المغرب يتخلى عن اللغة الفرنسية بالمدارس لصالح الانكليزية..هيمنة دامت لأكثر من 100 عام

0
562

طالما كانت اللغة الفرنسية في المغرب شائعة إلى حد فاق استخدامها من قبل المغاربة للغة العربية أو اللهجة المحلية في المخاطبات اليومية وحتى في البيوت، ما جعلها تسيطر إلى حد كبير على تعاملاتهم الرسمية وأسلوب حياتهم.

ومع انتشار التكنولوجيا الحديثة، وانفتاح أسواق العمل على دول العالم، باتت اللغة الإنكليزية ضرورة لفتح أفاق جديدة لهم، لكن عدم تعليمها في معظم المدارس وضع عراقيل أمام فرص العمل المعروضة، ليصبح تعليم اللغة الإنكليزية ضرورة ملحة للأجيال الحالية والقادمة.

في هذا الصدد وجّه، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بشأن تعميم تدريس اللغة الإنجليزية بالتعليم الإعدادي بدءا من الموسم الدراسي المقبل 2023-2024.

وجاء في مذكرة وجهها الوزير بنموسى إلى الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في الجهات الـ12، أنه تقرر الشروع في تعميم تدريس اللغة الإنجليزية بالتعليم الإعدادي انطلاقا من الدخول المدرسي المقبل (2023-2024)، اعتبارا لوضع اللغة الإنجليزية في المجتمع ولأدوارها الوظيفية وكذا لآفاقها المستقبلية التي تفتحها للناشئة في مجالات المعرفة والعلم والتكنولوجيا والتواصل والانفتاح الثقافي والحضاري وغيرها.

مسار التعميم

سيتم، بحسب المصدر ذاته، تعميم تدريس اللغة الإنجليزية بالتعليم الإعدادي خلال الموسم الدراسي 2023-2024، بالسنة الأولى من التعليم الإعدادي بنسبة تغطية تصل إلى 10 في المائة، وبالسنة الثانية من التعليم الإعدادي بنسبة 50 في المائة.

بينما سيتم خلال الموسم الدراسي 2024-2025 توسيع تدريس اللغة الإنجليزية بنسبة تغطية تصل إلى 50 في المائة بالسنة الأولى من التعليم الإعدادي، وتعميم تدريس هذه اللغة بنسية 100 في المائة بالسنة الثانية من هذه المرحلة التعليمية.

وخلال الموسم الدراسي 2025-2026، سيتم، بحسب المذكرة ذاتها، تعميم تدريس اللغة الإنجليزية بنسبة 100 في المائة بالسنة الأولى من التعليم الإعدادي، ليتم بذلك تعميم تدريس هذه اللغة بجميع مستويات هذا الطور التعليمي.

وأكدت المذكرة الوزارية أنه ينبغي تخصيص 24 ساعة في الأسبوع لكل مدرس (12 قسما لكل مدرس)، مع اعتماد ساعتين أسبوعيا لتدريس اللغة الإنجليزية لكل قسم.

الإجراءات المعتمدة

من أجل تحقيق هدف توسيع وتعميم تدريس اللغة الإنجليزية بالتعليم الإعدادي، ينبغي، بحسب المذكرة الوزارية، اتخاذ الإجراءات والتدابير الإدارية والتربوية والتنظيمية والتكوينية والداعمة وغيرها، وذلك على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي والمحلي.

وجاء في المذكرة الوزارية أنه يتطلب ضبط مسار تدريس اللغة الإنجليزية بالتعليم الإعدادي، إرساء آليات القيادة على كافة المستويات، من خلال إحداث لجنة مركزية للقيادة، برئاسة الكاتب العام للوزارة، وبعضوية مديري المديريات المركزية المعنية، تتولى تتبع وتقويم تنفيذ هذا البرنامج في مختلف مراحله.

العدة البيداغوجية

أكد بنموسى أن الوزارة ستعمل على بلورة العدة التربوية المواكبة لورش تعميم اللغة الإنجليزية بالتعليم الإعدادي، بتنسيق مع مجموعة من الشركاء، وخاصة في إطار برنامج التعاون الدولي، والتي سيتم تقاسمها مع كافة الفاعلين التربوية بالميدان، ترسيخا للمقاربة والمنهجية التشاركية في تنزيل مختلف الأوراش الإصلاحية.

أما عن التكوين، فقد أبرز الوزير، وفق الوثيقة ذاتها، أنه سيتم التركيز على التكوين الأساس لمدرسي اللغة الإنجليزية، وفقا لخريطة وبرنامج تكويني ينسجمان والأهداف المسطرة، ويسمحان بتقوية القدرات اللغوية والمهنية للأستاذات والأساتذة، ولاسيما ما يتصل بالتمكن من المقاربات والطرق البيداغوجية الفعالة في ميدان تدريس اللغات.

إلى جانب ذلك، سيتم، بحسب المصدر ذاته، تمكين الأستاذات والأساتذة الذين يدرسون اللغة الإنجليزية من الاستفادة من دورات تكوينية تتم برمجتها في إطار البرامج الجهوية للتكوين المستمر، من أجل تعزيز قدراتهم، وإطلاعهم على مختلف المستجدات ذات الصلة بالمادة التي يدرسونها ومواكبتهم في تنزيلها.

الموارد الداعمة

نصت المذكرة الوزارية على توظيف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز القدرات اللغوية لأطر التدريس، وخاصة من خلال إدماج الموارد الرقمية في تدريس مادة اللغة الإنجليزية، واعتماد منصات رقمية لتدريس هذه اللغة، وتمكين الأستاذات والأساتذة والتلميذات والتلاميذ من الولوج إليها واستعمالها، إلى جانب تكوين الأطر التربوية من أجل التحكم في التكنولوجيا الحديثة والمضامين الرقمية ذات الصلة بمنهجية تدريس هذه اللغة.

كما ينبغي، تضيف المذكرة الوزارية، العمل على تزويد المؤسسات التعليمية بالمكتبات، لتقوية قدرات وكفاءات التلميذات والتلاميذ اللغوية، إلى جانب تزويد الأستاذات والأساتذة بالعدد والوثائق والدلائل البيداغوجية الضرورية، والتي من شأنها أن تساعدهم على الاضطلاع بالتدبير اليومي البيداغوجي لتدريس اللغة الإنجليزية.

وأكدت المذكرة الوزارية على مواكبة وتتبع التنزيل الميداني لهذا الورش اللغوي، وتوفير متطلبات تجاحه، وإيلائه العناية التي يستحقها لبلوغ الأهداف التربوية التي تتوخاها الوزارة من خلاله.

شهدت الآونة الأخيرة حملات عدة من طرف نشطاء مغاربة تدعو إلى التخلي عن اللغة الفرنسية واعتماد اللغة العربية في المعاملات والإدارات، وأيضاً إقرار اللغة الإنجليزية في التدريس والمؤسسات التعليمية.

وطالبت عرائض إلكترونية برفض استخدام اللغة الفرنسية في المؤسسات الرسمية، وإرساء ما سمته “العدالة اللغوية” في المغرب، منتقدة الاعتماد الكبير على “لغة موليير”، ومعتبرة ذلك نوعاً من الضرب في الهوية المغربية، وترسيخاً لنهج التبعية للبلد الذي سبق أن كان مستعمراً للمغرب.

الحكومة تصادق على 7 تعيينات جديدة في مناصب عليا باستثناء الرياضة ؟!!إلى أين تسير الرياضة في المملكة؟

وفي السياق برزت أخيراً حملة أطلقها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تدعو المغاربة إلى تغيير لغة إعدادات هواتفهم المحمولة من اللغة الفرنسية إلى الإنجليزية، تحت وسم “مليون هاتف بالإنجليزية”.

في المقابل رأى الأستاذ الجامعي للغة فرنسية عبد الغفور مدكون أن “الدعوات والحملات ضد اللغة الفرنسية هي حملات موسمية تظهر في سياق أحداث أو وقائع معينة، مثل الأزمة الصامتة بين المغرب وفرنسا”. وأوضح أن “رفض استخدام اللغة الفرنسية بهذا الشكل المطلق لا معنى له ولا يمكن أن يحقق أية نتائج، لأنها لغة أجنبية لها مكانتها خصوصاً في العالم الفرنكفوني”، مبرزاً أن “المغرب تربطه علاقات وطيدة ومهمة بالدول الفرنكفونية لا يمكن إنكارها”.

واسترسل المتحدث بأن “الأجدى في النقاش وإطلاق الحملات والدعوات هو تلقين اللغات الأجنبية سواء فرنسية أو إنجليزية أو غيرهما لفائدة التلاميذ والطلبة، وليس استهداف لغة أجنبية بعينها، بخاصة أن المغرب لا يزال يتعامل بهذه اللغة في تعاملاته الاقتصادية مع عدة شركاء دوليين وإقليميين”.

وكانت الجزائر قد اتخذت قراراً مشابهاً بإقرارها اعتماد اللغة الإنكليزية بدءاً من المرحلة الدراسية الابتدائية، منهية بذلك هيمنة دامت لأكثر من 200 عام.

وتشهد العلاقات المغربية الفرنسية توتراً منذ أيلول/سبتمبر 2021، بعد رفض فرنسا منح تأشيرات لمغاربة من بينهم رجال أعمال وفنانون وطلبة.

ظهر التوتر علناً بعد قرار فرنسا بالتشديد على شروط منح التأشيرات لمواطني دول المغرب العربي بما في ذلك ايضا تونس والجزائر، وبرز بعدم حصول أي زيارات دبلوماسية بين المغرب وفرنسا منذ تلك الفترة.

وقالت الحكومة الفرنسية حينها أن قرارها ناجم عن أن  الدول الثلاث “ترفض إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها”، في ما اعتبره وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة آنذاك “غير مبرر لمجموعة من الأسباب”.