نواب “البجيدي” شروط “شراء أيام السجن” المثير للجدل لم تنضج بعد والقانون لا يضمن جبر الضرر للضحايا

0
411

أقرّ البرلمان الغرفة الأولى قانون شراء أيام السجن ضمن العقوبات البديلة، رغم اعتبار فرق المعارضة خلال البت في التعديلات المقدمة في اجتماع دام لساعات أن “الغرامة اليومية تشرعن لشراء الميسورين أيام السجن”، لكن وزير العدل قال إنه تم تطويق العقوبات البديلة بشروط.

واعتبر حزب “العدالة والتنمية”(معارضة ناعمة)،  أن شروط الغرامة اليومية أو شراء أيام السجن لم تنضج بعد وليست واضحة، مشيرا أن هذا الأمر يحتاج إلى نقاش مجتمعي واسع، ويجب أن تراعى فيه حقوق الضحايا وشروط المحاكمة العادلة والمساواة وجبر الضرر للمتضررين من الضحايا.

وأكدت ربيعة بوجة عضو المجموعة النيابية للحزب، أن الغرامة المالية من حيث المبدأ يمكن تقنينها، ووضع ضوابط تضمن تكافؤ الفرص ولا تجعل الاستفادة مقصورة على الأثرياء، لكن ينبغي التساؤل ما هي الضمانات الكفيلة التي تجعل هذه المحاكمة فيها شروط المحاكمة العادلة، وتضمن تكافؤ الفرص بين الجناة، وتجبر ضرر الضحايا.

وأضافت في تصريحات لموقع حزبها أننا سنصير أما واقع “خمس نجوم” لمن يملك القدرة على الأداء والسجن للفقراء فقط،  متسائلة هل هذا الدخل الذي يتحدثون عنه في القانون يجب أن يقولوا لنا هل الدخل الفردي للمغاربة مضبوط؟، فإذا كان السجل الاجتماعي كورش بعلاته وإشكالاته العميقة اليوم لم يبرح مكانه، وفيه إشكالات بشهادة التقارير الرسمية وهيئات الحكومة.

وسجلت أن مقاربة تعاطي الحكومة مع هذا المشروع تجزيئية بئيسة، حيث سبق لوزير العدل وهبي أن أكد خلال مناقشة الجزء الثاني لقانون المالية لسنة 2022، أنه لن يجزئ مجموعة القانون الجنائي وسيقدمها للبرلمان وفق تصور شمولي متكامل، غير أن ما من ذلك وقع إذ يتم اليوم مناقشة المشروع بشكل تجزيئي.

وأشارت أن ما تقوم به الحكومة اليوم  هو “ضحك على ذقون المغاربة ومسرحية رديئة الإخراج، خاصة وأنه سبق لمجلس الحكومة أن رفض هذه النقطة، وصادق على مشروع قانون العقوبات البديلة دون عقوبة شراء أيام السجن، وتأتي اليوم أحزاب الأغلبية ذاتها لإعادة إحيائها من خلال التقدم بتعديل.

وحدد مقترح التعديل مبلغ الغرامة اليومية بما بين 100 و2000 درهم (10 – 200 دولار) عن كل يوم من العقوبة السجنية المحكوم بها تقدرها المحكمة مع مراعاة الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وتحملاته المالية وخطورة الجريمة المرتكبة والضرر المترتب عليها، كما يمكن الحكم بعقوبة الغرامة اليومية على القاصرين في حالة موافقة أوليائهم أو من يمثلهم.

لكن من شروط الحكم بالغرامة المالية أنه لا يمكن الحكم بها إلا بعد الإدلاء بما يفيد وجود صلح أو تنازل صادر عن الضحية أو ذويه أو قيام المحكوم عليه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

ولفت نواب من المعارضة في اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان إلى أن الإبقاء على “شراء أيام السجن” ضمن الصيغة الجديدة لمشروع القانون المذكور من شأنه أن يخلق نوعا من التفاوت في صفوف المتابعين على خلفية التهم التي يشملها هذا المقتضى، وهو ما سيدفع إلى “شرعنة شراء أيام السجن بالنسبة إلى الميسورين”.

وصوت بالموافقة 18 نائبا برلمانيا، بينما امتنع عن التصويت 8 نواب ينتمون إلى المعارضة الاتحادية والفريق الحركي وفريق التقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، دون تسجيل أي معارضة.

من جانبه ،أكد النائب عن حزب الحركة الشعبية محمد أوزين أن الغرامة اليومية تعني أن “ميسور الحال يؤدي الغرامة”، داعيا إلى استناد التشريع على معطيات علمية. وأكد وزير العدل أن الحديث عن العقوبات البديلة لا يعني بالضرورة تقسيم المعنيين بها إلى أغنياء وفقراء، والغاية من الإجراء هي مراعاة الظروف الإنسانية للمدان، وقبله لأسرته وأطفاله إن وجدوا.

وفي السياق، قال رئيس جمعية “الريف لحقوق الإنسان”، شكيب الخياري، إن “عبارة شراء أيام السجن غير سليمة من الناحية القانونية، لأن الشراء له مفهومه القانوني المنضبط لقواعد القانون المدني”، لافتاً إلى أن الأمر يتعلق بغرامة يومية عن أيام السجن المحكوم بها أو المتبقية، وهي معمول بها في العديد من التجارب الدولية.

جدير ذكره أن مشروع قانون العقوبات البديلة يتضمن تدابير من قبيل العمل من أجل المنفعة العامة، والخضوع للمراقبة عبر السوار الإلكتروني، وتقييد بعض الحقوق. وتطبق هذه العقوبات في الجنح التي تقل مدة السجن فيها عن 5 سنوات.

وعلى الرغم من تحسن ظروف الإقامة والخدمات اللوجستية وبرامج التأهيل داخل السجون المغربية خلال السنوات الأخيرة، فإن الارتفاع القياسي في عدد السجناء يطرح تحديات على مسؤولي إدارة السجون في البلاد في ما يخص تطبيق سياسة إعادة الدمج والحفاظ على كرامة السجين. كما يثير الاكتظاظ أكثر من علامة استفهام حول الأسباب الكامنة وراءه.

وتُعوّل وزارة العدل على تطبيق مشروعها الخاص بالعقوبات البديلة على أرض الواقع، من أجل “تقليص أعداد السجناء وتوفير تكاليف معيشتهم داخل أسوار السجن عبر اعتماد العقوبات البديلة كحل لمشكلة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وحماية الجناة من سلبيات السجن من جهة، ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحقوق والحريات العامة من جهة أخرى”، كما جاء في المذكرة التقديمية للمشروع.

وتقول الوزارة إن “ما يُشجّع على هذا التوجه هو المعطيات الإحصائية المسجلة بخصوص الساكنة السجنية، والتي تفيد بأن ما يقارب نصفها محكوم عليهم بأقل من سنة، وشكّلت هذه العقوبات عام 2020 ما نسبته 44.97 في المائة”، لافتة إلى أن “معظم التشريعات المعاصرة صبت جهودها على البحث عن سياسة جنائية أكثر ملاءمة للعصر وللأفكار والنظريات السائدة، التي تقوم أساساً على إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية”.