تقرير: “قتل الجيش الجزائري لشخصين أعزلين يبرز أن الجزائر تلعب خارج ضوابط المنظومة الدولية”..“المغرب لا يمكن أن يسمح بأن تمر هذه الجريمة الشنعاء مرور الكرام”

0
433

“المغرب لا يمكن أن يسمح بأن تمر هذه الجريمة الشنعاء مرور الكرام”

الرباط – أجرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب تحقيقا في ملابسات مقتل شابين مغربين وإصابة ثالث لا يزال في غرفة الإنعاش، برصاص خفر السواحل الجزائري، في حادثة أثارت غضبا واسعا داخل المغرب وخارجها لانتهاكها حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا في مثل هذه الحالات.

وتتعلق الحادثة بأربعة شبان يحملون الجنسية الفرنسية، ينحدرون من مدينة وجدة (شرق المغرب)، جاؤوا إلى شاطئ السعيدية لتمضية عطلة الصيف.

وتناقلت وسائل الإعلام الخميس الماضي، خبرا عن قتل خفر السواحل الجزائري سائحين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية بعدما أطلق عليهما النار إثر دخولهما المياه الجزائرية عن طريق الخطأ، في ممارسة تخالف كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية التي تفرض على أي سلطة في مجال سيادتها الالتزام بمعايير معينة في التعامل مع حوادث التيه في المياه الإقليمية.




في أول تعليق جزائري على حادثة مقتل مواطنين مغاربة : قالت وزارة الدفاع الجزائرية أكدت، في أول تعليق لها على حادث مقتل مغربيين اثنين في مياهها الإقليمية، أنه تم تحذير الأشخاص الذين اخترقوا الحدود، ولكنهم رفضوا الاستجابة.

واضافت أنه “خلال دورية تأمين ومراقبة بمياهنا الإقليمية، اعترضت وحدة من حرس السواحل.. دراجات مائية قامت باختراق مياهنا الإقليمية”، وتم “إطلاق تحذير صوتي وأمرهم بالتوقف عدة مرات، الذي قوبل بالرفض، بل وقيام أصحاب الدراجات المائية بمناورات خطيرة”، بحسب بيان الوزارة. 

وأكد البيان نفسه ذكر أنه خلال “دورية أخرى لحرس السواحل، يوم الأربعاء، 30 أغسطس تم انتشال جثة مجهولة الهوية من جنس ذكر، مصابة بطلق ناري تم تحويلها إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى تلمسان”.

كما أكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان “وفاة فرنسي واحتجاز آخر” في حادث في الجزائر، دون أن تقدم مزيدا من التوضيحات حول الحادث وظروفه.

وكلف المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب وفدا رسميا يضم رئيس اللجنة الجهوية (المحلية) بجهة الشرق محمد العمارتي، وعدد من أعضائها وطاقمها الإداري لجمع المعلومات والتفاصيل عبر الاستماع للناجي من الحادثة محمد قيسي ولأفراد أسرة الشابين بلال قيسي وعبد العالي مشيور.

وخلصت معلومات المجلس إلى أن جثمان أحد الشابين الذين قتلا لا يزال موجودا بالجزائر، فيما إصابة الشاب الثالث خطيرة ويقبع حاليا في غرفة الإنعاش بوجدة، كما تم اعتقال شاب مغربي آخر تقررت إدانته بثمانية عشر شهرا.

وأصدر المجلس بيانا أدان فيه استعمال الرصاص الحي من قبل قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط تجاه مواطنين عزل، عوض المبادرة كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، في انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

واعتبر متابعون أن الحادثة إشارة واضحة إلى الاستفزاز المتعمد الذي تمارسه السلطات الجزائرية ضد المغرب، رغم الرسائل الايجابية التي أرسلها مرارا العاهل المغربي الملك محمد السادس لطي صفحة الخلاف بين الجارتين.

وقال العباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس، إنّ “المغرب لا يمكن أن يسمح بأن تمر هذه الجريمة الشنعاء مرور الكرام”، مضيفا أن “المسؤولين سيسلكون المسارات التي يخولها لهم القانون الدولي، لأن القتل بهذه الطريقة لشخصين أعزلين يبرز أن الجزائر تلعب خارج ضوابط المنظومة الدولية”.

وتابع “المغرب لن يرد بالمثل، ولكن سيلجأ إلى الطرق القانونية من أجل رد الحقوق إلى أصحابها”

وتساءل المجلس عن أسباب لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة، خاصة أن الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها.

وشدد على الحق المشروع لأسرة الشاب عبد العالي مشيور في استلام جثمانه، حتى يتسنى لأسرته إكرامه ودفنه وفق العادات الاجتماعية والثقافية بالمغرب.

كما أبدى استغرابه من السرعة التي تمت فيها محاكمة الشاب إسماعيل الصنابي، الذي تقرر إدانته بثمانية عشر شهرا، مؤكدا على مشروعية مطالب أسرته الداعية إلى إطلاق سراحه وتسليمه للسلطات المغربية.

وأعرب أنه سيتابع حقوق الضحايا في الحصول على العدالة، داعيا النيابة العامة إلى نشر نتائج التحقيقات التي ستتوصل إليها.

كما توجه إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر، من أجل العمل على منح الصنابي الموجود رهن الاعتقال في الجزائر، كافة ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية والسماح لمراقبين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية.

وسيواصل المجلس تتبعه عن كثب لتطورات الحادثة وتطبيق قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعاير الدولية في كل ما يرتبط بها، صونا للعدالة وللحقوق الجوهرية للضحايا وأسرهم.