تصريحات الوزير المنتدب المكلف بالميزانية “لقجع ” ترسم صورة خيالية بعيدة جدا عن الواقع الحقيقي لليوم المعيشي للمغاربة

0
318

ليس أمرا بالغ الصعوبة أن يهبط إلى أرض الواقع عديد من التصريحات والوعود الصادرة عن بعض المسؤولين التنفيذيين الحكوميين، خاصة إذا كان سيترتب على تلك التصريحات رسم صورة خيالية بعيدة جدا عن الواقع الحقيقي، أو إطلاق وعود غير دقيقة ومبالغ فيها إلى حد بعيد جدا،

الرباط – قال الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، إن الأوضاع الاقتصادية والمالية توجد على طاولة جولة أبريل من الحوار الاجتماعي، التي انطلقت أمس الجمعة بمدينة الرباط برئاسة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وبحضور وزراء مع الأمينين العامين للاتحاد المغربي للشغل، الميلودي موخاريق، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، النعم ميارة.

وأضاف الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن “الحوارات تمت في ظروف يطبعها الاحترام التام وتبادل الرأي حول الأوضاع الحقيقية لبلادنا سواء الاقتصادية أو المالية”.

وسجل أنه تم التطرق، أيضا، إلى “الصعوبات التي يعاني منها الأجراء في مختلف القطاعات”، مبرزا أنه “تم الاتفاق على مواصلة العمل والتفكير في إطار لجنة وزارية بحضور الفرقاء الاجتماعيين للتدقيق في مختلف أوجه هذه الإشكالات وإيجاد الهوامش التي من شأنها أن تمكننا جميعا من رفع التحديات المستقبلية”.

وفي هذا الصدد، اعتبر لقجع أن الحوار الاجتماعي “مكسب حقيقي” في العلاقة بين الحكومة ومختلف الشركاء الاجتماعيين، والمرتبطة “بمأسسة” الحوار الاجتماعي.

يذكر أن اجتماع رئيس الحكومة مع زعماء النقابات الأكثر تمثيلية يأتي تنفيذا لمقتضيات اتفاق 30 أبريل 2022، الذي نص على عقد اجتماعين في السنة بين رئيس الحكومة وزعماء هذه النقابات، الأول خلال شهر شتنبر يخصص لتلقي ملاحظات ومقترحات النقابات بشأن مشروع قانون المالية، فيما يخصص اجتماع شهر أبريل لبحث الحلول المناسبة للمسائل العالقة وتبادل الآراء حول القضايا التي تهم الموظفين والشغيلة. 

كشفت نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر، المنجز من طرف المندوبية السامية للتخطيط، أن مستوى ثقة الأسر تابع منحاه التناقصي برسم الفصل الأول من سنة 2023، مسجلا أدنى مستوى له منذ انطلاق البحث سنة 2008.

الحقيقة المرة هنا؛ تصريح المندوبية بخصوص تصور الأسر لتطور وضعيتها المالية خلال 12 شهرا المقبلة، أن 18,9 في المئة من الأسر مقابل 24,1 في المئة تتوقع تحسن هذه الوضعية. وبذلك استقر رصيد هذا المؤشر في ناقص 5,2 نقاط مقابل ناقص 7,7 نقاط خلال الفصل السابق، و8,3 نقاط قبل سنة. 

وأظهر تقرير جديد للمندوبية السامية أن معدل الأسر التي صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال 12 شهرا السابقة برسم الفصل الأول من سنة 2023 ما يعادل 85,3 في المئة، فيما اعتبرت 10,9 في المئة منها استقرار هذا المستوى، و8,3 في المئة تحسنه، ليستقر رصيد هذا المؤشر في مستوى سلبي بلغ ناقص 81,5 نقطة، مسجلا بذلك تدهورا سواء بالمقارنة مع الفصل السابق أو مع الفصل نفسه من السنة الماضية، حيث استقر في ناقص 78.0 نقطة وناقص 66.9 نقطة على التوالي. 

وتوضح بأن مستوى المعيشة تطور خلال 12 شهرا المقبلة، فتتوقع 50,7 في المئة من الأسر تدهوره بينما تتوقع 37,4 في المئة منها استقراره، في حين ترجح 11,9 في المئة تحسنه. ليستقر رصيد هذا المؤشر في مستوى سلبي بلغ ناقص 8,38 نقطة مقابل ناقص 43,0 نقطة خلال الفصل السابق، وناقص 21,5 نقطة خلال الفصل نفسه من السنة الماضية. 

وتضيف: بشأن شراء السلع المستديمة، فقد اعتبرت 79 في المئة من الأسر، مقابل 9,2 في المئة، أن الظروف غير ملائمة لشرائها. وهكذا استقر رصيد هذا المؤشر في مستواه السلبي مسجلا ناقص 69,8 نقطة مقابل ناقص 70,3 نقطة خلال الفصل السابق، وناقص 66,7 نقطة خلال الفصل نفسه من السنة الماضية.

كما أن صدور مثل تلك التصريحات والوعود المفرطة في سماء الخيال، يشير بصورة جلية إلى أن “ذهنية” من تصدر عنه، لا تزال متأخرة جدا عما وصلت إليه آلية العمل الحكومي خلال الفترة الراهنة، التي من أهم سماتها التكامل المشترك بين أعمال ومسؤوليات وجهود مختلف الأجهزة الحكومية، وأن لا مجال لأي جهاز من تلك الأجهزة أن يتحرك منفردا دون التنسيق المسبق مع بقية الأجهزة. كما تؤكد الحالة هنا أن “ذهنية” ذلك المسؤول لا تزال غارقة في “نرجسية” المنصب الحكومي، وبعيدة جدا عن تركيز العمل المدرك تماما لمسؤولية التكليف بذلك المنصب. الدليل الحقيقي على ذلك؛ اعتقاده الخاطئ بأن تصريحات أو وعود خارج حدود الواقع والممكن، من شأنها أن تحسن مستوى أدائه أمام المستويات الأعلى منه في صناعة واتخاذ القرار، وأنها ستجتذب إليه -وهما منه- رضا وثناء عموم أفراد المجتمع، غافلا أو متناسيا أن أيا من ذلك لم يعد موجودا على الإطلاق خلال المرحلة الراهنة، التي أصبح فيها عمل المسؤول الحكومي خاضعا للرقابة والمتابعة والمحاسبة أيضا، وأن وعي أفراد المجتمع قد تجاوز كثيرا حدود تلك “الذهنية النرجسية”. 

قد يصعب إقناع أصحاب تلك “الذهنية النرجسية”، بمجرد مقال رأي يخالف ما تحمله من أخطاء ومبالغات، وليس هذا بالأمر المهم، وذاك أولا وأخيرا شأن أصحاب تلك “الذهنية”، إن أرادوا القبول أو الرفض. إنما الأهم هنا؛ أن تتولى الأجهزة الرقابية والمتابعة وقياس مؤشرات الأداء الحكومي، المتابعة اللصيقة لأي تصريحات أو وعود تصدر عن أي من المسؤولين الحكوميين التنفيذيين، فتقارنها أولا مع ما تضمنته البرامج التنفيذية لـ”الرؤية”، وثانيا مع الإمكانات والموارد المتوافرة للاقتصاد، وهل بالفعل تتمتع تلك التصريحات برصيد واقعي وحقيقي؟ أم أنها أبعد عن ذلك؟ وهل يمكن فعلا الترجمة الفعلية وتحقيق أي من تلك الوعود التي تم إطلاقها؟ أم أن ذلك غير ممكن جزئيا أو بالكامل؟ وأن يتم بشكل كامل ودقيق التدقيق والمراجعة في كل ما تضمنته تلك التصريحات والوعود، والرفع من ثم بنتائجها الحقيقية والدقيقة إلى متخذ القرار الأعلى، الذي سيمثل بدوره حماية أكبر لمقدرات البلاد والعباد، ويكفل أيضا التزاما أكبر من مختلف المسؤولين الحكوميين التنفيذيين بالمهام والمسؤوليات الموكلة إليهم، وإيقافا فاعلا لأي تجاوزات محتملة قد تحملها أي تصريحات لا تمتلك أي رصيد على أرض الواقع، أو وعود مبالغ فيها لا يمكن تحقيقها وفقا للموارد والإمكانات المتوافرة. .