سُجِّلَ غياب المعهد الوطني للجيوفيزياء وتخليه عن مهامه العلمية.. 1037 قتيلا في أعنف زلزال يضرب المغرب منذ قرن

0
444

استمع لهذا التقرير:

تقرير : جمال السوسي

أفاد التلفزيون الرسمي المغربي نقلا عن وزارة الداخلية ظهر اليوم السبت، بارتفاع عدد ضحايا الزلزال الذي ضرب البلاد مساء أمس الجمعة، إلى 1037 قتيلا، و1204 مصابين، من بينهم 721 إصاباتهم خطرة.

وبينما ذكر المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب أن شدة الزلزال بلغت 7.2 درجات على مقياس ريختر، أفادت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن شدته بلغت 6.8 درجات على المقياس نفسه.

وقال رئيس المعهد، أن الزلزال وقع حوالي الساعة الـ11 مساء أمس الجمعة، (الساعة الـ22 بتوقيت غرينتش)، جنوب غربي مراكش على عمق 8 كيلومترات، وكان مركزه في إقليم الحوز- هو الأعنف منذ قرن.

كان من المتوقع أن يقوم المعهد  الوطني للجيوفيزياء في المغرب بإصدار  نشرة إخبارية إنذارية لتوعية المواطنين والسلطات بإمكانيات حدوث هزة أرضية وشيكة الوقوع. 

وهذا الخبر الهام سيعمل على توعية المواطنين والسلطات بهذه الهزة الأرضية القوية والعنيفة بشكل كان يمكن أن يكون معه تفادي الخسائر في الأرواح والممتلكات ـ إلاّ أن هذه المؤسسة الوطنية لم تقوم بالمهمة الملقات على عاتقها في هذا الصدد مما جعل الهزة الأرضية ذات أثار مذمر لأن السكان لم يتحسبوا لذلك ، خاصة أن السلطات العمومية أيضاً لم يسبق لها في هذا الصدد أن أشارت إلى إمكانية حدوث هزة أرضية كما حدث يوم الجمعة مساءً.

ومن المعلوم أن هناك بعض المشاكل الاجتماعية وما يتبعها من كوارث وحوادث يجب أن تكون محل اهتمام من طرف ما يصطلح على تسميته  بــ “مؤسسة إدار ة الكوارث” التي يفترض أن تشتغل بواسطة فرق عمل يمتد نشاطها طوال 24 ساعة  بدون انقطاع.

ولا شك في إدارة الكوارث هو من الإختصاصات التي يجب أن يكون ماثلاً من ضمن مؤسسة جعلت لهذه الغاية ، حتى إذا حدث زلزال  ما أو شيء من هذا القبيل أو حريق أو ما هو من جنس  ذلك تكون الأضرار نسبياً محدودةٌ لأن مؤسسة إدارة الكوارث معبئة دوماً للتحسيس بها  من أجل تلافيها ومن أجل الحدّ من الخسائر  في الأرواح والممتلكات بفضل  تدخلها في الوقت المناسب  وقت وقوع هذه الكوارث.

ووفقا للهيئة الأمريكية فإن “الزلازل بهذا الحجم في المنطقة غير شائعة، فمنذ عام 1900، لم تكن هناك زلازل بهذه القوة”، وقالت الهيئة إنه “من المحتمل أن تكون الكارثة واسعة النطاق”، مشيرة إلى أن العديد من الأشخاص في المنطقة يقيمون في مبان “معرضة بشدة للاهتزازات الزلزالية”.

ويعتبر المغرب من بين أكثر البلدان تعرضاً للمخاطر المرتبطة بالظواهر الجيولوجية والمناخية في شمال أفريقيا، بحسب ما أورد تقرير نشره البنك الدولي في 13 أغسطس/ آب 2022، في حين تشير تقارير هذا البنك إلى أن “الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والزلازل والجفاف، تكبد المغرب خسائر تتجاوز 575 مليون دولار سنوياً”.

ومنذ يوليو/ تموز الماضي عرف المغرب موجة حرائق اندلعت في بؤر عدة في مناطقه الشمالية، وتسببت في مقتل أربعة أشخاص. والتهمت هذه الحرائق التي ترافقت مع موجات حرّ شديد، نحو 10.300 هكتار من مساحات الغابات.

كذلك قضى ثلاثة رجال إطفاء، وأصيب اثنان بجروح بليغة في حادث سقوط آلية استقلوها خلال مشاركتهم في مكافحة حريق اندلع في غابة بوادٍ في محافظة المضيق شمالي المغرب.

يرى الخبير في شؤون المناخ محمد بنعبو، في تصريحات إعلامية سابقة، أن الحرائق التي ضربت شمالي المغرب، وحالات الجفاف السائدة في مناطقه، والفيضانات التي سُجلت في السنوات الماضية، تدخل في سياق توقعات البنك الدولي الخاصة بتزايد شدة الظواهر والكوارث الطبيعية. ويدعو إلى تعزيز إجراءات العمل الاستباقي والتنبؤ بالكوارث الطبيعية، ويقول: “إذا ركزت الدولة على الحدّ من مخاطر الكوارث من خلال تدابير استباقية، واستثمرت في التأهب لمواجهة الكوارث، سيمنع ذلك حدوث أضرار اقتصادية جسيمة، ويجنّب البلاد خسائر يمكن أن تستخدم في تعزيز الاستثمار”.

ويورد تقرير البنك الدولي أن مشروع “الإدارة المتكاملة لمخاطر الكوارث ومواجهتها” ساعد المغرب في الصمود في وجه الكوارث والتغيّرات المناخية. ويشيد بالاستراتيجية الوطنية لإدارة المخاطر، معتبراً أنها “تتيح تدابير أفضل لمواجهة الآفات الطبيعية الموسمية وغير الموسمية”.

ومن الآليات التي يعتمدها المغرب في هذا الشأن، “صندوق التضامن” المخصص للتعامل مع الكوارث، والذي يوفر تعويضات مالية للضحايا، ويتكفل بعلاج ومتابعة حالة المعطوبين والمصابين، حيث يتم تأمين 9 ملايين شخص تقريباً من الإصابات الجسدية في الكوارث التي تحصل.

وفي عام 2020، وضع “صندوق التضامن” ضد الكوارث الطبيعية في الخدمة، بموجب قانون خاص أقرّ لتغطية عواقب الوقائع الكارثية.

ومن أجل تفعيل الصندوق والشروع في تعويض الوفيات والأضرار البشرية والمادية للكوارث الطبيعية، يجب تصنيف الحادث “كارثة طبيعية” تمهيداً لبدء لجنة متخصصة عملية تقييم الوضع، وتحديد المناطق المنكوبة، قبل إدراج الضحايا في قائمة المتضررين للإفادة من التعويضات.

وبين المشاريع التي يدعمها ويمولها البنك الدولي لدعم مواجهة الكوارث، إنشاء المركز الوطني لرصد مخاطر الفيضانات في أربع مناطق تعتبر الأكثر تعرضاً للفيضانات، واتخاذ تدابير وقائية في حالات الطوارئ.