الغلوسي..وزير العدل “يطمئن أصحاب الثروة المشبوهة” ويدافع عن اغتناء المسؤولين بطرق غير مشروعة !!؟

0
415

تقرير جمال السوسي

لا تنفك التقارير الدولية تؤكد أن الاقتصاد المغربي، يتوجه نحو الإنهيار أكثر وأكثر، لا لشيء سوى للسياسات الهدامة لحكومة رجال الأعمال (الباطرونة)، إذ تتركز كل الثروات في أيدي رجال الأعمال والمقربين من جهات عليا في البلاد، فيما يبقى نصيب المواطن المغربي من خيرات بلده الضرائب التي دائما ما تجلب قوانين المالية الجديدة المزيد منها دون توقف، ضاربة بالحائط كل التحذيرات بخصوص تدهور القدرة الشرائية للمواطن.

أكد الملك المفدى محمد السادس في مثل هذا اليوم، في خطابه الموجه للأمة بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لتربعه على العرش 2018، على أنه: “سبق للبنك الدولي أن أنجز في 2005 و2010 دراستين لقياس الثروة الشاملة لحوالي 120 دولة، من بينها المغرب. وقد تم تصنيف بلادنا في المراتب الأولى على الصعيد الإفريقي، وبفارق كبير عن بعض دول المنطقة. غير أنني بعد الاطلاع على الأرقام والإحصائيات، التي تتضمنها هاتين الدراستين، والتي تبرز تطور ثروة المغرب، أتساءل باستغراب مع المغاربة: أين هي هذه الثروة وهل استفاد منها جميع المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط؟ الجواب على هذه الأسئلة لا يتطلب تحليلا عميقا: إذا كان المغرب قد عرف تطورا ملموسا، فإن الواقع يؤكد أن هذه الثروة لا يستفيد منها جميع المواطنين. ذلك أنني ألاحظ، خلال جولاتي التفقدية، بعض مظاهر الفقر والهشاشة، وحدة الفوارق الاجتماعية بين المغاربة”.

فحديث الملك المفدى عن الثروة وعن مآلاتها ومدى استفادة المغاربة منها، لم يأت محض الصدفة، فقد جاءت نتيجة لعدة تراكمات أهمها الفوارق الاجتماعية الواضحة التي أصبحت ظاهرة للعيان، من بينها التشغيل والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية، أمور ساهمت بدون أدنى شك في ترسيخ وتعميق الفوارق الاجتماعية ما بين الطبقات والزيادة في حدتها، وأدت في نهاية المطاف إلى تكديس الثروات في يد الطبقة الغنية.

من جهته، قال المحامي محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إن وزير العدل عبد اللطيف وهبي يطمئن أصحاب الثروة المشبوهة، ويدافع عن جزء من أعضاء حزبه، من خلال تصريحاته التي يدافع فيها عن الإثراء غير المشروع، بمبرر أن قرينة البراءة لايمكن المساس بها.

وأوضح الغلوسي في تغريدة على منصة الفايسبوك الأكثر شهرة في المغرب، إن وزير العدل عبد اللطيف وهبي يدافع عن منطق يفيد أن اغتناء المسؤولين بطرق غير مشروعة مباح ومقبول، ولايحق لأية جهة أن تتدخل في ثرواتهم.

وأوضح أن الوزير يعتبر أنه من غير الدستوري المساس بقرينة البراءة عبر مطالبة الدولة للذين يتقلدون المسؤوليات العمومية في أن يثبتوا مصدر أموالهم وممتلكاتهم.

وساءل الغلوسي وزير العدل عن السبل القانونية الكفيلة بمساءلة المسؤولين الذين تظهر عليهم ملامح الثراء الفاحش بعد تقلدهم للمسؤوليات العمومية، وهل يحق للنيابة العامة التي تمثل الحق العام ان تفتح بحثا قضائيا حول مصدر ذلك الثراء المشبوه أم أن يدها ستكون مقيدة لكون النص القانوني الذي يجرم ذلك غير موجود.

ولفت المتحدث إلى أن الوزير يعلم جيدا تلك القاعدة الذهبية في القانون الجنائي التي تقول “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”، وهو مايجعل إمكانية فتح بحث قضائي وتوجيه الإتهام بناء على نتائجه أمرًا غير قانوني، ويعرض النيابة العامة للمساءلة، ويفضي حتما إلى تحصين لصوص المال العام والمفسدين من المساءلة القانونية والقضائية، ويعرض أمن المجتمع واستقراره للإضطراب وتزكية الفساد والتمييز في إعمال القانون.

وقال الغلوسي “كنا ننتظر من وزير العدل الا ينقض تعهدات والتزامات الدولة المغربية في مجال مكافحة الفساد، وأن يعمل من موقعه الوظيفي على ملاءمة القانون الجنائي مع هذه الإلتزامات سواء الدولية منها او الوطنية، عوضا عن إبداء حماس كبير منقطع النظير في توسيع منابع ومصادر الفساد”.

وأكد رئيس جمعية حماية المال العام أن تصريحات وزير العدل بهذا الخصوص تشكل إيذانا بإقبار تطلعات المجتمع في تجريم الإثراء غير المشروع، وإنهاء لكل نقاش حول الموضوع، لتظهر بذلك الخلفية الحقيقية من سحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن تجريم الإثراء غير المشروع.

ونبه إلى أن وزير العدل يدافع عن جريمة كاملة الأركان والأوصاف، ويريد ان يرفع التجريم عن السرقة ولكن ليس عن السرقة العادية التي يرتكبها جناة أغلبهم من أبناء المجتمع، بل عن سرقة جسيمة وخطيرة هي سرقة ونهب ثروات ومقدرات شعب بأكمله، وإجهاض أحلامه في التنمية والكرامة والعدالة.

وأبرز الغلوسي أنه هؤلاء اللصوص من نوع خاص يطلق عليهم في علم الإجرام “ذوي اللياقات البيضاء” الذين يحضون “بشرف “الدفاع عنهم من طرف وزير يفترض فيه أنه يمثل المجتمع ويدافع عن حقوقه ومصالحه العليا”.

واعتبر ذات المتحدث أن توجه وزير العدل هذا يعكس رغبة وإرادة قطب في الدولة والمجتمع، يجسد الحزب الذي يديره جزءا منه، في ضمان استمرار بعض المراكز المستفيدة من الفساد والريع في مواقعها، وإجهاض كل المبادرات والمشاريع التي بإمكانها أن تحدث تقدما في المجتمع والدولة عبر إصلاحات سياسية وقانونية ودستورية عميقة تؤسس لدولة الحق والقانون.

وخلص إلى أن تصريحات وتوجه وهبي متناقض كليا مع رؤية وتوجه الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وهي مؤسسة دستورية للحكامة والتي تطالب بتجريم الإثراء غير المشروع بنص مستقل ومصادرة الأموال المتحصلة من هذه الجريمة.

وتساءل في الأخير “هل يعكس تصريح وهبي هذا صراع الإرادات داخل الدولة؟ أم هو تغول وجموح اللوبي الفاسد وتكشيره عن أنيابه بعدما شعر بالأمان؟”.

أكد منتدى “دافوس العالمي للاقتصاد”, في تقرير دولي مفاده أن أكبر خطر يهدد المملكة المغربية, خلال العام الجاري 2023, هو إرتفاع تكلفة المعيشة, متوقعا أن يستمر هذا التهديد في العامين المقبلين.

وحدد تقرير المنتدى أهم “5 مخاطر تحدق بالبلاد على مدى عامين”, مؤكدا أن أزمة تكلفة المعيشة أهمها.

بينما جاءت في قائمة المخاطر أسباب أخرى على غرار “التضخم السريع وخطر الصدمات الشديدة في أسعار السلع الأساسية والأزمات الحادة في المعروض من السلع الأساسية وأزمات الديون”.

يأتي ذلك فيما تواجه حكومة عزيز اخنوش تحديات كبيرة, أبرزها غضب الشارع الرافض للوضع الاقتصادي والاجتماعي حيث اثبتت أزيد من سنة من أشغال الحكومة, ضعفا في المردودية وتسجيل غياب أي إضافة للقطاعات المختلفة في البلاد, مما اعتبر انتكاسة مدوية في الادارة والتسيير لحكومة طبعتها صفة الفساد ومحاباتها لمرتكبيه.

فالثروة “LA RICHESSE” كما يعلم الجميع تعني على مستوى الدولة جميع السلع والخدمات المنتجة من قبل الشركات والحكومات (مثل التعليم، والصحة)، وعلى المستوى الفردي، هي مرادف لوفرة الدخل المالي والممتلكات الذاتية. ولكنها لم تكن دائما على هذا النحو، فثروة بلد ما يتم قياسها عن طريق إجمالي الناتج المحلى (PIB) وهو مجموع السلع والخدمات المنتجة سنويا. ويمكن القول كذلك بأن مجتمعا ما ثري باعتبار التماسك الاجتماعي القوي أو مستوى التعليم والأمن الاجتماعي به، لكن في عصرنا الحالي أصبحت الثروة رؤية اقتصادية ومالية ومعرفية بحتة.

فالمغرب كما هو الشأن لباقي الدول السائرة في طريق النمو، عرف في السنوات الأخيرة تحولات وانتقالات تختلف حدتها وقوتها، حسب سياقاتها، حيث يعتبر من أهمها الدستور الجديد للملكة المغربية لسنة 2011، الذي يعتبر قفزة نوعية في مجال ترسيخ الحقوق والحريات وتوسيع مجالات الديمقراطية والحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، وأيضا ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق الاجتماعية.

لكن، هذا الدستور الجديد بالرغم من مرور ما يزيد عن اثنا عشر سنة على تطبيقه، مازالت العديد من الأوراش لم تعطى لها الأولوية ولم تحظى بالاهتمام اللازم من طرف المسؤولين، من أهمها التنزيل الواقعي والملموس لورش الجهوية المتقدمة وربط المسؤولية بالمحاسبة، ومحاربة الفقر والهشاشة، والقضاء على التهميش، وتقليص الفوارق الاجتماعية الواسعة والبارزة بين طبقات المجتمع، التي تؤدي لتكديس رؤوس الأموال والثروات في جهة واحدة وفي طبقة واحدة.

في نفس السياق، دعا الملك محمد السادس في خطاب موجه للأمة بمناسبة ذكرى عيد العرش (توليه الحكم)، إلى “الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية: من خلال خدمة المواطن، واختيار الكفاءات المؤهلة، وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين، والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة”.

ودعا ملك البلاد حكومة رجل الأعمال ، عزيز أخنوش، إلى الإسراع بتنزيله، بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين، في هذا المجال الواعد، واستكمالا لورش الحماية الاجتماعية، ننتظر الشروع، نهاية هذا العام، كما كان مقررا، في منح التعويضات الاجتماعية، لفائدة الأسر المستهدفة، ونأمل أن يساهم هذا الدخل المباشر، في تحسين الوضع المعيشي لملايين الأسر والأطفال، الذين نحس بمعاناتهم.

وكما تمت الإشارة إليه أعلاه، فإن حكومة أخنوش ومن وراءها همهم الأول والأخير الإغتناء أكثر وأكثر والإستمرار في جمع الأموال على حساب المواطن المغربي، دون ادنى مبالاة للقوانين والتشريعات التي تسير كل الدول في العالم، فكيف تنتظر من حكومة على رأسها أحد أكبر محتكر لسوق المحروقات بالمغرب ورجالات جمع الأموال، فكما يقال “كيف تنتظر العدالة عندما يكون المتهم هو القاضي”.

وفي هذا سياق ، انتقد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، ما وصفه بـ “التنصل” السياسي في معالجة ملفات الفساد المتراكمة، بينما تقاوم جهات بكل الوسائل المتاحة، أي إصلاح ديمقراطي وتطور حقوقي لما يتعلق الأمر بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات.

وأوضح الغلوسي في تغريدة على منصة “تويتر”، أن ملفات الفساد “لا تتحرك وحتى إذا تحركت فإن الإجراءات والتدابير المتخذة والأحكام الصادرة تعكس في عمقها ذلك التنصل السياسي من مجابهة هذا الملف الشائك”.

وقال ” نسجل في هذا المجال، متابعات في حالة سراح، وأحكام ضعيفة جدا، لذلك نرى لصوص المال العام والمعنيين بهذه الملفات لا يكترثون لأي شيء، ونراهم ويلجون المؤسسات التمثيلية ومنها البرلمان، بل وهناك من يتولى مسؤوليات مباشرة في هذه المؤسسات وتستغرق ملفاتهم دهرا وأكثر من الزمن، دون أن يصيبهم أي شيء لا في حرياتهم ولا في أموالهم وممتلكاتهم المشبوهة”.

وأكد الغلوسي أنها إحدى مفارقات المغرب، حيث أن “هناك مراكز ومواقع تقاوم بكل الوسائل أي إصلاح ديمقراطي وتطور حقوقي، وأصوات وأقلام، دون حرج، لأنها تقتات من الريع والفساد وتجد ضالتها في القرب من تلك المراكز وعندما تطرح قضية مكافحة الفساد وهي معضلة خطيرة يمكن أن تأتي على اليابس والأخضر، تلوذ تلك الأصوات للصمت وليذهب المجتمع إلى الجحيم مادام الريع وفيا”.

وفي ذات السياق، سجلت البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، عودة ملفات الفساد إلى الواجهة، حيث عاد النقاش وبقوة حولها مؤخرا، على غرار فضيحة مسابقة المحاماة.

وكانت السيدة التامني، قد صرحت بأن هذه الملفات “انضافت للملفات الأخرى المتراكمة منذ سنوات، و التي تحمل بين طياتها شبهة استغلال الأموال العمومية، والتصرف فيها بدون حق ودون احترام المساطر القانونية المعروفة”.

وقالت البرلمانية المغربية، أن الفساد أصبح “طاغيا في جميع المجالات والميادين، إلى جانب تضارب المصالح والإفلات من العقاب”، منبهة إلى ما ينتج عن “استشراء الفساد في البلاد من تكلفة جد مرتفعة وإعاقة التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.

وأبرزت أنه “ان الآليات المعتمدة في الرقابة والمحاسبة لازالت‎ قاصرة عن وضع حد لمختلف مظاهر التبذير والاختلاس والتصرف غير القانوني في الأموال العمومية”.

كما نبهت إلى “حساسية موضوع الفساد والفضائح التي تبرز من حين لآخر‎ وفي شتى المجالات، بناء على التقارير المؤسساتية الوطنية، وكذا تقارير المنظمات الدولية”.

وكانت تقارير قد تحدثت عن التضارب الصارخ في المصالح لرئيس الحكومة الذي يعتبر في الآن نفسه أكبر محتكر لسوق المحروقات بالمغرب.

وأشارت ذات التقارير الى الأرباح الفاحشة التي حققتها شركات المحروقات على حساب المواطنين في ظل ارتفاع معدلات الفقر، الأمر الذي قسم المغرب إلى طبقتين متباينتين، طبقة فقيرة أكثر اتساعا، وطبقة غنية تحتكر ثروة المغرب