عندما كانت في التاسعة عشرة من عمرها، كانت تناضل من أجل التحالف الوطني اليميني المتطرف، وقالت للتلفزيون الفرنسي إن “موسوليني كان سياسيا جيدا، لأن كل ما فعله، فعله من أجل إيطاليا”، وما لبثت أن أصبحت ميلوني رئيسة لحركة الشباب.
الصعود السياسي
بدأت ميلوني حياتها العملية صحفية، وتعزز صعودها في السياسة من خلال وصول سيلفيو برلسكوني إلى السلطة أول مرة عام 1994، في ائتلاف مع التحالف الوطني المعاد.
وفي عام 2006، دخلت البرلمان بعد انتخابها نائبة عن “التحالف الوطني” وهي في التاسعة والعشرين من عمرها، وأصبحت أصغر نائبة رئيس لمجلس النواب الإيطالي. وفي عام 2008 تم تعيينها وزيرة لسياسة الشباب في حكومة برلسكوني، وهو المنصب الذي شغلته منذ 8 مايو/أيار 2008 حتى 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وكانت أصغر وزيرة في تاريخ الجمهورية الإيطالية.
في 2009، اندمج حزبها مع حزب “فورزا إيطاليا” في حزب موحد سمي “شعب الحرية”، وتولت رئاسة قسم الشباب فيه وأطلق عليه اسم “إيطاليا الشابة”.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2012، انسحبت رفقة زميلين لها من حزبها لتأسيس حركة سياسية جديدة، اقتُبس اسمها “إخوة إيطاليا” من النشيد الوطني الإيطالي. وفي الانتخابات العامة 2013، حصل حزبها على 2% من الأصوات بمجموع 9 مقاعد برلمانية. وفي مارس/آذار 2014 فازت في الانتخابات التمهيدية لحزبها وأصبحت رئيسة له.
كانت مرشحة لمنصب رئيس بلدية روما عام 2016، لكنها خسرت. وقد صوتت هي وحزبها بـ”لا” في الاستفتاء على الدستور الإيطالي في العام ذاته.
منذ ذلك الحين، عملت ميلوني على إخراج الحزب من الأطراف، من خلال إعادة تشكيله باعتباره بطلا محافظا على الوطنية. ساعد هذا النهج في دفع المجموعة إلى الأمام، وهي الصورة التي شكلها انتخاب ميلوني رئيسة لتحالف المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين عام 2020.
حاولت ميلوني أيضا تطهير حزبها من صورته الفاشية الجديدة. ففي أغسطس/آب الماضي، أصدرت مقطع فيديو تحدثت فيه باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية التي تجيدها جميعا، وقالت فيه “لقد سلم اليمين الإيطالي الفاشية إلى التاريخ لعقود حتى الآن”، وهي تصر على أن داخل حزبها “لا مجال لمواقف الحنين إلى الماضي”.
أخذ حزبها اسمه من السطر الأول من النشيد الوطني لإيطاليا، وشعارها يتضمن نفس اللهب الذي استخدمته الحركة باللون الأخضر والأبيض والأحمر لعلم البلاد. وقد رفضت الدعوات لتغيير الشعار، قائلة إنها “فخورة” به، وأصرت على أن الشعلة “لا علاقة لها بالفاشية”، وحافظت على الشعار الفاشي: “الله، الوطن، الأسرة”.
يرى المراقبون أن ميلوني ظلت متماسكة لأنها تمكنت من العمل بهدوء في مشروعها السياسي دون دفع ثمن سياسات الحكومة اليومية في هذه العملية، وكانت قادرة على جذب الناخبين من ذوي المثل اليسارية، كما أن لديها جمهورا ناخبا ليس متطرفا أيديولوجيا إلى اليمين.
ميلوني أمّ غير متزوجة، ولديها طفلة من خارج نطاق الزواج ولدت عام 2006، وهي لا تصف نفسها بأنها نسوية، بل تقول إنها تعارض “الكوتا الوردية” (الحصة النسائية)، وإن الأدوار يجب أن تتحقق من خلال الجدارة، لا بحسب الجنس. وترى أن حزبها هو الحزب الوحيد الذي يضم العديد من النساء في مناصب قيادية، لكن معارضيها يجادلون في أنها لم تفعل سوى القليل لتعزيز التقدم الاجتماعي والاقتصادي للمرأة.
تتبنى ميلوني آراء متشددة بشأن قضايا مثل الهجرة غير النظامية، وقد دعت البحرية الإيطالية إلى إعادة المهاجرين إلى أفريقيا، كما دعت إلى فرض حصار بحري لمنع القوارب القادمة من شمال أفريقيا، لوقف الهجرة غير النظامية، كما طالبت الاتحاد الأوروبي بترك الميثاق العالمي بشأن الهجرة، وهو اتفاق غير ملزم للأمم المتحدة كان هدفا لنظريات المؤامرة اليمينية المتطرفة في العديد من البلدان، لكنها تبدي موقفا أقل تشددا مع المهاجرين “القابلين للاندماج”، في إشارة إلى المهاجرين غير المسلمين.
تقدّم نفسها أيضا على أنها “مؤيدة للأسرة”، ورفعت شعار “الله، الوطن، الأسرة” الماثل في أذهان كثيرين ممن عايشوا الحرب العالمية الثانية، وتتعاون هي وحزبها مع حركات مناهضة للإجهاض ومناهضة لمجتمع “الميم” (المثليين). ومن مواضيع حملتها الرئيسية: الحاجة إلى زيادة معدل المواليد المنخفض في إيطاليا، من خلال تشجيع النساء “الأصليات” على إنجاب الأطفال، وفي الوقت نفسه شجب خطر “الاستبدال العرقي” من قبل المهاجرين، كما أنها تعارض الإجهاض والزواج من نفس الجنس.
وقالت ميلوني إنها مؤيدة لأوروبا، لكنها -مثل زعيم حزب الرابطة الإيطالية (لا ليغا) ماتيو سالفيني- تشارك رؤية أوروبا “أكثر انسجاما” مع رؤية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، بحجة أن سياسات الاتحاد الأوروبي ينبغي ألا تحل محل السياسات الإيطالية. وذكرت ميلوني أنها ستعيد التفاوض بشأن اتفاقية الدعم المالي الأوروبي في حال فوزها في الانتخابات، وتعهدت خلال خطاب لها في مدينة ميلانو -عاصمة الاقتصاد الايطالي- وأمام أنظار منافسيها اليمينيين سالفيني وبرلسكوني، حيث تشكل المدينة معقلهما السياسي والانتخابي، باعتماد مبدأ “إيطاليا أولا”.
لكنها في المقابل أبدت استعدادها للتفاوض بمرونة مع الاتحاد الأوروبي، حفاظا على عدم تعثر الموازنة التي أقرتها الحكومة الإيطالية في ظل تقشفٍ خلفته أزمة الطاقة المتصاعدة، والمخاوف من خطر الركود الذي تخشاه أوروبا على خلفية الحرب في أوكرانيا
في شتاء عام 2019، كانت النوادي الليلية في جميع أنحاء إيطاليا ترقص على إيقاع كهربائي ثابت مصحوب بعبارات ميلوني: “أنا جورجيا، أنا امرأة، أنا أمّ، أنا إيطالية، أنا مسيحية”، بهدف الاستهزاء بها، لكن بعد 3 سنوات، يبدو أن رسالتها المحافظة للغاية والقومية قد حققت نجاحا أيضا على أرض الواقع، لكنه يظل اختبارا لمعرفة ما إذا كانت مشاعر اليمين المتشدد تكتسب المزيد من الزخم في الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة في الآونة الأخيرة.