وإثر ذلك، يضيف المصدر ذاته، ينتقل المجلس إلى دراسة مشروع مرسوم يقضي بتغيير وتتميم المرسوم الصادر في شأن تطبيق القانون المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجن الجهوية الموحدة للاستثمار.
وأشار البلاغ إلى أن المجلس سيختم أشغاله بدراسة مقترحات تعيين في مناصب عليا طبقا لأحكام الفصل 92 من الدستور.
مشروع قانون ينتظر أن يتم عرضه الخميس المقبل على الحكومة والبرلمان، إلى “تجاوز مساوئ العقوبات السالبة للحرية وما يتبعها من آثار سلبية، والحد من اكتظاظ المؤسسات السجنية”. وتعوّل وزارة العدل على تطبيق مشروعها الخاص بالعقوبات البديلة على أرض الواقع، من أجل “تقليص أعداد السجناء وتوفير تكاليف معيشتهم داخل أسوار السجن عبر اعتماد العقوبات البديلة كحل لمشكلة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وحماية الجناة من سلبيات السجن من جهة، ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحقوق والحريات العامة من جهة أخرى”، كما جاء في المذكرة التقديمية للمشروع.
مجلس الحسابات يحيل 18 ملفا على القاضي الجنائي..الفساد ينخر المملكة “ملفات مفتوحة منذ مدة طويلة دون أن تجد طريقها إلى المحاسبة وتفعيل القانون ضد الجميع
وتقول الوزارة إنّ “ما يشجع على هذا التوجه هو المعطيات الإحصائية المسجلة بخصوص الساكنة السجنية، والتي تفيد بأن ما يقارب نصفها محكوم عليهم بأقل من سنة، وشكلت هذه العقوبات عام 2020 ما نسبته 44.97 في المائة”، لافتة إلى أن “معظم التشريعات المعاصرة صبت جهودها على البحث عن سياسة جنائية أكثر ملاءمة للعصر وللأفكار والنظريات السائدة، التي تقوم أساساً على إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية”.
وتسعى وزارة العدل من خلال المشروع إلى “إيجاد عقوبات حديثة تقوم كآليات وحلول ناجعة لمكافحة أنواع محددة من السلوك الإجرامي، وفق مقاربة تهدف إلى إصلاح سلوك الجاني وتهيئته للاندماج داخل المجتمع”. وكان تقرير برلماني نشر في يوليو/ تموز 2021 حول أوضاع السجون شمل ثلاث مؤسسات سجنية، قد لفت إلى أنّ الاكتظاظ أزمة مستمرة في ظل مواصلة اعتماد آلية الاعتقال الاحتياطي من دون ترشيد وعدم توفير بدائل للعقوبات السجنية.
ويعرف مشروع القانون العقوبات البديلة بـ”العقوبات التي يحكم بها بديلاً للعقوبات السالبة للحرية في الجرائم التي لا تتجاوز عقوبة المحكوم بها سنتين حبساً، وتخول للمحكوم عليه تنفيذ بعض الالتزامات المفروضة عليه في مقابل حريته وفق شروط محكمة تراعي من جهة بساطة الجريمة، ومن جهة ثانية اشتراط موافقته”.
وتتوزع تلك العقوبات بين أربعة أنواع، أولها: العمل لأجل المنفعة العامة، وهي العقوبة التي تصدرها جهة قضائية مختصة تتمثل في قيام الجاني بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيراً عن الخطأ الذي صدر عنه من دون أن يتقاضى أجراً على ذلك العمل”.
ويشترط المشروع في العمل بهذا البديل بلوغ المحكوم عليه سن 15 سنة كأدنى حد وقت ارتكابه للجريمة، وألا تتجاوز العقوبة سنتين حبساً، كما اعتبر العمل المحكوم به لأجل المنفعة العامة عمل غير مؤدى عنه وينجز لفائدة مصالح الدولة أو مؤسسات أو هيئات حماية الحقوق والحريات أو المؤسسات العمومية أو المؤسسات الخيرية أو دور العبادة أو غيرها من المؤسسات أو الجمعيات أو المنظمات غير الحكومية العاملة لفائدة الصالح العام لمدة تراوح بين 40 و600 ساعة، كما خص المحكمة بتحديد ساعات العمل لأجل المنفعة العامة.
ونص المشروع على عقوبة بديلة ثانية تتمثل في أداء مبلغ مالي تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة السجنية المحكوم بها، والتي لا تتجاوز في المقرر القضائي سنتين حبساً. وتتوزع الغرامة اليومية ما بين 100 و2000 درهم (10 و200 دولار) عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها تقدرها المحكمة بحسب الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وخطورة الجريمة المرتكبة بالضرر المترتب عنها، ويمكن للأحداث أيضاً الاستفادة منها.
أما العقوبة الثالثة البديلة، فتتمثل في المراقبة الإلكترونية، والتي اعتبرها المشروع “من الوسائل المستحدثة في السياسة العقابية، ومن أهم ما أفرزه التقدم التكنولوجي والذي انعكس بدوره على السياسة العقابية في معظم الأنظمة العقابية المعاصرة التي أخذت به”.
ويرى المشروع أن تطبيق نظام المراقبة الإلكترونية “يُحقّق قدراً كبيراً من التوازن بين حقوق وحريات الأفراد والمصلحة العامة المتمثلة في سعي الدولة للقصاص من مرتكب الجريمة”. وبالنسبة للعقوبة الرابعة، يقترح المشروع تقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية في الحالات التي لا تتجاوز مدة العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها سنتين حبساً”.
ويؤكد الرئيس الوطني لـ”الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان” إدريس السدراوي، لـ”العربي الجديد”، على ضرورة فتح حوار مجتمعي حول العقوبات البديلة وآليات ضمان أمن المجتمع والمواطنات والمواطنين موازاة مع قرينة البراءة وطبيعة المجتمع المغربي الذي تعيش فيه أسر مركبة تحت سقف واحد، مع التأكيد على إشراك الجمعيات القضائية وجمعيات المحامين والخبراء والأطباء النفسيين وطرح التجارب الدولية الرائدة كنموذج يحتذى به حتى لا نسقط في ثغرات قد تلغي أي امتياز أو ضمانات للحرية من أساسها”.
ويوضح أن “الاعتقال الاحتياطي بتبعاته الكثيرة، لا سيما الاكتظاظ الذي أصبحت تعرفه جل السجون المغربية، وما يترتب في بعض الأحيان عن عدم ضمان شروط المحاكمة العادلة بتخلي المتابع عن بعض الإجراءات التي قد تؤكد براءته نظراً لطول مدتها، تجعل الحد من ذلك الاعتقال ضرورة حقوقية وإنسانية عاجلة مع التأكيد على أن العديد من القوانين المغربية تترك حيزاً كبيراً من الاجتهاد للقضاء أمام نصوص قانونية فضفاضة يستغرق النقاش فيها بين النيابة العامة والدفاع سنوات من دون جدوى”.