نقابة الصحفيين تستنكر إستخدام القضاء مجددا لقمع حرية الصحافة على خلفية قضية تغريم صحفي رفض الإفصاح عن مصدره

0
214

استغربت نقابة الصحففين في المغرب من خبر تغريم مدير نشر موقع “ناظور سيتي” من طرف المحكمة الابتدائية بالناظور، واعتبرت أن فرض غرامة على الموقع الصحفي بسبب رفضه الكشف عن هوية مصدر معلومات نشرت على الموقع حول شكاية لمواطن ضد أحد الأطباء، يعد تضييقاًً صريحاً على العمل الصحفي.

وبحسب بلاغ النقابة الوطنية للصحفيين المغاربة، فإن الموقع المشار إليه قام بنشر مادة إعلامية مبنية على شكاية أب ضد طبيب يتهمه فيها بالإهمال العمدي المفضي إلى بتر جزء من العضو التناسلي لإبنه أثناء عملية الختان، ليقرر خلالها الطبيب المتهم برفع دعوى ضد الأب، الذي ما لبث أن وجد نفسه مطوقا بتهم تتعلق بترويج ادعاءات كاذبة ونشر صور شخص في مكان خاص دون موافقته، والمساس بنظام المعالجة الآلية لمعطيات ذات طبيعة شخصية.

وأشارت النقابة أن المحكمة قامت باستدعاء الممثل القانوني للموقع الإلكتروني باعتباره شاهدا فقط، قبل أن تطلب منه لاحقا الكشف عن مصدر الشكاية التي نشرها، لتحديد ما إذا كان الأب مصدرها، وأمام رفض الاستجابة لهذا الطلب، وهو الرفض الذي تحميه المدونة القانونية المتعلقة بالصحافة والنشر، طالبت النيابة العامة بتغريمه، لتستجيب المحكمة لها مقررة غراة بقيمة عشرة آلاف درهم.

وأكدت أن عدم كشف الصحفي عن مصادره يجد سنده في المادة 5 من قانون الصحافة والنشر، التي تنص على أن سرية مصادر الخبر مضمونة ولا يمكن الكشف عنها إلا بمقرر قضائي، وإلا في حالات القضايا المتعلقة بالدفاع الوطني، وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد ما لم تكن لها علاقة بالحياة العامة”.

وشددت النقابة على أن هذه الشروط لا تتوفر في هذه القضية، مؤكدة أنها تراهن على المرحلة الاستئنافية لتصحيح ما تعتبره تأويلا معيبا لمواد قانونية، داعية إلى الإعمال السليم لمقتضيات مدونة الصحافة والنشر والرأي، بما ينسجم مع المقتضيات الدستورية، ومع نوايا الدولة المعلنة بتوسيع فضاء الحريات. 

وسجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان “تراجعاً استثنائياً وغير مسبوق” في ما يخص حرية الرأي والتعبير خلال العام الماضي، داعية في تصريح صحافي الخميس (13 كانون الثاني/يناير 2022) إلى “الكف عن استعمال قضايا الحق العام لمحاكمة الصحافيين“. 

وأدانت الجمعية في التصريح الذي قدم خلال مؤتمر صحافي حول أوضاع الحريات العامة للعام 2021 “استمرار الاعتقالات والمحاكمات التي طالت الصحافيين والمدونين، في إطار سياق سلطوي متسم بالقمع والتضييق على الحريّات الإعلامية”.

وأحصى التقرير 170 حالة لصحافيين ومدونين ونشطاء في حركات اجتماعية في مدن مختلفة تمت ملاحقتهم، أو اعتقالهم، “بسبب آرائهم”. وذكر من بينهم الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي اللذين أدينا العام الماضي بالسجن 5 أعوام و6 أعوام توالياً، في قضيتي “اعتداء جنسي” و”تجسس” بالنسبة للراضي. وفي العام 2018 حكم على الصحافي توفيق بوعشرين بالسجن 12 عاماً في قضية “اعتداءات جنسية على ثماني ضحايا”، قبل أن تشدد العقوبة إلى 15 عاماً في الاستئناف. وجميع هؤلاء الصحافيين أنكروا التهم الموجهة إليهم معتبرين أنهم حوكموا بسبب آرائهم.

ودعت الجمعية، الأكبر من نوعها في المغرب، إلى “الكف عن استعمال قضايا الحق العام لمحاكمة الصحافيين بسبب عملهم الصحافي”. وسبق لجمعيات حقوقية مغربية ودولية أخرى أن دعت لتمكين الصحافيين من الاستفادة من إفراج موقت وضمانات محاكمة عادلة.

ورداً على هذه الدعوات أكدت السلطات المغربية في عدة مناسبات على أن هذه الملاحقات “تخص قضايا حق عام لا علاقة لها بحرية التعبير”، مشددة على استقلال القضاء. وكانت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان أكدت في تقرير لها مؤخراً “عدم وجود أي تردد أو تراجع يخص الإرادة العليا للدولة التي ظلت على الدوام، منفتحة، ومتطورة وحاسمة في اختيارات حقوق الإنسان”، مدينة “الاستغلال السياسوي الأجنبي لحرية التعبير”.