“تضارب المصالح” وضع يمكّن هيئة أو شخصا ما من تحقيق مصلحة مادية أو معنوية على حساب الواجبات الوظيفية. وتسعى الحكومات والهيئات إلى مكافحته بقوانين وسياسات عملية، حفاظا على الحكامة الرشيدة وسمعة الهيئة ونزاهة الموظفين ومصالح الآخرين.
طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام وزير الداخلية “عبد الواحد لفتيت” بعزل رئيس جماعة المحمدية هشام آيت منا بسبب تضارب المصالح واستغلال النفوذ.
تأتي تلك المطالب بعدما أكد محمد الغلوسي رئيس الجمعية إن تقارير صحفية تتحدث عن كون رئيس جماعة المحمدية المثير للجدل يشغل في نفس الوقت رئيس الشركة الرياضية لنادي شباب المحمدية التي تستفيد من دعم مالي عمومي من جماعة المحمدية، كما أن الجمعية الخيرية الإسلامية تستفيد من نفس الدعم والتي يتولى رئيس جماعة المحمدية هشام أيت منا رئاستها بدورها.
وقال «الغلوسي» عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أن هذه الحالة تشكل امتدادا لحالات كثيرة حيث يتداخل الشأن السياسي مع الشأن الرياضي، ويكون الواحد في خدمة الآخر، وتستغل المراكز الوظيفية لتبادل المنافع وتعميق الريع واستغلال النفوذ.
وأضاف “يسمح هذا التمازج في هدم الخطوط الفاصلة بين المجالين، والمساهمة في تكوين شبكات من المصالح والمنافع المعقدة، ومن تلك الشبكات يتكون جيش من الأنصار والأتباع، والذين يهتفون بإسم الرئيس عند كل صافرة نظير مايتلقونه من دعم سخي من المال العام عبر جمعيات لا توجد إلا على الورق وتسمى زورا ب”المجتمع المدني ” والتي يتم اللجوء إليها في “التحياح” وحمل ولي النعمة على الأكتاف وتقديمه كمنقذ وبطل”.
وتابع “نفس الشبكات والجمعيات التي تضمن للرئيس ولفريقه العودة من جديد إلى دفة التسيير من بوابة الإنتخابات، وهكذا يتم هدر المال العام في إرضاء الأنصار وضمان الولاء وتؤدي المدن ضريبة ذلك من بنياتها التحتية وخدماتها العمومية”.
واعتبر الغلوسي أن قضية رئيس جماعة المحمدية تشكل حالة واضحة لتنازع وتضارب المصالح طبقا للمادة 64 من القانون التنظيمي رقم 14-113 المتعلق بالجماعات المحلية، ويبقى السؤال المطروح هو هل ستتدخل وزارة الداخلية في شخص عامل المحمدية لممارسة مسطرة العزل ضد رئيس الجماعة.
وخلص إلى أن الرأي العام يتطلع إلى أن تمارس وزارة الداخلية دورها القانوني في تخليق الحياة العامة وحكامة الجماعات الترابية وعدم السماح باستغلال تلك الجماعات لربط مصالح خاصة معها.
في سياق متصل ، عاد فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم، ليطمئن الجماهير المغربية التي ما تزال تنتظر نتائج التحقيقات التي طالت ملف تذاكر مونديال قطر.
وتم التلاعب في التذاكر بكيفية حرمت الآلاف من الأنصار الذين سافروا صوب الدوحة وظلوا محاصرين بالمطار، من حضور مباراة نصف النهائي بين الأسود وفرنسا.
أكدت تقارير سابقة تورط مسؤولين رياضيين في هذه الفضيحة، وتم الترويج لمقاطع فيديو وتسجيلات صوتية أدانت البعض.
لقجع أكد في مؤتمر صحفي بعد جلسة حكومية بحضور وسائل الإعلام: “فليطمئن الجميع، هذا الملف لم يغلق مثلما ساد الاعتقاد”.
وزاد: “الجهات القضائية التي سهرت وما تزال تسهر على التحقيقات تشتغل في سرية واقتربت من غلق الملف كاملا”.
وأكمل لقجع: “لقد صادفت تشعب الواقعة وتورط عدة أطراف، وكان لزاما التأني قبل الحكم كي لا يظلم أي فرد، لكن مقابل هذا لن يكون هناك أي تساهل مع من سيثبت تورطه وستطاله عقوبات قاسية قد تصل حد إنهاء مساره الرياضي للأبد إن كان له صلة بالمجال”.
وختم: “تعاملنا بالتزام أخلاقي في تعقب هذه القضية، ونحن نواكب كل شيء لكن مع احترام سرية التحقيقات واستقلالية الجهة المخول لها التقصي بطبيعة الحال”.
وتشير التقديرات إلى أن الفساد يكلف الاقتصاد الوطني حوالى خمسة مليارات دولار، أي حوالى 5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، علماً بأن متوسط النمو الاقتصادي لا يتعدى 3 في المائة.
وتعتبر الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن التقديرات تشير إلى أنّ الفساد يمثّل ما بين 2 و5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، غير أنها تشدد على أنه يصعب توفير بيانات دقيقة حول حجم تأثير تلك الآفة على الاقتصاد الوطني.
ويتصور خبراء أن الفساد يمكن أن يكون من معوّقات النموذج التنموي، حيث يشجع القطاع غير الرسمي واقتصاد الريع ويؤثر في قدرات الفاعلين الاقتصاديين ويفضي إلى ضعف النشاط وانتشار البطالة.
وتعتبر الهيئة أن “إعادة بناء الثقة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر مجهود وطني قوي ومكثف لتحقيق بؤر الفساد وتحجيم آثاره السلبية على التنمية، وخصوصاً انعكاساته على تقادم الفوارق الاجتماعية والترابية”، مشددة على أن تدعيم الحوكمة وقواعد النزاهة، تعدان ركيزتين حاسمتين من أجل سيادة دولة القانون.