هجرة الممرضين والممرضات في #المغرب إلى الخارج، خصوصاً إلى كندا وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية الأخرى، الشيء الذي أفضى إلى نقص واضح في أعداد هذه الفئة المهنية في قطاع الصحة، وذلك وفق تقارير نقابات الممرضين.
تأتي تصريحات سفير الفلبين بالمغرب، ليزلي باجا، لتأكد أن المغرب مقبل على استقدام ممرضات فلبينيات للعمل بالبلاد، رغم الكثير من الجدل الذي أثارته هذه التصريحا ، في وقت يسجل القطاع الصحي بالمغرب خصاصا في الأطر الصحية.
وتفيد إحصاءات متطابقة بأن المغرب يحتاج إلى 64.774 ممرضاً وعامل صحة، لتغطية الحد الأدنى من احتياجات القطاع الصحي البلاد، وهو وضع يزداد تأزماً جراء الهجرة المتواصلة لـ”ملائكة الرحمة” إلى الخارج، سيما خلال مرحلة جائحة كورونا وبعدها أيضاً.
وقال السفير ليزلي في تصريحات لوكالة أنباء بلاده، نقلتها وسائل إعلام محلية، “لقد فوجئت، أثناء أحد الاجتماعات، الأسبوع الماضي، حينما تم إخباري بأنه يمكن استقدام ممرضات فلبينيات للعمل في المغرب”.
وأضاف بحسب ما نقل موقع “هسبريس” المحلي “يجب أن تكون هناك آلية لأن القوانين في الوقت الحالي لا تسمح، إذا لم أكن مخطئا، للممرضات الأجنبيات بالعمل في المغرب لكن إذا فتحوا السوق فسيكون ذلك جيدا”.
وسبق لوزير الصحة، خالد آيت الطالب، أن قال خلال حديثه في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) العام الماضي، إن بلاده تعاني “نقصا مهولا” في الأطر الصحية، يصل إلى 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض.
وخلفت تصريحات المسؤول الدبلوماسي جدلا ونقاشا وسط مهنيي الصحة بالمغرب، إذ في الوقت الذي وصفها البعض بـ”فقاعة إعلامية” اعتبرها آخرون بمثابة “بالون اختبار” قد تتبعه إجراءات حكومية تسهل استقدام ممرضات من الفلبين، رغم ما يطرحه ذلك من إشكاليات قانونية.
من بين الأسباب التي تدفع الممرضين إلى الهجرة، غياب التأطير القانوني لمهنة الممرض، إذ أن قانون المزاولة ما زال حبراً على ورق ولم يدخل حيز التنفيذ منذ صدوره عام 2016. يضاف إلى ما سبق وجود تداخل في الاختصاص ما بين الإطار الطبي والإطار التمريضي بسبب غياب مصنف الكفاءات والمهن الذي يحدد أين تبدأ وأين تنتهي مهام الممرض، يقول الجوهري. يضيف أنه “في ظل غياب مصنف الكفاءات سمحت الوزارة لنفسها بإصدار مراسلة تجبر ممرضي التخدير على إجراء عمليات التخدير والإنعاش في الحالات المستعجلة في ظل غياب أطباء التخدير والإنعاش، مستغلة الفراغ الناتج عن غياب المصنف، دونما أدنى عرفان أو تعويضات عن ذلك”.
وصف الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين بالمغرب، مصطفى جعا، تصريحات سفير الفلبين بـ”مجرد فقاعة إعلامية”، خصوصا وأن الحكومة المغربية لم تتفاعل معها ولم يصدر عنها ما يفيد باتجاه المغرب إلى استقدام ممرضات من هذا البلد الآسيوي، وفق تعبيره.
و يرى رئيس الجمعية المغربية لعلوم التمريض والتقنيات الصحية حبيب كروم، أن واقع هيئة التمريض بالمغرب يستدعي مواصلة الجهود للارتقاء بالوضع الاجتماعي وتحسين ظروف عمل الممرضين وتقنيي الصحة والقابلات القانونيات، بحكم أنّ مهنة التمريض محفوفة بالمخاطر والصعوبات. ويقول في تصريح صحفي ،إنّ “الممرضين يعانون من ضغوط العمل ما يتسبّب لهم بإرهاق إضافي. ويساهم التوزيع غير العادل في تعميق هذا الوضع، علاوة على غياب ترسانة قانونية واضحة تحدد مهام الممرضين وتقنيي الصحة والقابلات، ما يعرضهم أحياناً إلى المتابعات الإدارية والقانونية. ومنهم من زج به وراء القضبان”. ويلفت إلى تعرّض الممرضين المغاربة لانتقادات كثيرة من قبل المواطنين كونهم الواجهة لناحية التواصل مع المرضى ومرافقيهم الذين يكونون في أحيان كثيرة غير راضين عن جودة الخدمات الصحية المقدمة إليهم، ما يعرض الممرضين أحياناً لعنف لفظي وجسدي ونفسي.
وأوضح المسؤول النقابي في تصريح صحفي، أن استقدام الممرضات من الفلبين “يصطدم بفراغ قانوني، إذ يجب أولا تغيير قانون مزاولة مهنة التمريض الذي يشترط حاليا الجنسية المغربية لممارسة مهنة التمريض، زد على ذلك أن قرار تسهيل مزاولة الأطباء الأجانب لمهنة الطب بالمغرب الذي اتخذ في السنوات الأخيرة لم يمكن حتى الآن من استقدام سوى 100 طبيب أجنبي وذلك بسبب هزالة الأجور”.
وأشار في معرض حديثها إلى أن هزالة الأجور وصعوبة ظروف العمل، خصوصا على مستوى الأرياف والمناطق النائية، ستجعل من الصعب استقدام أطر أجنبية للاشتغال في قطاع الصحة في المغرب، مؤكداً أن مهنيي القطاع، يواصلون نضالهم لانتزاع تسوية أوضاعهم والرفع من أجورهم، عبر سلسلة من الاحتجاجات المتواصلة أمام مندوبيات الصحة والبرلمان.
ويطالب كروم بتوظيف العدد الكافي من الموارد البشرية المتخصصة وإقرار هيئة وطنية للممرضين والمساعدين الطبيين في المجال الاجتماعي، مع العمل على إخراج مصنف الكفاءات والأعمال من أجل حماية هيئة التمريض والمواطنين المرضى على حد سواء، علاوة على حماية المهنة من الدخلاء والمتطفلين. كما يطالب برفع قيمة التعويضات عن الأخطار المهنية بشكل منصف وعادل، والاستجابة لملف الأساتذة والممرضين خريجي المدرسة الوطنية للصحة العمومية.
وبلغة الأرقام، لفتت المهنية إلى أنه “يتم توفير 6500 شاغرا سنويا مشترك بين الأطباء والممرضين، مقابل تخرج 7000 آلاف ممرض سنويا من معاهد التكوين المختلفة، في أفق تخرج 11 ألف ممرض سنويا حسب وعود الوزارة الوصية”، وتساءلت: “كيف سيتم استيعاب هذا العدد الهائل من الخريجين؟”
يعاني قطاع الصحة في المغرب من نزيف حاد، بسبب هجرة الأطر الصحية إلى الخارج، لا سيما إلى الدول الأوروبية، التي أصبحت تستقطبهم بعدد من التحفيزات والتسهيلات. وأدى هذا النزيف إلى تعميق احتياجات المغرب واتساع الهوة بين العرض الصحي والطلب عليه.
وتفيد إحصاءات متطابقة بأن المغرب يحتاج إلى ما بربو عن 64 ألف ممرضا وعامل صحة، لتغطية الحد الأدنى من احتياجات القطاع الصحي البلاد، وهو وضع يزداد تأزماً جراء الهجرة المتواصلة لهذه الأطر إلى الخارج بسبب ظروف العمل والأجور المتدنية.
كما تصل حاجة المغرب إلى 32 ألف طبيب إضافي لسد الخصاص، ورصد تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن عدد المغاربة الممارسين خارجا يتراوح بين 10 آلاف و14 ألف طبيب؛ وهو ما يعادل إحصائياً أن طبيبا واحدا من كل 3 مغاربة يمارس خارج البلد.