معدلات فائدة منخفضة في الفترة السابقة، فإنه يتوقع أن يواجه ارتفاعاً في تكاليف الاقتراض إذا ما قرر اللجوء إلى الاقتراض من السوق الدولية خلال العام الحالي، بسبب صعود أسعار الفائدة ورسوم المخاطر والتأمين.
وفي السياق، كان الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة قد قال، مؤخراً، إن الديون التي يحين سدادها تستدعي غالباً الاستدانة مرة أخرى، وإن أعباء الدين تمثل حيزاً كبيراً على مستوى موازنة الدولة، حيث مثلت أعباء الديون نحو 49.2% من الإيرادات الجبائية الصافية للدولة خلال العام الماضي.
ولفت إلى أن نسبة مديونية الخزانة من إجمالي الناتج الداخلي كانت يمكن أن تكون أكبر من 75.4%، لو لم تعمد الدولة إلى تعبئة موارد عبر الهبات ومساهمات الشركات والموظفين والمواطنين من أجل ضخ إيرادات في صندوق مكافحة جائحة كورونا.
وشدد محافظ بنك المغرب المركزي عبد اللطيف الجواهري على أنه لا يجب أن تذهب القروض لتمويل نفقات التسيير، مشيرا إلى أن القروض يفترض أن توجه للاستثمارات الجيدة، التي تتيح خلق الثروة وتسهل على الدولة سداد الديون، من أجل عدم نقل أعبائها إلى الأجيال المقبلة.