بنكيران يتهم ” الناشطات والجمعيات الحقوقية بالتشجيع على الزنا ونشر الفساد في المجتمع المغربي”

0
358

تجدد السجال في المغرب مجدداً بين حقوقيات مغربيات وعبدالإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي (البيجيدي) بعد إعلان الأخير تمسكه بموقفه الرافض لإلغاء زواج القاصرات، متهما الناشطات والجمعيات الحقوقية بالتشجيع على الزنا ونشر الفساد في المجتمع المغربي، بينما اعتبرت هؤلاء أن مواقف بنكيران تنطوي على “شرعنة للبيدوفيليا”.

وجدد بنكيران خلال كلمته في ملتقى نساء العدالة والتنمية بجهة فاس مواقف “البيجيدي” المعارض لتعديل نصوص مدونة الأسرة “المحسوم فيها بنصوص قطعية”، منوها بتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس المؤطرة لتعديل المدونة.

وقال إن “دعوات التغيير تأتي من الخارج عن طريق جمعيات نسائية تسعى إلى إلغاء النية في الزواج، متهما إياها بالتشجيع على الزنا والتضييق على الزواج وتحويله إلى مجرد وثائق، مضيفا أن أصحابها “لا يتحدثون سوى الفرنسية ويعيشون فوق السحاب” مشيرا إلى أنهم يهدفون إلى نشر الفساد، معتبرا أن إعالة بعض النساء لأسرهن لا يبرر إقرار المساواة في الميراث، قائلا “هذا استثناء ولكن الأصل هو أن الرجل هو المسؤول عن نفقة الأسرة”.

ونقل موقع “هيسبريس” المغربي عن نجاة إخيش رئيسة مؤسسة “إيطو” للنساء ضحايا العنف التي تعد من أبرز المناهضين لتزويج القاصرات، قولها إن تصريحات بنكيران “تشكل شرعنة للبيدوفيليا”، موضحة أن “الذي يفكر في الزواج بفتاة أقل من 18 سنة مكانها الحقيقي هو المدرسة لا يمكن أن نعتبره كحقوقيات سوى جريمة في حق الإنسان وفي حق الطفولة بوجه خاص لأنه لا هامش إطلاقا حتى نقول إن الفتاة موافقة”.

وشددت على أن دعوات تزويج القاصرات تُعتبر “دعما لاغتصاب الطفولة”، لافتة إلى أن “القانون يفرض عقوبات قاسية على كل من تزوج أو زوج أو ساهم في تزويج الأطفال”، مشيرة إلى أن الفتيات اللواتي تزوجن في سن الطفولة يتعرضن لمختلف أشكال العنف.

بدورها اعتبرت أمينة التوبالي عضو ائتلاف “المناصفة دابا” أن “الأمور واضحة ويجب ألا نخضع هذا الموضوع للمزايدات السياسية، لكونه يتعلق بمستقبل المغرب”، مشيرة إلى أن “كل طفلة متزوجة لا تستطيع الدولة الاستفادة من دورها في تنمية مستقبل بلدها”.

وأكدت أن “أطفال المغرب هم مُستقبله ولا يمكن أن نعرقل مسار التنمية المجتمعية في ظل العديد من التحولات التي نعيشها والعودة بها إلى الوراء”.

وتابعت أنه “رغم رفع مدونة الأسرة المعدلة في العام من 2004 من سن الزواج إلى 18 عاما، فإن الاستثناء الذي منحه المشرّع حينها أصبح قاعدة، ما أسفر على فشلها في حماية حقوق الطفلات اللائي يتزوجن مبكرا نتيجة التحايلات على القانون”.

وتعد قضية المساواة في الميراث أحد محاور النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة، في وقت تطالب فيه مجموعة من المنظمات الحقوقية بمراجعة المنظومة وهو ما يرفضه التيار المحافظ الذي يعتبر مجرد طرح هذه المسألة خروجا عن الثوابت.

وفي الوقت الذي يناضل فيه حقوقيون وناشطات وهيئات من أجل تعزيز حقوق المرأة في المغرب والتصدّي لكافة دعوات السماح بزواج القاصرات تدافع نساء العدالة والتنمية عن تعدد الزوجات ويعتبرن أنه “انتصار” للشريعة الإسلامية.

وقالت سعادة بوسيف رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية في ملتقى بجهة فاس إن “تعدد الزوجات مباح وهو شرع الله ومقنن ولكن يجب فقط، ضمان حق المرأة الأولى” وتابعت “المحكمة ليس لها الحق أن تفتح مسطرة الطلاق للشقاق بالنسبة للمرأة في حالة رفضها إعطاء الإذن للزوج بالتعدد، ويجب أن يبقى الطلاق بيدها وعلى القضاء أن يضمن حقوقها”.

ويعتبر العديد من المغاربة أن طروحات حزب العدالة والتنمية “رجعية” وتتضمن عودة إلى الوراء، بينما حقق المغرب مكاسب هامة في مجال حقوق المرأة وباتت النساء المغاربيات يشغلن مناصب إدارية عليا، بعد أن أثبتن تفوّقهن.

أكتوبر المنصرم من العام الجاري ، وتعليقا على تصريحات إعلامية لوزير العدل والحريان، عبداللظيف وهبي، قال محمد عوام، عضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث، إن “وهبي يسعى في خراب المغرب ويريد إفساد البلاد والعباد”، مشددا أن المتحدث أصبح بدعواته المثيرة والغريبة منذر شؤم، وداعية فساد.

وأوضح عوام في حديث لـ pjd، أن وهبي بدعوته هذه، يريد أن تتحول الفنادق إلى أوكار للدعارة والفساد والزنا، فيكون بذلك مخالفا لشريعة الإسلام الصريحة في تحريم الزنا، وكل ما يفضي إليه من سبيل ومقدمات، لأن ما يحرم لذاته، تحرم كافة وسائله، قال تعالى: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”، فهو من المحرمات القطعية في جميع الملل، والمجمع على تحريمها تحريما باتا.

وأضاف الباحث الأكاديمي، كما أنه يخالف دستور المملكة الذي ينص على أن” المملكة المغربية دولة إسلامية”، وفي الفصل(3) “الإسلام دين الدولة”، منبها إلى أن وهبي بهذا القول “يطعن في دستور المملكة، ويخالفه مخالفة صريحة، ولا يقيم له وزنا ولا اعتبارا”.

واسترسل عوام، وفي قوله أيضا مخالفة للملك محمد السادس باعتباره أمير المؤمنين كما هو مقرر في الفصل (41) من الدستور، جاء فيه “الملك، أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية.” والذي صرح بعبارة واضحة أنه “لن يحل حراما أو يحرم حلالا”، فيكون وزيرا للعدل ويا حسرتاه وأسفاه يخالف جهارا ملك المغرب، وما عليه المغاربة من حياء وأنفة وعفة في أغلب أحوالهم وأسرهم.

وتساءل المتحدث ذاته عن السبب الذي يجعل وهبي يصرح بهذا الكلام الساقط، مردفا، ويخرج بوقاحته المعهودة في الوقت الذي هو من بين المشرفين على إصلاح المدونة؟ فهل أصبح محميا من جهة معينة؟ أم أن الرجل أصيب بمرض الفساد الذي أصبح معه لا يلتفت إلى قانون أو عرف، أو أي شيء؟

وتابع، نحن نحذر من هذه الخرجات غير محسوبة العواقب، التي تصدر عن رجل دولة، المفروض فيه أن يتحلى بالرزانة والرشد والاستقامة، لا بالمهاترات الكلامية، والكلام الفارغ، والمخالفات الدستورية، ومناقضة الأعراف الاجتماعية للمغاربة.

ولذلك يقول عضو المركز البحثي، لن يسمح المغاربة لأي أحد أن يمس دينهم، أو يفسد في أرضهم، فيستبيح ما حرم الله، وينشر في الأرض الفساد باسم الحداثة، منبها إلى أن “الحداثة الحقيقية هي التي تهتم بالفقراء فترفع عنهم الهشاشة والفقر والعوز، وتبحث للشباب عن العمل، وترفع عن الشعب الغلاء، وتمكنه من تعليم جيد، وصحة ممتعة”.

وكان الملك المفدى محمد السادس قد شدد خلال دعوته لمراجعة مدونة الأسرة على عدم توجه المملكة إلى الابتعاد من النصوص الشرعية، لافتا إلى أنه “إذا كانت مدونة الأسرة شكلت قفزة إلى الأمام فإنها أصبحت غير كافية، لأن التجربة أوضحت أن هناك عوائق عدة تقف أمام استكمال هذه المسيرة وتحول دون تحقيق أهدافها”.

وكشف استطلاع للرأي أنجزته شبكة “الأفروباروميتر” في المغرب أن نحو 78 في المئة من المغاربة يؤيدون إدخال تعديلات عن مدونة الأسرة من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين على أن تستند إلى الشريعة الإسلامية، بينما يريد 2 في المئة أن ترتكز التعديلات على الاتفاقيات الدولية.