هل ستوفر الحكومة الاحتياجات الأساسية (الغذاء والمسكن والخدمات الأساسية، وخدمات الصحه والتعليم والمواصلات…)
يعد المغرب ثالث منتج للفوسفات في العالم إذ يختزن 75 بالمائة من الاحتياطي العالمي من الفوسفات المهم في صناعة الأسمدة. وتساعد صادراته من الأسمدة في تخفيف أزمة الغذاء في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء.
الرباط – كشفت مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، بأن قيمة صادرات قطاع الفوسفاط ومشتقاته قد بلغت 100 مليار درهم عند متم شهر أكتوبر الماضي، بارتفاع بنسبة 63 في المئة، مقابل 47,8 في المئة قبل سنة.
وأوضحت المديرية، في مذكرتها حول الظرفية برسم شهر نونبر 2022، أن “هذه الصادرات تجاوزت لأول مرة عتبة الـ100 مليار درهم”، مبرزة أن هذا الأداء يعزى إلى تصاعد شحنات مشتقات الفوسفاط بنسبة 63,9 في المئة (بعد زائد 52,8 في المئة) الفوسفاط الصخري بنسبة 56,1 في المائة (بعد زائد 18 في المائة)، مستفيدة بشكل خاص من تأثير الأسعار.
ومن جانبه، استمر مؤشر إنتاج قطاع الاستخراج في التراجع خلال الربع الثالث من سنة 2022، مسجلا بذلك انخفاضا بنسبة 19 في المائة بعد ناقص 15,6 في المائة خلال الربع الثاني من سنة 2022 وناقص 10,1 في المائة خلال الربع الأول من سنة 2022. ويعزى هذا التطور خلال الربع الثالث إلى انخفاض مؤشر إنتاج مختلف منتجات الصناعات الاستخراجية بنسبة 19,7 في المائة، مخففا بارتفاع مؤشر إنتاج الخامات المعدنية بنسبة 1,9 في المائة.
وانخفض مؤشر إنتاج قطاع الصناعات الاستخراجية برسم متم الأشهر التسعة الأولى من سنة 2022 بمتوسط 14,9 في المائة، عوض ارتفاع قدره 3,6 في المائة خلال السنة الفارطة. وبالموازاة مع ذلك، انخفض إنتاج الفوسفاط الصخري بنسبة 16,1 في المائة عند متم شتنبر 2022، بعد زيادة قدرها 3,3 في المائة خلال السنة الماضية.
ومن المرجح أن الانخفاض المسجل في إنتاج الفوسفاط ومشتقاته يعزى، جزئيا، إلى تراجع حجم الطلب الدولي على هذه المنتجات، في سياق العرض المتأثر بالصراع الروسي الأوكراني وانخفاض الصادرات الصينية. كما يمثل هذا الوضع السبب الكامن وراء الارتفاع الحاد الذي تشهده أسعار هذه المنتجات.
وتعتبر هذه الزيادة العامة، التي تشهدها أسعار منتجات الفوسفاط ومشتقاته، كبيرة مقارنة بأسعار السنة الفارطة، وذلك على الرغم من التباطؤ الملموس في وتيرة ارتفاع أسعار مشتقات الفوسفاط خلال الربع الثالث من سنة 2022، تحت تأثير انخفاض أسعار الكبريت بشكل كبير.
وقد ساهمت الزيادة الكبيرة في الأسعار في تعويض تراجع حجم الطلب، مما سمح لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بتحقيق رقم معاملات بلغ 89,5 مليار درهم برسم متم الأشهر التسعة الأولى من سنة 2022، بزيادة قدرها 55 في المئة. وتعزى هذه الزيادة إلى ارتفاع رقم معاملات الصخور بنسبة 74 في المائة والأسمدة بنسبة 68 في المائة.
في المقابل، يعد المغرب ثالث منتج للفوسفات في العالم إذ يختزن 75 بالمائة من الاحتياطي العالمي من صخور الفوسفات المستخدم في صناعة الأسمدة إذ بلغت احتياطات الفوسفات في المغرب والصحراء الغربية المتنازع عليها والتي يسيطر المغرب على 80 بالمائة من مساحتها، قرابة 50 مليار طن.
ومنذ عقود، قرر المغرب بدلا من الاكتفاء بتصدير المواد الخام من الفوسفات أن يصبح أحد أكبر منتجي الأسمدة في العالم فيما قررت مجموعة الفوسفات المغربية المملوكة للدولة (OCP) عام 2020 الاستحواذ على 54٪ من الحصة السوقية من صادرات الأسمدة إلى أفريقيا.
ولكن عندما يفشل الدعم المالي الدولي وكذا القروض الدولية والسياسات المحلية في وضع حدٍّ للفقر ويتساوى المغرب الغني بالثروات في معدل الفقر مع الصومال وزيمبابوي يتَّضح أنّ هناك خللا كبيرا في السياسات المنتهجة والتي تزيد الفقير فقراً والغني غنى.
يصنَّف المغرب من بين أكثر الدول العربية تفاوتاً في توزيع الثروة والدخل، حيث ما زال المشهد الاجتماعي في المغرب يتَّسم بغياب العدالة الاجتماعية والتوزيع غير العادل للمداخيل والثروة إلى يومنا هذا.
وإن واصلت السلطات على هذا المنوال ستحطِّم المغرب مستقبلاً جميع الأرقام القياسية في اتّساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، حيث توثِّق الإحصائيات المتاحة لدى البنك الدولي حول توزيع دخل الأسر التفاوت الصارخ في توزيع الدخل والثروة في المغرب.
فقد قُدِّر نصيب أفقر 20 بالمائة (الخمس الأدنى على سلم توزيع الدخل) بـ6.7 بالمائة سنة 2013، بينما قُدِّر نصيب أغنى 20 بالمائة (الخمس الأعلى) بـ47 بالمائة سنة 2013، أي أنّ أغنى 20 بالمائة من المغاربة يستحوذون على 47 بالمائة من الدخل مقابل 6.7 بالمائة لأفقر 20 بالمائة من المغاربة، كما بلغ نصيب أفقر 10 بالمائة (العشر الأدنى على سلم توزيع الدخل) 2.7 بالمائة سنة 2013، مقابل 31.9 بالمائة لأغنى 10 بالمائة (العشر الأعلى على سلم توزيع الدخل).
إن المشكل في بلادنا، ليس مشكل تضخم ظرفي وطارئ، يمكن التغلب عليه ببرامج وإجراءات أو بخلق صناديق ، و إنما هو مشكل بنيوي ومستدام ؛ إنه مشكل الفقر.
هذا الفقر الذي يتخذ أشكالا متنوعة اليوم، تشمل ليس فقط انهيار القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين ، وإنما انعدام الدخل أصلا، وقلة الموارد الكافية لضمان مستوى معيشي لائق؛
ومن مظاهر هذا الفقر، الجوع، وسوء التغذية، وسوء الصحة، والوصول المحدود أو المعدوم إلى التعليم ، وغيره من الخدمات الأساسية؛ كذلك انتشار الأمراض والوفيات، وانعدام المؤن والسكن غير المناسب، والعيش في بيئة غير آمنة، بالإضافة إلى انعدام المشاركة في صنع القرارات في الحياة المدنية والاجتماعية.
ولمكافحة الفقر أو على الأقل تقليصه، نحتاج إلى إستراتيجيات وطنية مندمجة، تتعدى مجرد خلق الصناديق، استراتيجيات تعمل على زيادة امتلاك الفقراء للأراضي، خاصة في القرى والبوادي؛ وتكوين اليد العاملة؛ والزيادة في عوامل الإنتاج المتاحة للفقراء؛ واستمرار هدف مكافحة الفقر في المخططات الوطنية للتنمية، وذلك في أفق إعادة اعتبار خط الفقر، ليأخذ في حساباته احتياجات الحياة الضرورية للمواطنين، من غذاء وغيره، حتى يعكس ذلك حقيقة الأبعاد المتعددة لطبيعة الفقر ونوعية الاحتياجات الأساسية (الغذاء والمسكن والخدمات الأساسية، وخدمات الصحه والتعليم والمواصلات…)؛ والرفع من فرص المساهمة الإيجابية المتاحة أمام الفقراء ومحدودي الدخل في عملية التنمية الاقتصاديه؛ كذلك تبني إستراتيجية لتوزيع المداخيل في كل السياسات والبرامج التنموية، وأن يكون هدفها الأول مكافحة الفقر المدقع، وإعادة هيكلة العمالة، وزيادة تنميه الأعمال التجارية والصناعية للأغلبية الفقيرة من السكان؛ مما قد يفضي في النهاية، إلى انخفاض معدلات الفقر، وتقليص الفوارق في المداخيل بين المجموعات المختلفة.
وبالإضافة إلى كل ما ذكر، وإلى جانب سياسة الدعم المباشر، التي تنوي الدولة العمل بها، والتي ستستهدف الفقراء، وخاصة الذين هم في وضعية هشة، أسرا وأفرادا؛ والتي يجب أن تشمل تقديم إعانة شهريه، ليس فقط لمن يعيل أسرة، بل ومن يعيل نفسه بنفسه، أو يعيل معاق، وهو غير قادر على العمل لسبب أو لآخر.
رصدت دراسة حول « دينامية الفقر في المغرب » ، بأن معدل الفقر المدقع انخفض بشكل ملحوظ منذ سنة 2001 ليمثل 1,2 في المائة فقط في 2019، في سياق تحسن شامل في مستوى عيش المغاربة، وخاصة في الوسط الحضري، مشيرة إلى أن حوالي 45 في المائة من المغاربة يعتبرون في 2019 « فقراء ذاتيا » (38,6 في المائة في الوسط الحضري و58,4 في المائة في الوسط القروي)، مسجلة أن الفقر الذاتي (الذي يمثل النسبة المئوية لأرباب الأسر الذين يعتبرون أنفسهم في حالة فقر) يطال جميع الطبقات الاجتماعية ولكن بمستويات مختلفة.
وأوضحت الدراسة التي أنجزها المرصد الوطني للتنمية البشرية، و تم تقديم نتائجها ،في ندوة افتراضية، أن معدل الفقر النسبي انخفض بدوره بين سنتي 2001 و2019، من 20,4 في المائة إلى 17,7 في المائة، ولا يزال معدل الفقر النسبي عند مستوى مرتفع، خاصة في الوسط القروي حيث بلغ 36,8 في المائة سنة 2019. وخلال نفس الفترة، انخفض معدل الفقر النسبي في الوسط الحضري من 9 في المائة إلى 6,4 في المائة.
ونجمل أبرز خلاصات الدراسة في النقط التالية:
*معدل الفقر المدقع انخفض بشكل ملحوظ منذ سنة 2001 ليمثل 1,2 في المائة فقط في 2019، في سياق تحسن شامل في مستوى عيش المغاربة، وخاصة في الوسط الحضري.
*معدل الفقر النسبي انخفض بدوره بين سنتي 2001 و2019، من 20,4 في المائة إلى 17,7 في المائة. ولا يزال معدل الفقر النسبي عند مستوى مرتفع، خاصة في الوسط القروي حيث بلغ 36,8 في المائة سنة 2019. وخلال نفس الفترة، انخفض معدل الفقر النسبي في الوسط الحضري من 9 في المائة إلى 6,4 في المائة.
*حوالي 45 في المائة من المغاربة يعتبرون في 2019 “فقراء ذاتيا” (38,6 في المائة في الوسط الحضري و58,4 في المائة في الوسط القروي)،
*معدل الفقر الذاتي كان بنسبة 55,7 في المائة ضمن ال20 في المائة من الأشخاص الأكثر فقرا، و26,7 في المائة ضمن ال20 في المائة من الأشخاص الأكثر رفاهية.
*عرف 48,5 في المائة من السكان تجربة واحدة على الأقل من الفقر بين عامي 2012 و2019.
*نحو 18,2 في المائة من الأفراد، بين 2012 و2019، في حالة فقر مزمن (34,4 في المائة في الوسط القروي مقابل 5,5 في المائة في الوسط الحضري). أما بالنسبة للفقر العابر، فقد هم 30,3 في المائة من الأفراد على المستوى الوطني (21,9 في المائة في المناطق الحضرية مقابل 41,3 في المائة في المناطق القروية).
*دراسة التحركات عبر خط الفقر النسبي بين عامي 2012 و 2019 أظهرت أن الفرد الذي يعيش في أسرة فقيرة لديه فرصة بنسبة 56 في المئة للخروج من هذا الوضع ، في حين أن خطر الدخول في براثن الفقر لدى فرد من أسرة غير فقيرة هو 13.7 في المئة.
*احتمالية بقاء فرد فقير في عام 2012 فقيرا في عام 2019 بلغت 43,3 في المائة،
* مقارنة بالعينة التي تمت دراستها بين 2012 و2019، فإن المرور بتجربة أولية للفقر يزيد من خطر الدخول في الفقر مرة أخرى.