عندما يدرك المغاربة المواطنون الأقحاح الذين يتابعون الشأن الوطني جيدا.. سيعرفون ان جل مشاكل البلاد برمتها تأتي من مكان واحد، المغاربة اصبحوا مثل الكعكة يقطع فيه اي جزء يشاء ومتى يشاء.
قال عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” إن الحكومة أثبتت أنها تشتغل في معزل عن الرأي العام، ولا تكترث به وتعتمد مقاربات نيوليبرالية خاطئة لا تهتم بالفئات الهشة والمحتاجة.
وأشار بنكيران في كلمة له أمام الأمانة العامة للحزب، أن الحكومة حرمت هذه الفئات من برامج اجتماعية كانت إلى وقت قريب تستفيد منها، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان، ويثبت زيف ووهم شعار “الدولة الاجتماعية” الذي ترفعه الحكومة.
وانتقد بنكيران ما وصفها ببعض التحركات المريبة لبعض رموز التحكم في استدعاء لوصفات سابقة فاسدة أثبتت خطورتها وفشلها، في إشارة منه للخرجة الأخيرة لإلياس العماري زعيم “الأصالة والمعاصرة” الأسبق.
وسجل الفراغ الكبير الذي خلفته حكومة 8 شتنبر، في خضم تزايد حجم عدم الرضى على أداء الحكومة لدى المواطنين، الذين لم يعودوا يطمحون إلى إنجازات حكومية معينة بقدر ما أصبحوا يخافون من التراجع عن المكتسبات السابقة.
وأكد على واجب وضرورة وأهمية أن يتعبأ الحزب للقيام بواجبه في مواجهة هذه المقاربات الخاطئة وغير العادلة، والتصدي لكل الاختلالات ولمثل هذه التحركات بقوة ومسؤولية، للحفاظ على المكتسبات التي حققتها بلادنا.
الحكومة ترى المواطن في افضل حالاته والمواطن يرى في سنوات عمره أسود أيامه، الحكومة ترى أنها في الاتجاه الصحيح اقتصادياً والمواطن يرى في تأمين قوت يومه حلماً خيالياً ، الحكومة ترى في النظام التعليمي تقدماً والمواطن يرى فيه تراجعاً ، الحكومة تأسف على انخفاض اسعار النفط عالمياً والمواطن يبهج على انخفاض اسعارها محلياً ، الحكومة تنادي بالاصلاحات السطحية والمواطن ينادي بالأساسيات الجذرية، الحكومة تتحدث عن انخفاض في العجز والمواطن يعيش زيادة في الفقر !!
ألم تدرك الحكومات المتتالية حتى الآن أن الاصلاح الحقيقي يبدأ من المواطن وينتهي عند المواطن، وأن القوانين والتعليمات والأنظمة والمؤتمرات والندوات والتصريحات وحتى المهاترات والمزايدات والمفارقات لم يكن من نتاجها الا تعاظم الفجوة بين المواطن والحكومة ، وأن المواطن العادي يشعر دائماً بانعدام العدالة والمساواة بينه وبين مواطن السوبر.
بعيداً عن لغة العاطفة وأدوات التجميل والترميم فقد أشارت التقارير الرسمية وغير الرسمية الى أن خريطة جديدة للطبقات الاجتماعية، مع انضمام فئات إضافية إلى دائرة الفقر، في ظل تفاقم الأزمات المعيشية وضعف الإجراءات الحكومية التي تستهدف تخفيفها. عوامل عديدة تقف وراء ظاهرة زيادة نسبة الفقر المتسارعة يأتي الغلاء في مقدمتها، الأمر الذي أدى إلى اندلاع الاحتجاجات المعيشية في عشرات المدن والقرى أخيراً.
في تقرير لها حول تطور الفوارق الاجتماعية وارتفاع الأسعار، خلصت المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، إلى تعرّض 3.2 ملايين شخص للفقر، حيث فقد المغرب ما يقرب من سبع سنوات من التقدم المحرز في القضاء على الفقر والهشاشة، مؤكدة أن وضعية الفقر والهشاشة، تراجعت في المغرب حاليا إلى مستويات سنة 2014.
وعلى مدى عشرين عاما، عرف النمو الاقتصادي في المغرب ديناميكية ملحوظة. فقد بلغ النمو في المتوسط بين 2000 و2017 حوالي 4.4 في المائة، بينما زاد الدخل الفردي بنسبة 3.1 في المائة، حسب بيانات رسمية. وتجلى حسب البحوث التي تنجزها المندوبية السامية للتخطيط، أن معدل الفقر انتقل من 15.3 في المائة في 2001 إلى 8.9 في المائة في 2007 و4.8 في المائة في 2014 قبل أن يعاود الارتفاع بعد ذلك.
غير أن بحوث المندوبية مبنية على مقاربة تستحضر الفقر النقدي وليس الفقر متعدد الأبعاد والذي شهد زيادة واضحة خلال الفترة الأخيرة.
وقد لاحظت المندوبية في تقريرها حول تطور الفوارق الاجتماعية ارتفاع معدل الفقر المطلق من 3 في المائة سنة 2021 إلى 4.9 في المائة سنة 2022 على الصعيد الوطني.
غير أنه يتجلى أن ذلك المعدل قفز من 1 في المائة إلى 1.7 في المائة في المدن، ومن 6.8 في المائة إلى 10.7 في المائة في الأرياف.
وسجلت المندوبية أن معدل الهشاشة الاقتصادية قفز من 10 في المائة في 2021 إلى 12.7 في المائة في 2022 على المستوى الوطني، ذلك المعدل انتقل من 5.9 في المائة إلى 7.9 في المائة في المدن، ومن 17.4 في المائة إلى 21.4 في المائة في الأرياف.
في ما يتعلق في البطالة يظهر أن البطالة شهدت ارتفاعا حادا بين المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة، حيث انتقل من 33.4 في المائة إلى 35.3 في المائة والأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 25 و34 سنة، من 19.2 في المائة إلى 20.9 في المائة.
ويؤكد الهاكش، أنه إذا كانت البطالة تضم حوالي 1.5 مليون شخص، فإن الذين يعانون من الشغل الناقص يقدرون بمليون شخص، كما أن الشغل غير المؤدى عنه يطاول مليون شخص آخرين، حيث إن هذه الفئة ضمن الساكنة الفقيرة.
ويرجّح رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، أن تتسع دائرة الفقر أكثر وأن تستوعب أشخاصا جددا، في الوقت نفسه الذي لا يستبعد فيه أن يلتحق أفراد من الطبقة المتوسطة بتلك الدائرة.
ويوضح أن زحف الفقر سيحفزه عدم اتخاذ الحكومة تدابير من شأنها محاصرته، خاصة في سياق متسم بارتفاع معدل البطالة، وهو ما يؤشر عليه فقدان 280 ألف فرصة عمل في الربع الأول من العام الجاري، حسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط.
ويعتبر أن ذلك يأتي في وقت لم تبادر فيه الحكومة إلى اتخاذ تدابير ملموسة تساهم في توسيع التعويض عن فقدان الشغل أو تقديم مساعدات للعاطلين، ملاحظا في الوقت نفسه أن مبادرات الحكومة في مجال التشغيل لا تفضي إلى استيعاب الذين يعانون فعليا من البطالة.
أخيراً وليس آخراً فان زيادة في بعض المعدلات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية من مديونية وفقر، بطالة وجريمة، عنوسة وطلاق، سكن وأجور ، عمال ووافدين تنذر في ان بعض سياساتنا المالية والاقتصادية وحتى السياسية ما زالت قاصرة عن الارتقاء في أهدافها ، تحكمها الفزعة ، يغلفها التملق ، تحركها المصالح الشخصية ، سياسات لا تنظر الى المواطن بعين الحكمة والعدالة ، بل بعين الاستجداء والاسترحام فتغدو الحكومة شيخاً فاضلاً والمواطن مسكيناً متوسلاً.