بنكيران “الله ينعل جد بو البصلة وماطيشة”، داعيا المغاربة إلى الوعي بما يحاك لهم بالإرث والمثلية الجنسية والعلاقات الرضائية”

0
359

يُطرح خطاب الـ LGBTQ، (الذي يشير إلى مجتمع الشواذ من الجنسين والمتحولين بينهما) (lesbian, gay, bisexual, transgender, queer)، حاليا في المغرب على أنه خطاب أخلاقي “Moral discourse”، أي على أنه مسألة تتعلق بقيم المساواة، والكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان، والعدالة. هذا الخطاب يمثل بالنسبة للشباب الملتزم بشرع الله في المغرب تحديا كبيرا. ذلك أنه إذا عارض أحدهم هذا الخطاب فإنه يعتبر معاديا لهذه القيم السامية.

في هذا السياق ، أكد عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، اليوم الأحد، خل لالملتقى الجهوي للهيئات المجالية والمنتخبين /دورة بوعزة فاسيني ،أن الهوية والدين أهم من الغلاء ف” اذا مشات الهوية والشخصية والارادة والتدين والملكية الله ينعل جد بو البصلة وماطيشة”، داعيا المغاربة إلى الوعي بما يحاك لهم، في ارتباط بالإرث والعلاقات الرضائية وغيرها.

في أكتوبر 2017 طالبت 15 هيئة حقوقية العاهل المغربي الملك محمد السادس بمعاقبة وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، المصطفى الرميد بسبب تصريحات اعتبرتها “منحطة” قالها في حق “المثليين” خلال ندوة عقدت بالرباط، وذلك في رسالة وجهتها إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني.

وكان وزير حقوق الإنسان، المصطفى الرميد قال في تصريح صحافي إنه “لا يجب أن نتحدث عن المثلية حتى لا تكون ذات أهمية”، واصفا المثليين بـ”الأوساخ”.

وقالت الهيئات الحقوقية في رسالتها الموجهة إلى رئيس الحكومة، إن الرميد المنتمي لتيار الإسلام السياسي (حزب العدالة والتنمية)، سبق أن عبر في معرض رده على انتقادات جمعيات حقوقية للاستعراض الدوري الشامل للمغرب بمجلس حقوق الإنسان، قائلا: “هل يريدون أن نرفع التجريم يوما ما عن العلاقات الجنسية المثلية، وهل يمكن أن يتعايش المغاربة مع تشريع يسمح بهذا، أو بتشريع يساوي بين الرجال والنساء في الإرث؟”.




ادراج أدوات دراسية، في استعدادات الموسم الدراسي 2022/2023 في المغرب، كان الكثير منها بألوان علم المثليين.

وقد تم في استعدادات الموسم الدراسي 2022/2023، ادراج أدوات دراسية، كان الكثير منها بألوان علم المثليين، وسط تحذيرات أطلقها مواطنون وفاعلون في الحقل التربوي والتعليمي من خطر التطبيع مع ثقافة الشذوذ، داعين الأسر وأولياء أمور التلاميذ إلى الوعي بطبيعة هذه الألوان ودلالاتها وأثرها على الناشئة.

ومع مرور الزمن غادرت المثلية مرحلة المطالبة فقط بـ«الحرية الجنسية» التي كانت تدعو إليها، في مراحل ظهورها العلني الأول، على اعتبار أن تلك الحرية تدخل ضمن الحريات الشخصية للإنسان المندرجة ضمن العنوان الأبرز في حقل الحقوق والحريات، انتقلت المثلية إلى مرحلة أخرى أكثر شراسة، وذلك بعد تحولها إلى ما يشبه الأيديولوجيا السياسية التي تحاول أن تفرض نفسها على المخالفين، بعد التحول من الشعار التعددي في ألوان الطيف الذي أرادت تلك الأيديولوجيا من خلاله التعبير عن مجرد الرغبة في أن تعيش ضمن عالم متعدد، قبل التحول الفاقع إلى المجال الأيديولوجي، معتمدة على ما تسميه البعد البيولوجي الحتمي الذي يقول دعاتها إنه لا يصح أن يُنظر إليه على أساس أنه مرض، بل على اعتبار أنه تكوين بيولوجي- جيني يولد مع الإنسان وليس في مقدوره التخلص منه.

ومع الزمن تطور الأمر إلى محاولة «عولمة المثلية» وفرضها على دول وشعوب مختلفة ثقافياً وحضارياً، وهو الأمر الذي يختلف عما كانت تلك المثلية تطرحه من دعوة لقبولها ضمن إطار التعددية، قبل أن تتحول فيما يبدو إلى أحادية تريد أن تعمم نموذجها على مختلف البلدان، مستغلة حركة العولمة والسوق المفتوحة التي سعت لتحويل الإنسان من جهة إلى سلعة في سوق، ومن جهة أخرى إلى رغبات جسدية تخضع للسوق وتتحكم بحركته.

بدأت الثقافة الغربية بربط الممارسات الجنسية الطبيعية والشاذة بالرغبة، فيما تم الاستغناء عن الأخلاق. فطالما هناك رغبة، وطالما هناك تراض، فإن الفعل لا مشكلة فيه أخلاقيا. وبعد ذلك أصبح هذا الفعل يمثل هوية الشخص. هذه الفكرة، فكرة الهوية الجنسية، تبدو غريبة جدا في أي ثقافة أخرى غير الثقافة الغربية حتى على مستوى اللغة. هذا المعنى غير موجود أصلا فكيف يكون هناك كلمات للتعبير عنه. فالسلوك الجنسي شيء تفعله وليس شيئا تكونه أو يحدد هويتك. بالعربية كيف يمكن أن تقول مثلا: I have a sexuality أو What is your sexuality?، ولكن بالإنجليزية فإن لهذا السؤال معنى واضح بوصفه سؤالا عن الهوية.

تحول المثلية لمسألة هوية يحمل القضية إلى الساحة السياسية، لأن المثلية أصبحت ما نحن عليه وليس ما نفعله في سلوكنا الجنسي، وبالتالي أصبحت أمرا سياسيا حيث السياسة هي القوانين التي تحدد ما هو شرعي وما ليس كذلك. وقد تحولت المثلية تدريجيا إلى أيديولوجية، ثم تطور بها الحال لتصير بمثابة “دين جديد”، لها عقيدة خاصة ولها ممارسات خاصة، ولها محرمات لا يسمح باقترافها!

هذا ويمكن العودة بمقدمات الثورة الجنسية إلى عصر النهضة في القرن 17 وإلى الثورة الصناعية في القرن 18، ثم مع ظهور الحداثة وصعود مبادئ المادية والفردية، والنظرة للعالم على أنه آلة أو مادة مثل الساعة الصماء. وانقطاع الصلة أو العلاقة مع الله.

قبل هذا الوقت كان يتم النظر للأشياء على أنها خلقت لهدف، وكان يتم اعتبار إرادة الله، حتى إنه كان لا يمكن قبول الفرد في الجامعة إذا كان ملحدا، حيث كان هذا يعد أمرا شيطانيا وغير أخلاقي. ولكن مع نهاية القرن 19 جاء نيتشه ليعلن ببساطة “موت الإله”، فانقلب كل شيء. ومع صعود المادية فقد كل شيء المعنى والهدف. ثم جاءت الليبرالية لتضع الحرية الفردية كأولوية. وهكذا صعد الإنسان الفرد إلى القمة، وأصبح هو المتحكم، صاحب السيادة على نفسه وعلى العالم.

وبات الخيار الأوحد الآن بالنسبة للكثيرين أن يعيشوا في عالم بلا معنى، مفتقدين الوجهة والهدف، لأن البديل أن يؤمنوا بالخالق، ما يعني أن يكون هناك معنى وغرض للأشياء (وهذا ما يرفض الكثيرون الإذعان له). فإذا كان الأمر كذلك فإن جسد الذكر أو الأنثى لن يحمل أي معنى بعد الآن، فالشخص نفسه هو الذي يحدد المعنى والهدف الذي يريده.

كل هذه المعتقدات تكمن في خلفية المثلية وهي أساس لما يجب أن نعيه جيدا. فقبل 10 سنوات فقط كان أن تشعر أنك أنثى ولديك جسد ذكر يسمى “disorder”. أما الآن فقد أصبح هذا الشعور يصنف على أنه حق؛ حق أن أعبر عما أشعر به، حق أن أغير جسدي لأكون متسقا مع شعوري هذا. فالعامل الوحيد المهم في المسألة أصبح “العامل النفسي” أو “الشعوري”، وكأن الجسد لا يهم على الإطلاق.

هذه الثنائية بين الروح والجسد (ما أشعر به وما أكونه) موجودة في الفكر الغربي منذ زمن اليونان، حيث كان ينظر للجسد كسجن للروح. أما المسلمون فليس لديهم مثل هذا الاضطراب بين الجسد والروح، فلديهم تعاليم القرآن والسنة الصحيحة، التي هي بمثابة العروة الوثقى المتصلة بحبل الله. فالإنسان جسد وروح وعقل مدمجين معا، لا انفصال بينهم. وبالنظر لصلاة المسلمين نلاحظ هذا الدمج فهي فعل مدمج للجسد والروح والعقل معا.

لذا فمعنى الحرية في الإسلام يشير إلى التحرر من سيطرة النفس، ومن الخضوع لغير الله. إن الخضوع لله يمثل لنا تحقيقا لهويتنا ولفطرتنا العميقة فهو الطبيعة الأصلية لنا. {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ‎﴿الذاريات ٥٦﴾.

إن نيتشه عندما أعلن موت الإله أعلن بذلك موت الطبيعة الإنسانية، فكما في القرآن {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ} ﴿الحشر 19﴾، وهذا المعنى نراه الآن منطبقا على الناس في الغرب، فعندما نسى الغربيون الله أصبحوا لا يعلمون من هم بعد الآن.

بعد نيتشه جاء فرويد ليعلن أن الجنس أساس سعادة الإنسان والموجه الأساسي لأفعاله. ونظريات فرويد ظلت لعقود طويلة مهيمنة في الثقافة الغربية. (ومع ذلك فإن فرويد نفسه أدرك حاجة الحضارة لاحتواء الجنس والتحكم فيه، كما أدرك بشكل ما الصراع بين الحضارة والجنس). وخلاصة الوضع في الغرب بعد فرويد: ليس لدينا إله فنحن نتخذ رغباتنا وشهوتنا كإله. هذا حرفيا ما فعله فرويد. {فَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ} ﴿فاطر 8﴾.

وهكذا فإن القرآن يخبرنا بكل ما نراه الآن من اتباع البعض للهوى واتخاذهم له إلها. والمسلمون الذين يتخذون القرآن مرجعية ينظرون إلى الأمر من هذه الخلفية، فليس معنى أن يرى الواحد أمرا ما جيدا أنه بالفعل كذلك. قد يكون هذا من تزيين الشيطان {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} ‎﴿النمل ٢٤﴾ وهذا أمر مهم جدا في الرؤية الإسلامية. فمسألة أني استحسن أمرا ما أو أراه جيدا ليست مبررا على الإطلاق لفعله من المنظور الإسلامي، فالحسن ليس ما أراه أنا حسنا، وإنما ما قال عنه الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) أنه حسن. أما الحداثيون فالحسن عندهم هو ما يرونه حسنا، فالذات هي معيار الأخلاق، وهذا مختلف تماما عن الرؤية الإسلامية.

بدءا من الثلاثينات كان ماركيوز وفليهام رياتيش يدفعان نحو الحرية الجنسية، هؤلاء كانوا ضد فكرة الأسرة بشدة، وأرادوا تدميرها، ولم يكن الأمر مجرد رغبة في تحصيل المزيد من المتعة، ولكن لتحقيق المزيد من الحرية الفردية. ثم جاءت “النسوية” ممثلة في سيمون دي بوفوار، لتدفع بنفس الاتجاه، في الخمسينات، كما دعا فوكو كذلك للحرية الجنسية في فرنسا. هؤلاء المبشرون بالنسبة للغرب هم بمثابة الأنبياء، ولا يمكننا أن نغفل أنهم جميعا ملحدون، بل ومتطرفو الإلحاد، فوكو كان منحلا جدا على المستوى الشخصي، ومات نتيجة الإيدز في أحد حمامات سان فرانسيسكو.

في تطور هام، ظهر في أواخر الثمانينات (1989) كتاب “after the ball”. والذي كان همه الأساسي الإجابة عن سؤال “كيف ستتغلب أمريكا على كراهيتها للمثـلية،” وقد وضع مؤلفو الكتاب خطة محكـمة أو “مانفيستو” لجعل أمريكا والعالم الغربي يتخطى رفضه للمثلية ويقبل المثليين، وقد تم تنفيذ هذه الخطة فعلا بشكل مذهل.

جاء في هذا الكتاب أن هذه الخطة تعتمد على دعاية جريئة لا تستحي، دعاية مبنية على علم النفس (ومؤلفا الكتاب كلاهما متخصصان في الإعلان والدعاية من جامعة هارفارد)، وأحد المبادئ الأساسية التي اعتمدا عليها هو: نزع الحساسية تجاه فكرة ومفهوم المثلية عبر تيار من الإعلانات المتعلقة بالمثليين، مقدمة بأحدث الوسائل الجذابة، بحيث أن الرافضين لهذا التيار إن لم يستطيعوا إيقافه، فإنهم سوف يعتادون عليه في النهاية ويتقبلونه.

تحدث الكتاب أيضا عن عمليات تحويل الجنس والترويج لقبولها عبر حملات إعلانية مخططة، مستندة إلى علم النفس، يتم إغراق الإعلام بها. أمام هذه الحقائق لا يمكننا اعتبار الحملة الشعواء التي نشهدها الآن للمثلية أمرا طبيعيا، أو أن هؤلاء مجرد أناس يدافعون عن حقهم في الاختلاف. علينا أن ندرك أن وعينا بالأمر وحساسيتنا تجاهه قد تم توجيهها وإعادة تشكيلها بالكامل بشكل متعمد من قبل متخصصين في علم النفس والإعلان.

نأتي إلى المنظور الإسلامي فيما يتعلق بالجنس:

الله عز وجل خلق الذكر والأنثى، {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ} ﴿آل عمران، 36﴾، {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ﴿التوبة، 71﴾، {ِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ﴿الأحزاب، 35﴾، {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} ‎﴿النساء ١٢٤﴾‏. المسلمون يدركون هذا ويؤمنون به ويقبلونه. فالذكر والأنثى لهم دور تكاملي في هذه الحياة، وهم لم يخلقوا على شكل واحد، وبالتالي لا يتم التعامل معهم بنفس الشكل.

هناك حكمة من اختلاف الجسد بين الذكر والأنثى، وهناك وظائف مختلفة للنوعين أرادها الخالق عز وجل. كذلك إن كل فعل جنسي في الإسلام يجب أن يكون لهدف شرعي. فكرة “جسدي اختياري” تلك فكرة لا وجود لها في المنظور الإسلامي، فالجسد أمانة، نحن لا نمتلك حرية التصرف فيها. نحن لسنا ملحدين ولا ماديين. ولا يمكن للآباء والأمهات أن يتبادلوا الأدوار.

ليس هناك تفرقة على أساس العرق في الإسلام، فلا تفاضل إلا بالتقوى. لكن اختلاف النوع معتد به في الإسلام، ليس كفرق في القيمة، فكلا النوعين له نفس القدر والقيمة الإنسانية، ولكنه الاختلاف في التحمل بالأوامر الشرعية. فلا يمكن للمسلمين التوافق مع مفهوم وحدة الجندر ومساواة الجندر.

من أين تأتي الأخلاق؟

في الإسلام تأتي الأخلاق من أوامر الله. {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ﴿الأحزاب، 36﴾. هذه ركيزة أساسية للإيمان لدى المسلمين، فليس خيارا أن ترتدي المرأة الحجاب، أو أن يتصرف المرء بحرية فيما شرعه الله {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} ‎﴿الأحزاب٣٦﴾.

هذه ركائز لا تخضع للمناقشة، فإما أن تخضع لأوامر الله أو أن تصبح عاصيا لله، وكل حالة من الاثنين لها عواقبها التي ندركها كمسلمين؛ عواقب الطاعة، عواقب المعصية. ولكننا لا نختلق المعايير بأنفسنا. لدينا كمسلمين الأخلاق هي ما تحقق السعادة. نحن نعلم أن الله العليم والحكيم يشرع لنا ما هو الأفضل لنا في الدنيا والآخرة، حتى وإن لم ندرك ذلك فعلمه عز وجل محيط بعلمنا. وقد وجد المسلمون أن أخلاق الفضيلة التي جاء بها أرسطو تتوافق إلى حد كبير مع ما جاء في الشريعة.

في الخطاب الأخلاقي المعاصر لا محل لهذا الكلام، لإنه “لا وجود لله” في هذا الخطاب، فالإنسان هو الذي يضع الأخلاق حسب ما يراه. وتم فصل الأخلاق الجنسية عن الدين كما ذكرنا سابقا. “كانط” يعطي السلطة للإنسان الفرد في وضع القانون. و”الأخلاق النفعية” هي الفكرة المهيمنة في الغرب الآن consequentialism، والعواقب النفعية يحكم عليها أو يتم حسابها بشروط ومعايير ذاتية بحتة، ومادية دنيوية بحتة.

أما في الإسلام، فالقوانين المتعلقة بالجنس مركزية وأساسية ومهمة، وهي ليست محلا للنقاش. وهي متعلقة بالإيمان. الزنا على سبيل المثال من الكبائر في الإسلام، ويعد خرقا لواحد من المقاصد الأساسية للشريعة. وهو خطيئة وجريمة اجتماعية. وقضية حفظ الأنساب قضية مهمة جدا في الشريعة.

الآيات المتعلقة بقوم لوط:

الخطيئة الكبرى والأساسية لقوم لوط تمثلت في إقامة علاقة جنسية مع أفراد من نفس النوع. وهذه هي الخطيئة الأساسية التي تم التأكيد عليها في كل الآيات المتعلقة بقوم لوط، نعم ذُكرت خطايا أخرى لقوم لوط مثل قطع الطريق، لكن الخطيئة الكبرى التي تم التأكيد عليها هي الشهوة لنفس النوع. بعض المفسرين الجدد حاولوا إعادة تفسير الآيات وتأويلها لتصبح هذه الخطيئة هي الاغتصاب أو أن يكون هذا الفعل عن غير تراض من الطرفين، لكن هذا غير منطقي على الإطلاق، حيث يؤكد القرآن مرارا على الخطيئة الكبرى لقوم لوط بشكل واضح وصريح، بشكل لا يدع مجالا للتأويل {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} ‎﴿الأعراف ٨١﴾‏. وفي قولهم {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} ‎﴿النمل ٥٦﴾ إشارة إلى أن الأمر ليس اغتصابا إذن.

جاءت الآيات المتعلقة بقوم لوط واضحة جدا، حتى عندما يقول نبي الله لوط {قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} ‎﴿هود ٧٨﴾. فإن الفارق الوحيد بين بناته والضيوف هو النوع، فهن نساء والضيوف رجال.

ورغم هذا الوضوح الشديد للآيات يصر البعض على تحريف القضية وتفسير الآيات على أنها تعني الاغتصاب، أو أن المشكلة تكون فقط في حال عدم وجود تراضي، لماذا؟ لأن عقلهم الحديث المعيار فيه هو معيار التراضي، لكن الآيات واضحة جدا، ولا تقبل هذا التفسير، ومن العبث محاولة فرض رأينا ومعاييرنا عليها.

في المسيحية يمكنهم رفض ما يقول الإنجيل، أو أن يكون لك رأي مخالف، لأن نوع الوحي مختلف، الإنجيل حاليا منتج بشري. لا يمكن أبدا أن نعامل القرآن بنفس الشكل، وإذا قلت إنك تختلف مع القرآن فأنت خارج الديانة. طبعا يحاول الحداثيون المسلمون التعامل مع الأمر بشكل آخر باستخدام السياق الثقافي والتاريخي والقول إن السياق اختلف والظروف وكذا.