قبل وقت قريب كانت مباريات كأس العالم متاحة للجميع، كان ذلك قبل ظهور التشفير الذي بدأ من مونديال فرنسا 1998، وهي التقنية التي خدمت الأثرياء الأقل عددا، وضرت الفقراء الأكثر، والتشفير جعل الفيفا يبيع حقوق النقل التلفزيوني لهذا المونديال بثلاثة مليارات دولار (ما يزيد على 32079000000,00 درهممغربي )، ثم وصلت العدوى إلى الاتحادات القارية، فالمحلية كالسعودية التي شفرت مبارياتها وبيعت بمبالغ باهضة!
في هذا الصدد ، دعا نشطاء في المغرب السلطات إلى التدخل لوقف ما وصفوه بـ”جشع” أرباب المقاهي الذين يعرضون مباريات كأس العالم مقابل أسعار وصفوها بـ”الخيالية”.
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى نطاق واسع صورا لإشعارات تخبر رواد المقاهي بتغيير في أسعار المشروبات خلال المباراة المقبلة، التي ستجمع غدا، المنتخب المغربي بنظيره البلجيكي.
وفق المشورات المتداولة، رفعت بعض المقاهي أسعار مشاهدة مباريات منتخب “أسود الأطلس” إلى 30 درهما (نحو 3 دولارات)، فيما تحدث آخرون عن 40 درهما في بعض المناطق السياحية.
وعلقت جمعية حماية المستهلك بالعروي (شمال) على الإعلانات المتداولة، وقالت إن السبب يعود إلى “غياب آليات المراقبة من السلطات المختصة”.
في المقابل، يراهن أرباب المقاهي في المغرب على فترة المونديال لتجاوز التراجع الذي شهده القطاع خلال جائحة فيروس كورونا خلال العامين الماضين، خصوصا فترة الإغلاق العام التي دامت لأشهر.
وفي تصريح صحفي، اشتكى أحمد بفركان، المنسق الوطني للجمعية الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم بالمغرب، من تداعيات الجائحة ومن ارتفاع الضرائب المفروضة على القطاع.
وقال إن المهنيون بات على كاهلهم نحو 18 ضريبة ورسما يجب أداء بعضها كل ثلاثة أشهر. وأشار إلى أن بعض أصحاب المقاهي لم يستطيعوا اقتناء بطاقات اشتراك البث الحصري لمباريات المونديال البالغة حوالي 10 آلاف درهم (نحو ألف دولار).
ويواجه المنتخب المغربي، الذي يشارك في نهائيات كأس العالم للمرة السادسة في تاريخية والثانية على التوالي، المنتخب البلجيكي على ملعب “الثمامة”، غدا الأحد.
وأنهى “أسود الأطلس” المباراة الأولى أمام كرواتيا بالتعادل السلبي 0-0، بينما تمكن المنتخب البلجيكي من الفوز بهدف دون رد على المنتخب الكندي.
في ظل الحرمان الذي ظل يطوق الفقير بقيت كرة القدم متعة وحيدة يستطيع أن يتلذذ بها تنسيه همومه بعض الوقت، كان هذا يحدث منذ أن ولدت كرة القدم وأخذت أجهزة التلفزيون تنقلها إلى منزله (في مونديال 1958 نقلت المباريات إلى 8 دول، بينما نقل مونديال 2002 إلى 213 دولة) لكنها متعة اختفت الآن مع ظهور مصاصي نقود المحتاجين والمعوزين تحت ذريعة واهية كاذبة هي تطوير كرة القدم العالمية، أنا هنا لا أتحدث عن أثرياء أوروبا والخليج، بل عن فقراء أفريقيا والبرازيل عاشقي كرة القدم.
خلال العشرين سنة الماضية تضاعفت مدخولات (الفيفا) عشرات المرات بفضل رفعه أسعار تقديم الخدمة، وصار اتحادا رأس ماليا تعجز السيطرة عليه، وهذا ما سبب ارتفاعا عالميا لسعر كرة القدم جاءت على شكل مرتبات اللاعبين التي ارتفعت بشكل جنوني، وكذلك المدربين، وتكلفة الاشتراك بالقنوات، وتذاكر دخول المباريات …الخ، اسأل أي مشجع رياضي عن من أمتعه أكثر، هل هو البرازيلي بيليه الذي كان في بداياته يتقاضى من فريقه سانتوس مرتبا قدره 900 ريال في الشهر، أم البرازيلي كاكا الذي ينال مرتبا من ريال مدريد الأسباني يزيد على 3,5 ملايين ريال في الشهر؟!
بسبب سياسة الفيفا الجشعة تضرر الكثرة واستفاد القلة كاللاعبين، ومثال ذلك الأرجنتيني ميسي البالغ من العمر 23 عاما الذي يصل دخله السنوي إلى 33 مليون يورو، أي نحو 164 مليون ريال، ولم تقدم هذه الثروات أية إضافة إمتاعية لكرة القدم، بل صارت ميتة بفضل القضاء على المهارات الفردية، والاعتماد على الانغلاق الدفاعي، وإرهاب الموهوبين باستعمال الخشونة معهم.
إذن، الجشع هدم كرة القدم ولم يبنها، فكرة القدم حينما كانت تقدم بشكل بسيط في زمن بيليه، وبيكنباور، وريفيلينو، وسقراط، وحتى مارادونا هي أفضل منها الآن، بعد أن غدت معقدة في كل شيء، وخير مثال نهائيات كأس العالم الحالية.
أتدرون ما المشكلة الكبرى؟ حينما تضيع حقوق بيع النقل التلفزيوني فلا يدرى أي أرض بلعتها؟!