يواجه مشروع التأمين الصحي الإجباري في المغرب الذي عدد سكانه نحو 36 مليون نسمة، عراقيل شتى، في ظل تخبط القطاع في مشكلات عديدة على رأسها ضعف التجهيزات، وقلة الموارد البشرية والتفاوتات الكبيرة في التوزيع الجغرافي للمراكز الاستشفائية وقلة الكفاءات الطبية.
الرباط – صادق مجلس الحكومة، اليوم الخميس، على مشروع القانون رقم 46.23 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، قدمه وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد ايت طالب.
وأوضح الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال ندوة صحفية عقب اجتماع المجلس، أن مشروع هذا القانون يهدف إلى تغيير وتتميم القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.15 بتاريخ 28 رمضان 1438 (23 يناير 2017) كما وقع تغييره وتتميمه.
وأضاف بايتاس أن هذا المشروع يتضمن مقتضيات تهدف إلى تحقيق المواءمة مع أحكام القانون رقم 65.00 كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 27.22، لاسيما في ما يتعلق بنسخ أحكام المادة الثالثة (3) منه؛ وإعطاء الأسبقية لمعيار تصنيف الأشخاص حسب أحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل على حساب معيار الأنشطة والمهن المزاولة إذا كان الشخص المعني مصنفا حسب المهن أو الأنشطة التي يزاولها ومصنفا في نفس الوقت حسب معيار آخر تم اعتماده استنادا إلى أحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل؛ مع تأهيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في حالة انقطاع المؤمن عن أداء الاشتراكات لمدة متصلة تتعدى (12) شهرا، لتطبيق مدة تدريب جديدة في حقه تحدد في ثلاثة أشهر تبتدئ من الشهر الموالي للشهر الذي قام فيه المؤمن المعني بتسوية وضعيته. بالإضافة إلى مقتضيات تهم، حسب الوزير، تحديد الاشتراك المستحق على المؤمن بناء على أعلى دخل جزافي أو أعلى واجب اشتراك، إذا كان المعني بالأمر مصنفا في أكثر من صنف أو صنف فرعي أو مجموعة من الأصناف حسب المهن والأنشطة التي يزاولها؛ مع تغيير وتتميم المادة 29 من أجل إضفاء الطابع الديناميكي على إعداد شهادة إثبات انتظام أداء واجبات الاشتراك.
بعد قتل الجيش الجزائري مواطنيين مغربيين بالسعيدية..عجز الحكومة الدفاع عن مواطنيها وتكتفي بـ: القتل يدخل في اختصاصات السلطة القضائية
في وقت سابق من العام الجاري، قال عزيز أخنوش رئيس الحكومة أمام البرلمان ، إن الحكومة الحالية “نجحت بشكل غير مسبوق في إرساء لبنات تضامن مؤسسي إجباري سيسهم في توفير الحماية للجميع وصيانة حقوقهم، فضلا عن تيسير سبل الولوج إلى خدمات الرعاية الصحية في ظروف لائقة، بشكل يتضمن المساواة بين جميع المغاربة كيفما كانت وضعياتهم المادية والمهنية”.
وأضاف أن “الحكومة نجحت… وقبل انقضاء 2022، في تعميم وتوسيع خدمات التأمين الإجباري عن المرض لتمكين كل المغاربة على قدم المساواة من الاستفادة من خدمات تغطية صحية موحدة بغض النظر عن فئاتهم الاجتماعية أو المهنية”.
وقال إنه في عام واحد “انتقل العدد الإجمالي للمؤمنين من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من 7.8 مليون فرد إلى أزيد من 23.2 مليون”.
وأعلن الملك المفدى محمد السادس حفظه الله في يوليو تموز 2020 عن تعميم التغطية الصحية على جميع الفئات الاجتماعية في المغرب في أجل أقصاه 2022.
* قطاع هش
يتخبط قطاع الصحة في المغرب في مشاكل عديدة على رأسها ضعف التجهيزات، وقلة الموارد البشرية والتفاوتات الكبيرة في التوزيع الجغرافي للمراكز الاستشفائية وقلة الكفاءات الطبية.
ويضطر أغلب المغاربة أصحاب الدخول المتوسطة فما فوق إلى العلاج في المستشفيات الخاصة رغم تكاليفها الباهظة، بسبب تدني مستوى الخدمات المقدمة في المستشفيات العمومية.
كما يعاني القطاع من نقص في الأطقم الطبية إذ يبلغ عدد الأطباء 32 ألف طبيب إلى جانب 65 ألف ممرض.
وقال وزير الصحة خالد آيت الطالب في تصريح صحفي لرويترز في وقت سابق إن “سد هذا العجز على وجه السرعة صعب في ضوء تخرج 1200 طبيب سنويا”.
كما أعلنت الحكومة المغربية أيضا عن نيتها زيادة أجور العاملين في قطاع الصحة وجلب العمالة من الخارج لمواجهة النقص في هذا المجال.
* تحديات كبيرة
أعلنت الحكومة أن كلفة تعميم الحماية الاجتماعية تصل إلى حوالي 51 مليار درهم (نحو 510 ملايين دولار) تمول هذه التكلفة في جزء منها من الاشتراكات بالنسبة للفئات المهنية الذين لهم القدرة على المساهمة في تمويل التغطية الاجتماعية، أما بالنسبة لغير القادرين على المساهمة، فتلجأ الدولة إلى عائدات أخرى كالضرائب والمخصصات المالية من ميزانيتها.
وتهدف هذه التغطية أن تعمم الاستفادة على الفئات المعوزة والمهنيين وأصحاب المهن الحرة.
وأعلنت الحكومة مع نهاية 2022 عن دمج نحو 11 مليون مستفيد في هذه التغطية، وذلك بعد دمج هؤلاء على مراحل بدءا من الربع الأول من 2021.
وقال رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش أمام البرلمان المغربي الشهر الجاري إن الحكومة الحالية “نجحت بشكل غير مسبوق في إرساء لبنات تضامن مؤسسي إجباري سيساهم في توفير الحماية للجميع وصيانة حقوقهم، فضلا عن تيسير سبل الولوج إلى خدمات الرعاية الصحية في ظروف لائقة، بشكل يتضمن المساواة بين جميع المغاربة كيفما كانت وضعياتهم المادية والمهنية”.
وأضاف أن “الحكومة نجحت… وقبل انقضاء 2022، في تعميم وتوسيع خدمات التأمين الإجباري عن المرض لتمكين كل المغاربة على قدم المساواة من الاستفادة من خدمات تغطية صحية موحدة بغض النظر عن فئاتهم الاجتماعية أو المهنية”.
وقال إنه في عام واحد “انتقل العدد الإجمالي للمؤمنين من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من 7.8 مليون فرد إلى أزيد من 23.2 مليون”.
ويرى المحلل الاقتصادي رشيد أوراز أنه من السابق لأوانه التكهن بتأثير مشروع التغطية الصحية على الاقتصاد ككل في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية حاليا كما أن المشروع في بدايته.
وقال “للأسف الوضعية الاقتصادية صعبة، حتى قبل كوفيد، أما الآن بسبب كوفيد والحرب الروسية على أوكرانيا والجفاف وضعف النمو الاقتصادي، هذا كله أدى إلى تراجع أداء الاقتصاد، وبالتالي موارد الدولة”.
وارتفع معدل التضخم في 2022 إلى 6.6 في المائة حسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط من 3.2 في المائة في 2021.
وتتوقع المندوبية نمو الاقتصاد 3.3 في المائة في 2023، من 1.3 في المائة في 2022.
وعد أوراز أن “رداءة البنية التحتية ونقص الأطقم الطبية ستعوق إكمال هذا المشروع في الآجال المحددة”.
وأضاف “النجاح ليس مضمونا، لأن أغلب المشاريع الاجتماعية عادة ما تكون معرضة لمشكلات الفساد وسوء الحوكمة، حتى في الدول الديمقراطية”.
واحتل المغرب المركز 87 عالميا من أصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لـ2021 متراجعا بمرتبة واحدة عن عام 2020.
وقال أوراز “لا شك أن الوضع المؤسساتي الحالي سيعوق نجاح المشروع.. هذه كلها تحديات كبيرة لمشروع الحماية الاجتماعية في المغرب”.
وبدا محمد الشيكر الخبير الاقتصادي أكثر تفاؤلا وقال “حتى لو استفاد من التغطية الصحية شخص واحد فهذا مكسب مهم”.
وأضاف “الأمر يتعلق بالإنسان، كيفما كان العدد المستفيد من الحماية فهذا جيد، فالإنسان يجب أن يكون هو الهدف وليس الوسيلة”.
وقال إن “الدولة عبرت عن إرادتها”، لكن “المهم أن تصل الخدمات إلى جميع مناطق المغرب، فلا نتحدث هنا عن المدن الكبرى والرئيسة، بل يجب الوصول إلى المناطق النائية وأحزمة الفقر”.