المعارضة تشكو “الغياب المتكرر لوزراء حكومة أخنوش في جلسات الأسئلة الشفوية”..الحركة “1200 سؤال لم تتلقى عليها أية إجابة”

0
443

تعرض وزراء حكومة عزيز أخنوش، الاثنين، لانتقادات حادة من قبل الكتل المعارضة في مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى للبرلمان)، جراء غياب عدد منهم عن الجلسات العامة واجتماعات اللجان الدائمة بمجلس النواب، وكذا ضعف تجاوب آخرين مع أسئلة البرلمانيين.

بدورها، جددت فرق المعارضة بالبرلمان انتقاداتها للحكومة، بسبب تخلف الوزراء على الحضور في جلسات البرلمان، وعدم التفاعل مع الأسئلة البرلمانية.

وقال رئيس الكتلة النيابية لحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” عبد الرحيم شهيد إنه على الوزراء أن يجيبوا في أجل 20 يوما على الأسئلة الكتابية، حسب النظام الداخلي لمجلس النواب.

ونبه شهيد في جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، اليوم الاثنين، بمجلس النواب، أن الحكومة لا تحترم هذا الأجل، وهذا الأمر لا يخص الفريق الاشتراكي لوحده.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتفجر فيها الخلاف بين البرلمان والحكومة بخصوص غياب الوزراء عن جلساته، إذ على امتداد الولايات السابقة، كان “الغياب المتكرر” لبعض الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفهية، وعدم التجاوب مع العديد من المبادرات التشريعية النيابية، يثيران جدلا داخل المؤسسة التشريعية المغربية. 

ويلح النواب على ضرورة تقديم أعضاء الحكومة أسبابَ الغياب المتكرر لتفهمها، بعد أن تحولت لظاهرة غير مفهومة، وبعد أن تحوّل الغياب المتكرر إلى إشارات سلبية موجهة للمؤسسة التشريعية وللمواطن على حد سواء، ذلك أن الحضور الحكومي يشكل موعد التقاء مع الشعب عبر نوابه. 

وإلى جانب غياب وزراء حكومة أخنوش عن مجلس النواب، أثارت المعارضة ،على لسان رئيس الكتلة النيابية لحزب “العدالة والتنمية” عبد الله بوانو، ضعف تجاوب الوزراء مع أسئلة البرلمانيين، مشيرا إلى أن  المعارضة تتفهم أنه في الدورة الأولى للبرلمان وفي السنة الأولى للحكومة أن يغيب رئيس الحكومة.

وأشار أنه في هذه الدورة من غير المقبول أن لا تحضر الحكومة في جلسة الأسئلة الشفوية، خاصة مع تراكم الكثير من الأسئلة.

من جهته، قال الفريق النيابي لحزب “الحركة الشعبية” إنه تقدم بأزيد من 1200 سؤال ولحد الساعة لم تتلقى عليها أية إجابة.

ولفت إلى أن هذه الأسئلة تندرج في إطار تتبع قضايا المواطنين والرقابة البرلمانية على الحكومة.

انتقادات فرق ومجموعات المعارضة رد عليها رشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، بالقول إن الحكومة تتفاعل إذا ما توفرت الأسئلة والاتفاق بين الفرق والمجموعات البرلمانية للمجلس والحكومة، هذا ما يقوله القضاء الدستوري في هذا الشأن. 

ولم يتعد عدد الأجوبة التي قدمتها الحكومة عن الأسئلة الكتابية لأعضاء مجلس النواب، خلال الفترة الفاصلة ما بين الدورة الخريفية والدورة الربيعية التي انطلقت الجمعة الماضية، ثلث الأسئلة المطروحة.

وبلغ عدد الأسئلة الكتابية التي توصل بها مكتب مجلس النواب خلال الفترة الفاصلة بين الدورتين 1405 أسئلة، أجابت الحكومة عن 287 سؤالا منها؛ بينما بلغ عدد الأسئلة الشفهية التي توصل بها المجلس خلال الفترة نفسها 825 سؤالا.

تحدي كبير يواجه الحكومة والاستقرار في المغرب بشكل عام يتأتى من وجود معارضة برلمانية هشة ومشتتة وغير منسجمة سياسياً وأيديولوجياً، معارضة خليط من أحزاب يسارية وعلمانية وإسلامية وإدارية وبينها تاريخ طويل من الخصومة والاتهامات المتبادلة. 

الحكومة القوية والنظام السياسي القوي يحتاج أيضا لمعارضة برلمانية قوية تراقب عمل الحكومة ولها القدرة على ضبط وامتصاص غضب الجماهير وتحريك الشارع، إن دعت الضرورة، في إطار القانون واحترام المؤسسات وبما يمنع من اختراق فضاء المعارضة من اية اطراف معادية. وحتى تقوم المعارضة بهذا الدور يجب أن تلمس بأن لديها فرصة للتناوب والتداول على السلطة وليست مجرد ديكور لإضفاء طابع ديمقراطي على النظام السياسي، وقد سبق لرئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل أن قال “لو لم يكن هناك معارضة لخلقناها”، وذلك ادراكاً منه أن لا ديمقراطية حقيقية بدون معارضة حقيقية مؤهلة لاستلام السلطة في الانتخابات القادمة، فضمان تداول السلطة أهم مرتكزات الديمقراطية.

فقد أثبتت التجربة السياسية في المغرب وفي تجارب عالمية أخرى أن معارضة برلمانية ضعيفة وحكومة قوية موالية بالمطلق للقصر قد يُفقِد النظام السياسي درجة من التوازن المطلوب ما بين الحكومة والسلطة من جانب والمعارضة من جانب آخر، وهو توازن سعى إليه الملك الراحل الحسن الثاني منذ الثمانينيات حيث تحدث في أكثر من مناسبة عن تصوره لعلاقة بين الحكومة والبرلمان وبين السلطة والمعارضة ككفتي الميزان بحيث لا ترجح كثيراً كفة على أخرى، وكان الملك الحسن الثاني مدركاً لأهمية وجود معارضة برلمانية قوية حتى يقطع الطريق على أية جماعة سياسية لتمارس المعارضة من خارج قبة البرلمان وخارج المؤسسات الرسمية، وخصوصاً في عهده كانت قوى معارضة غير رسمية وغير قانونية تشكل تهديداً للنظام بل وحملت السلاح ضد النظام والدولة.

لا شك أن البيئة السياسية الوطنية والعالمية تبدلت والمغرب في عهد الملك محمد السادس قطع شوطاً كبيراً في مساره الديمقراطي من خلال تنازلات متبادلة ما بين المؤسسة الملكية وقوى المعارضة مصحوباً بنضج ووعي شعبي ووجود شبه إجماع حول المؤسسة الملكية التي تلعب دور الحَكَم والضامن للاستقرار والاستمرارية، وخفوت حدة الاستقطاب الأيديولوجي الذي كان مصدره بداية الثنائية القطبية الدولية ثم لاحقا صعود الإسلام السياسي في موجة ما يسمى الربيع العربي، كما أن التعديلات الدستورية المتعاقبة منحت للمعارضة البرلمانية مهام وصلاحيات مهمة بغض النظر عن قوتها البرلمانية، فدستور 2011 وفي الفصل 60 استعمل لأول مرة مصطلح المعارضة وخولها مجموعة من الصلاحيات تجعلها شريكاً في وظيفة التشريع والمراقبة ورئاسة اللجان الخ. بالرغم من كل ذلك فإن حديث المعارضة عن وجود تجاوزات وتزوير خلال الانتخابات وتحديات تداعيات الكورونا وأزمة المناخ وانعكاساتها الاقتصادية وزيادة التوتر بين المغرب والجزائر سيضع تحديات كبيرة أمام الحكومة والنظام السياسي ككل ومن هذه التحديات هشاشة المعارضة وعدم تجانسها، فحتى مع الصلاحيات الممنوحة لها دستورياً والحقوق المنصوص عليها قد تكون عاجزة حتى عن القيام بهذه المهام والحقوق بجدارة.