بعد تقرير: “6 مجموعات للناشرين استحوذت على 63% من سوق الكتاب”..ماذا بعد الإقرار بالفشل السيد الوزير؟

0
316

جريمة لا تغتفر، وغلطة تاريخية ونقطة سوداء لا تمحى، ما أقدم عليه 6 مجموعات للناشرين استحوذوا على 63% من السوق الوطنية للكتاب المدرسي لمدة 20 سنة، وتعـد هـذه الوضعيـة شـكلا مـن أشـكال الريـع المقنـع يفضـي إلـى إطالـة أمـد احتـكار نفـس الناشـرين لسـوق الكتـاب المدرسي بالمغـرب، حيـث ظلـت حصـص المتنافسيـن مسـتقرة تقريبـا لأكثـر مـن عشـرين سـنة

بمجرد اطلاعه على آخر تقرير حول الوضع الكارثي لقطاع التربية والتعليم، سارع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة،شكيب بنموسى، إلى الإقرار صراحة : “نحن في بداية مسار صعب وطويل، والسؤال المطروح هو: هل التدابير التي نتّخذها ستساهم في تحسين الجودة؟”.. ما كنا نعتقد أنه في حاجة إلى تقارير أجنبية، لاكتشاف الفشل الكبير في تدبير ملف التعليم، وهو الخبير بأسرار الوزارة العائمة في بحر الأوهام.

وبديهي أنكم –السيد الوزير- فاشلون كسابقيكم، من الذين لا تتجاوز مهامهم حدود التشخيص والتمحيص والتنظير، وإلهاء المواطنين بترديد شعارات: الجودة، وتخليق الحياة المدرسية وإرساء دعائم القيم، والنزاهة والحكامة ومدرسة النجاح…إذ مازلنا نذكر حماس البداية ودعوتكم إلى إحداث ثورة عارمة في حقل التعليم، بتعاون مع مختلف القطاعات والمنتخبين والمفتشين والأساتذة والمديرين والأسر وجمعيات المجتمع المدني، بحثا عن حلول ناجعة لمشاكل المدرسة المتعددة والمعقدة.

بدوره ، دعا فريق التقدم والاشتراكية وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى إلى اتخاذ القرارات اللازمة لإعادة الاعتبار للكتاب المدرسي، شكلاً ومضموناً.

ووجّه رئيس فريق التقدم والاشتراكية (معهارضة ناعمة)، رشيد حموني، سؤال كتابي، بنائ على ما جاء في تقرير مجلس المنافسة، الذي أصدره قبل يومين بخصوص سوق الكتب المدرسية، إن هذه الأخيرة تفتقر للدينامية منذ سنة  2008 إلى حدود اليوم، موضحا أنها ســوق غيــر مفتوحــة فـــي وجــه المنافسة، وأن الـوزارة لـم تعـد تفتـح بـاب المنافسة إزاء المسـتويات الدراسية والمـواد المعنيـة بالتدريس.

وأشار سؤال المعارضة التقدمية إلى أن النمـوذج الاقتصادي الـذي يقـوم عليـه سـوق الكتـاب المدرسي حاليا يأتـي بنتائـج عكسـية، حيث يرتكـز علــى العـرض والطلـب المدعومين علـى نحـوٍ مصطنـع مـن الأموال العموميـة وشـبه العموميـة.  وأضاف أن إنتاج الكتاب المدرسي يتم بشكلٍ مُضَخَّم للاستعمال السنوي الواحد ودون حوامل رقمية مرفقة، بما يسبب في إهدار موارد البلد والأسر المغربية.

ولفتت المعارضة الاشتراكية  إلى كون مجلس المنافسة أكد أن 6 مجموعات للناشرين تستحوذ على 63% من السوق الوطنية للكتاب المدرسي، حيث تَحَوَّلَ الكتاب المدرسي عملياًّ من أداة بيداغوجية إلى سلعة تجارية، كما صارت الكتب المدرسية أقل جودةً وجاذبية للتلميذ، ولـم يحقـق تعـدد وتنـوع الكتـاب المدرسي الأهداف المنشودة.

وأبرز رئيس فريقي حزب“التقدم والاشتراكية” أن من التوصيات الأساسية الواردة في وثيقة الرأي المذكور “ضـرورة جعـل إنتـاج الكتـب المدرسية الموجهة للسلكين الابتدائي والثانـوي مـن اختصـاص الدولـة، باعتبـاره عمـلاً يؤسـس للسـيادة الوطنيـة، حيـث يتعيـن علـى الدولـة أن تسـتمر فــي الاحتفاظ باختصـاص إعدادهـا وحقـوق المؤلف المرتبطة بهـا، وأن تسـتهدف خلـق صـرح يخـدم وحـدة الأمة وهويتهـا وقيمهـا”.

قرض إضافي من البنك الدولي لقطاع التعليم بقيمة 200 مليون دولار رغم ثُلث الطلاب لا يفهمون المُقرَّر.

وكان مجلس المافسة ، قال أن العــرض الحالي للكتــب المدرسية الموجهــة لمؤسســات التعليــم المدرسي العموميــة، متكون مــن 381 عنوان لجميـع المسـتويات والمـواد الدراسـية دون اسـتثناء، وأنه مستقر نتيجـة للدعـوات إلـى المنافسة المطروحـة فــي الفتـرة الممتـدة مـن 2002 إلـى 2008 والمسـندة ل 36 ناشـرا بهـذه الكراسـات، جاعلـة بذلـك الناشـرين، الذيـن حظيـت مشـاريع الكتـب المدرسية الخاصـة بهـم بالقبـول، والجهـات الفاعلـة فــي السـوق دون سـواها، وذلـك لأزيـد مـن عشـرين سـنة بالنسـبة لبعضهـم.

كشف تقرير حديث لمجلس المنافسة (مؤسسة رسمية) أن سوق الكتب المدرسية بالمغرب يتميز بسلسلة من “الاختلالات التي تؤثر على الأداء التنافسي ومستوى التعلمات لدى التلاميذ”، مسجلا أن “النموذج الاقتصادي الذي تقوم عليه يأتي بنتائج عكسية”.

فبالرغـم مـن المقتضيـات المنصـوص عليهـا فــي دفاتـر التحمـلات، والتـي تحـدد مـدة صلاحيـة الكراسـة فــي ثـلاث سـنوات، لـم تسـر هـذه القاعـدة إلـى حـدود اللحظـة بسـبب عـدم طـرح أيـة دعـوة إلـى المنافسة منـذ اسـتكمال المشـاورات المطلقـة فــي الفتـرة الممتـدة مـن 2002 إلـى 2008.

وفــي غيـاب مشـاورات جديـدة، تباشـر الـوزارة، كلمـا اقتضت الضـرورة ذلك، تقويمـات للكتـب المدرسية المصـادق عليهـا بواسـطة ملحقـات عقـود موجهـة للناشـرينويتـم بموجبهـا تمديـد صلاحيـة الكتـب فــي كل مناسـبة لمـدة سـنة واحـدةوتعـد هـذه الوضعيـة شـكلا مـن أشـكال الريـع المقنـع يفضـي إلـى إطالـة أمـد احتـكار نفـس الناشـرين لسـوق الكتـاب المدرسي بالمغـرب.

وقـد سـبق وأن رصـد مجلـس المنافسة هـذا الخلـل سـنة 2009، وأصـدر رأيـا حـول الوضعيـة، وأبـرز مـن خلالـه عـددا مـن الاختلالات التـي تعتـري سـيرورة الانتقـاءودفعـت هـذه الخلاصـة بالحكومـة إلـى إعـادة النظـر فــي دفتـر التحمـلات الإطـار، مراعيـة كافـة ملاحظـات المجلس وتوصياتـه.

و تجدر الإشـارة إلـى أنـه وتطبيقـا لمقـرر الوزيـر الأول الصـادر فــي 07 ينايـر 2010 تقـررت مراجعـة دفاتـر التحمـلات المتعلقـة بالكتـب المدرسيةوأفضـى تفعيـل القـرار إلـى إطـلاق طلبـات عـروض سـنة 2011 مؤطـرة بصيغـة جديـدة مـن هـذه الدفاتـر.

بيــد أن هــذه العمليــة، التــي طالمــا انتظرهــا مختلــف الفاعلــين فـــي ســوق النشــر، وكــذا هيئــة التدريــس وأوليــاء التلاميـذ، توقفـت فجـأة بقـرار مـن وزيـر التربيـة الوطنيـة آنـذاك فــي سـنة 2011 ، دون التشـكيك فــي صحتـه مـن قبـل الـوزراء الذيـن جـاؤوا بعـده. وحسـب التصريحـات المسـتقاة مـن بعـض الناشـرين، أفضـى إلغـاء العمليـة إلـى خســائر ماليــة كبيــرة ناجمــة عــن الاســتثمارات المنجــزة.

يبدو أن سوق الكتب في المغرب مفككة ظاهريا ومركزة بشدة من الناحية الاقتصادية، أتاحــت الدعــوات إلــى المنافسة المطروحــة ســنة 2011، والتــي ظلــت دون تتبــع وانصبــت علــى الكتــب المدرسية الموجهـة للسـلك الابتدائـي، تسـجيل مشـاركة 68 ناشـرا ضمنهـم 25 فاعـلا جديـدا، ممـا يوحـي بـأن سـوق الكتـاب المدرسي تظـل مفتوحـة، غيـر أن افتحـاص بنيـة العـرض عـن كثـب فــي هذه السـوق كشـف أن هـذه البنيـة لـم تشـهد تغييـرا جذريـا، بالنظـر إلـى اسـتمرار نفـس دور النشـر فــي مزاولـة النشـاط فيهـا لأزيـد مـن عشـرين سـنة وبنفـس عناويـن الكتـب المصـادق عليهـا مـن لـدن الـوزارة، محققـة بالتالـي حصـص سـوق ظلـت ثابتـة تقريبـا.

فاسـتنادا إلـى العناويـن المصـادق عليـها، يظهر حصـص سـوق الناشـرين كمـا يتضـح أن الخلاصـة هي ركـود السـوق، حيـث ظلـت حصـص المتنافسيـن مسـتقرة تقريبـا لأكثـر مـن عشـرين سـنةكمـا يكشـف التحليـل عـن انقسـام شـديد لسـوق النشـر، حيـث لا تتوفـر دار النشـر الرائـدة سـوى علـى حصـة تبلـغ حوالـي 11 فــي المائة، فــي حيـن تمتلـك الغالبيـة العظمـى مـن دور النشـر حصصـا تقـل عـن 3 فــي المائة.

من جهتها أكدت الجمعيــة المغربيــة للناشــرين أن العــدد الإجمالــي لــدور نشــر الكتــاب بالمغــرب برســم الموســم الدراســي(2022-2023 )مـع اسـتثناء الناشـرين الصغـار جـدا، بلـغ قرابـة 70 دارا، منضويـة تحـت لـواء ثـلاث جمعيـات مهنيـة،  منهـا 41 دارا تنشـط فــي قطـاع الكتـاب المدرسي، وينتسـب 23 عضـوا منهـا إلـى الجمعيـة المغربيـة للناشـرين.

يظهـر أن سـوق نشـر الكتـب المدرسية تعرضـت للإغـلاق فــي مرحلتهـا القبليـة نتيجـة آليـة طلبـات العــروض المذكــورة التــي ظلــت معطلــة منــذ ســنة 2008 ، وأتاحــت لــدور النشــر ذاتهــا الاســتفادة مــن وضعيــة ريــع حقيقيــة لأزيــد مــن عشــرين ســنة.

وأســفرت عــن تحييــد الآثــار النفعيــة للمنافســة النزيهــة والشــريفة مــن خـلال حـث الناشـرين علـى البحـث أو حتـى تقويـة وضعياتهـم الريعيـة بـدلا مـن السـعي نحـو الابتـكار أو الإبـداع للنهــوض بأنشــطتهم.

ورصـدت ملاحظة مجلس المنافسة فــي المرحلـة البعديـة للسـوق، إذ اصطـدم تفعيـل تعدديـة الكتـاب المدرسي بغيـاب الرؤيـة بشــأن المعاييــر الواجــب اعتمادهــا مــن حيــث اختيــار الكراســة المدرسية والمــراد اعتمادهــا مــن قبــل مؤسســات التعليــم المدرسي.

وكشف تقرير رسمي مغربي أن ثُلث طلاب البلاد لا يتعدّى فهمهم للمُقررات الدراسية 42%. في معطيات صادمة بخصوص المستوى التعليمي بالبلاد، تبرز تفاوتات شاسعة بين القطاع الخاص والعام، وتطرح سؤالاً: هل فشل التدريس باللغة العربية في المغرب؟

منذ سنوات والتقارير الدولية تدقّ ناقوس الخطر حول ملف التعليم بالمغرب. آخرها البنك الدولي الذي صنَّف البلاد في مراكز متأخرة خلال دراسته الصادرة شهر يونيو/حزيران الماضي، خالصاً إلى أنّ 66% من الطلاب المغاربة يعانون “فقر التعلّم”.

وتضيف دراسة البنك الدولي أن 67% من الأطفال في المغرب لا يستطيعون الإجابة بشكل صحيح على سؤال واحد من أسئلة فهم المقروء. كما يُسجّل المغرب معدّلات دُنيا في مواظبة أولياء الأمور على قراءة الكتب لأطفالهم قبل الالتحاق بالمرحلة الابتدائية. بالمقابل أوصت بأنّ النهج الأفضل لتعليم اللغة العربية لصغار الناطقين بها يحتاج إلى مساعدة الأطفال على الانتقال من مرحلة “تعلّم القراءة” إلى مرحلة “القراءة للتعلّم”.

فيما لا تختلف آخر الأرقام الرسمية المغربية عن نظيرتها الدولية في حدّة تشخيص الأزمة التي يعرفها قطاع التعليم بالبلاد. هذا ما يخلُص إليه تقرير أخير لـ”المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي”، متحدّثاً عن تفاوتات شاسعة في مستوى التعلّم لدى الطلاب بين القِطاعين العام والخاص وعن فشل خيار التعليم باللغة العربية.

في المقابل، يرى المشتغلون بالقطاع أنّ سبب هذا التعثّر المزمن للتعليم المغربي عوامل أخرى غير لغة التدريس، وأنّ المدرسة العمومية تعاني مشاكل هيكلية هي المسؤولة عما يشهده القطاع من أزمة.

ثُلثهم لا يفهمون المُقرَّر

“معطيات صادمة” وصفت بها الصحافة المحلية ما خلص إليه تقرير “المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي” المغربي حول وضعيّة التعليم بالبلاد. حيث كشف أن 31% من الطلاب لم يتجاوز استيعابهم لمُقرَّر اللغة العربية الرسمي في السنة السادسة نسبة 42%، ولا تتعدى هذه النسبة 32% في الوسط القروي.

أما بالنسبة للفصل الثالث من المستوى الإعدادي، بحسب التقرير، فـ46% من الطلاب لا يتجاوز استيعابهم مُقرَّر اللغة العربية نسبة 36%. مقابل 10% فقط منهم الذين تمكّنوا من تجاوز 90% من استيعاب البرنامج. وأظهر التقرير أنّ طلاب القطاع الخاص يتفوّقون في إتقان اللغة العربية مقارنة بتلامذة القطاع العمومي، وأنّ طلاب المدن يتفوقون في ذلك على طلاب القرى.

وفي أول خروج له بعد صدور التقرير، قال وزير التعليم المغربي، شكيب بن موسى: “نحن في بداية مسار صعب وطويل، والسؤال المطروح هو: هل التدابير التي نتّخذها ستساهم في تحسين الجودة؟”. مجيباً أنه “ممكن أن ننجح في إجراءات، وممكن أن لا ننجح، لكن إن اتفقنا على الهدف، يمكن إيجاد كل الحلول للمشاكل”.