الداخلية تمنع احتجاجات ومسيرات الأساتذة الغاضبون في جميع المدن المغربية بمبرر “الإخلال بالأمن”

0
468

منعت السلطات المغربية، الأحد، احتجاجات ومسيرات النقابة التعليمية الأكثر تمثيلية؛ مكناس وميدلت والقنيطرة وزاكورة والعيون وفاس، وغيرها.

الرباط – أصدرت وزارة الداخلية، قرارات بمنع المسيرات والاحتجاجات الجهوية التي دعت لها النقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، اليوم الأحد، في إطار برنامجها الاحتجاجي على ما يعيشه قطاع التربية الوطنية من احتقان بسبب النظام الأساسي الجديد.

وفي سياق الموضوع، أصدر باشوات مدن مغربية، قرارات متشابهة من حيث المضمون، تصب جميعها في اتجاه منع المسيرات التي يعتزم الأساتذة الغاضبون تنظيمها، اليوم الأحد 03 نونبر الجاري، احتجاجا على ذات المرسوم .

وهكذا سيتم منع المسيرات الاحتجاجية بعدة مدن، منها فاس، تنغير، القنيطرة، بالإضافة إلى مدينة الرباط، عبر قرار صادر عن باشوية أكدال، فيما أقدم باشا مدينة مدينة ميدلت، على منع التنقل للمشاركة في مسيرة مقررة بتنغير، اليوم الأحد.

وصدرت جملة من القرارات العاملية بجهات مختلفة، تقضي بمنع الاحتجاج، ومنع التنقل للمدن التي كان من المقرر أن تنظم هذه الاحتجاجات.

ومن جملة المدن التي صدرت فيها قرارات منع مسيرات النقابة التعليمية الأكثر تمثيلية؛ مكناس وميدلت والقنيطرة وزاكورة والعيون وفاس، وغيرها.

وبررت الداخلية المنع بما قد تشكله من إخلال بالنظام العام وبالأمن، مع تحميل المنظمين والداعين لهذه الاحتجاجات مسؤولية العواقب التي قد تترتب عن عدم الامتثال للمنع.




ولقي هذا المنع استنكارا ورفضا من طرف أعضاء النقابة التعليمية والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، معتبرين أنه تكميم للأفواه وتضييق على العمل النقابي.

ويعيش قطاع التربية الوطنية منذ شهرين تقريبا احتجاجات وإضرابات رفضا للنظام الأساسي الجديد، وهو ما دفع الحكومة إلى الإعلان عن تجميده، ووعدت بإعادة النظر في مقتضياته، مع إقرار زيادة في الأجر، وهو ما لم يكن كافيا بالنسبة للكثير من التنسيقيات والنقابات.

إحصائيات الوزارة تقول في موسم (2023-2024) بلغ عدد المدرسين 283.662، ضمنهم 140 ألفا من أطر الأكاديميات (النصف تقريبا) وأن معدل الإحالة على التقاعد يتجاوز 20 ألف مدرس سنويا، وستعرف سنة 2024، تقاعد حوالي 27 ألف مدرس، وهو ما يعني أن عشر سنوات قادمة كفيلة بالإنهاء هذا الجيل، باستثناء الفئات التي التحقت للوظيفة العمومية قبل جيل أطر الأكاديميات بسنوات معدودة.

يبدو تعامل الحكومة مع هذه الاحتجاجات مرتبكا، فقد لوحت بالاقتطاع من أجور المضربين، ثم صرح بعض مكوناتها في لقاء الأغلبية الحكومية بألا أحد يستطيع لي ذراع الدولة، وأنه لا تفاوض قبل أن يعود الأساتذة إلى الأقسام، قبل أن تتراجع الحكومة ويدعو رئيسها لحوار عاجل مع كل الهيئات، ويعين لجنة ثلاثية حرص أن يكون ضمنها وزير الميزانية تعبيرا عن الاستعداد لتحسين دخل الأساتذة.

وقبل أسبوعين، أدلى وزير التربية الوطنية بتصريحات للتهدئة مؤكدا أنه لا تغيير في عدد ساعات الأساتذة، وأنه منفتح على تجويد المرسوم، وتحسين دخل الأساتذة، بل قدم اعتذارا للأساتذة، وأقر بوجود تسرع في صياغة المرسوم.

الحكومة تعتقد أن تعديل «العقوبات» أو «ساعات العمل» أو «مهام الأستاذ» مع تعويضات مغرية يمكن أن تنهي المشكلة، لكنها لا تجيب في الواقع عن جوهر الحركة الاحتجاجية للأساتذة، أي الهدف الرئيسي من المرسوم، أي إنهاء الوظيفة العمومية بالنسبة للفئتين من أطر الوزارة.

 ويرى الكاتب المغربي بلال التاليدي، أن حكومة رجال الأعمال أمام مأزق، فخيار إسقاط المرسوم، لن يحل المشكلة في تصورها، لأنه سيدفع بفئات أخرى للانضمام إلى الاحتجاج بعد أن منحها المرسوم امتيازات مهمة، ولن يرد الأساتذة إلى القسم ما لم يعلن عن زيادات في أجر الأساتذة، وحل مشكلة الترقية في جميع الأسلاك، وحل بعض المشكلات الفئوية، كما أن خيار إجراء تعديلات على بعض بنوده لن يغري الأساتذة، لأن لا أحد منهم يريد إنهاء الوظيفة العمومية، بينما هدف الحكومة الأول استجابة لشروط صندوق النقد الدولي هو تخفيض الكتلة الأجرية بإلحاق الأساتذة بالمؤسسات العمومية بدل خزينة الدولة.

ويضيف، ثمة في الواقع خطورة كبيرة في تبني خيار استمرار المرسوم، لأن إحدى نتائجه الممكنة هي سنة بيضاء، واحتقان عام في الشارع.

ويشير، سوسيولوجيا، ينبغي الانتباه إلى حدوث تغير جوهري في نواة الأداة الاحتجاجية وشكلها المؤسسي، فالاحتجاجات لا تقودها في الواقع نقابات، بل تقودها منسقيات متمردة عنها وتعتبرها متواطئة مع الحكومة ضد مصالح الشغيلة، كما ينبغي الانتباه أيضا إلى هذه الاحتجاجات تمثل امتدادا لنفس الزخم الاحتجاجي لما يسمى بأطر الأكاديميات، وذلك بسبب تضاعف أعدادهم (140 ألفا) وتشكيلهم لـ 50 في المائة من هيئة التدريس.

وأضاف،  فخطأ الوزارة الكبير، والذي يعتبر استدراكه جزءا من الحل، هو أنها أدخلت فاعلا محايدا إلى حلبة الصراع، فدفعت الأساتذة الخاضعين للوظيفة العمومية إلى ساحة الاحتجاج، وساعدت في منح أطر الأكاديميات زخما جديدا لمطالبهم الأصلية، أي إلغاء التعاقد.

ويقترح، الحل الحالم يكمن في إلحاق الجميع بالوظيفة العمومية، لكن الوزارة، تريد إنهاء هذا الوضع بالكلية، وخلق وضع «وظيفي جديد» يصبح فيه الجميع مستخدما لدى المؤسسات العمومية.

التقدير أنه ليس هناك أفضل من تبني المقاربة الانتقالية، أي الإبقاء على الوضع القانوني لأساتذة الوظيفة العمومية كما هو، والعمل بشكل طبيعي متدرج على إنهائها، باستعمال كل الوسائل القانونية والتحفيزية الممكنة كما سبق تفصيلها.

هذه الخطوة إن تم عطفها بتحسين الوضعية الاجتماعية لهيئة التدريس، لن تحل المشكلة جوهريا، لكنها ستعيد القضية إلى ما قبل الاحتجاج، على الأقل بالنسبة لهيئة التدريس الخاضعين للوظيفة العمومية، وستحقق فصلا بين مسار فئتين عمل المرسوم على توحيدهما في جبهة النضال، لا في المساواة القانونية.