المنتدى الروسي العربي في مراكش اعتراف بأهمية المغرب في الخريطة الإقليمية ومكانته كوجهة للقوى الكبرى

0
354

 احتضان مراكش للمنتدى الروسي العربي اعتراف بمكانة المملكة المغربية الشريفة كوجهة للقوى الكبرى .

تحتضن مدينة مراكش الدورة السادسة للمنتدى الروسي العربي، الذي يشكل فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين موسكو ودول المنطقة، خاصة بالنسبة للرباط التي تعول عليها روسيا كقطب إقليمي واعد لتعزيز وجودها بالقارة الإفريقية.

ورغم أن هذه الدورة كانت مقررة قبل عامين وتم تأجيلها للعام الحالي بسبب أزمة كورونا، إلا أنها تأتي في سياق ظرف سياسي شديد الأهمية بالنسبة للرباط وموسكو في ظل التطورات الأخيرة، حيث يتواصل الاعتراف الدولي بحقوق المغرب في صحرائه، بينما تتجه روسيا إلى تعزيز روابطها مع دول أفريقيا في ظل أزمتها مع الغرب بسبب حرب أوكرانيا.

وأعلنت جامعة الدول العربية عن موعد الدورة السادسة للمنتدى الروسي العربي في مدينة مراكش، في ديسمبر الجاري، على هامش الاجتماع التنسيقي العربي على مستوى المندوبين الدائمين للدول العربية الأعضاء.
ويرى متابعون أن أبرز دوافع التوجه المغربي نحو موسكو، تتمثل في إيجاد داعم دولي إضافي إلى جانب الدعم الأميركي والدولي المتزايد للطرح المغربي في ملف الصحراء، إذ أن روسيا اتخذت في السنوات الأخيرة مواقف أكثر حيادية تجاه هذا الملف على عكس مواقفها السابقة.

وأصبحت السياسة الخارجية المغربية تسير وفق منطق براغماتي في تحقيق أهدافها وصياغة علاقات تضمن مصالحها مع الشرق والغرب على حد سواء عبر تنويع علاقاتها الخارجية، إضافة إلى العوامل الاقتصادية المتمثلة في سعي الرباط إلى ضمان شريك يتوفر على مؤهلات بترولية وزراعية بحجم روسيا، دون تجاهل الدوافع العسكرية التي تعد ضمن أولويات التوجه المغربي نحو موسكو، ذلك أن رغبة الرباط في إرساء استراتيجية مستقبلية طموحة من أجل صناعة عسكرية مغربية خاصة تجعل من التجربة الروسية تجربة فريدة ورائدة في هذا الصدد.

وتتلاقى الأهداف المغربية مع مصالح روسيا التي تولي أهمية قصوى للمغرب وتعتبره فاعلا إفريقيا حقيقيا يمكن التعويل عليه في الانفتاح على شركاء في شمال إفريقيا.

ونجحت الرباط بفضل سياستها الخارجية المتوازنة المستندة على رؤية معرفية ومواكبة الأحداث والاستجابة للتغيرات المتسارعة، في الموازنة بين مصالحها الاقتصادية والسياسية مع روسيا من جهة، وارتباطاتها التاريخية مع واشنطن والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.

في المقابل تدرك موسكو أهمية المغرب في الخريطة الإقليمية لما يتمتع به من ثقل سياسي في شمال إفريقيا، وهو ما دفعها إلى تطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية معه وإيجاد مصالح مشتركة لكليهما، بهدف استعادة مكانتها وقوتها في المنطقة، حيث شهد الحضور الروسي في إفريقيا تراجعا كبيرا بعد الحرب الباردة.

وازدادت قوة العلاقات بين البلدين خلال الحضور المغربي الناجح في فعاليات القمة الروسية الإفريقية الأخيرة، والتي شددت فيها موسكو على الدور المغربي المهم في القارة السمراء.

ويشكل احتضان مراكش للمنتدى الروسي العربي فرصة مهمة للصادرات المغربية لتجد طريقها نحو السوق الروسية الواعدة، والتي ازدادت أهميتها بعد العقوبات الغربية على خلفية الحرب في أوكرانيا. والابتعاد عن التعويل على أوروبا.

وقال خالد حمص، محلل اقتصادي، إن “المؤشرات الاقتصادية ترافقها أخرى سياسية فيما يتعلق بالتعاون المغربي الروسي، خاصة أن موسكو أصبحت تتعافى تدريجيا من العقوبات الغربية”.

وأضاف حمص، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “روسيا يبدو أنها ربحت رهان تجاوز العقوبات الغربية التي طبقت عليها بفعل الحرب مع أوكرانيا، حيث اعتمدت على قدراتها الذاتية وطورت شراكاتها مع مجموعة من القوى الاقتصادية الأخرى كالهند والصين السعودية، وقوى نامية أخرى كالمغرب”.

واعتبر أن “الاقتصاد الروسي استفاد من الارتفاع الحاصل في أسعار الوقود بالعالم؛ الأمر الذي دفع العديد من الدول من بينها المغرب، إلى التوجه نحو العرض الروسي.. ومع تناقص الدعم الغربي لأوكرانيا، بدأت تجد موسكو متنفسها على المستوى العالمي”. ويؤكد محللون أن المنتدى يأتي في إطار مد عالمي للقوى الكبرى التي باتت ترى المملكة المغربية كقوة وقاطرة للقارة الإفريقية.

يذكر أن المغرب منح السفن البحرية الروسية ترخيصا للصيد في مياهه الإقليمية خلال السنوات الأخيرة، بالرغم من العقوبات الغربية على موسكو، وفتح مجاله الجوي أمام الطائرات الروسية بعد إغلاق أوروبا مجالها الجوي في وجهها.

ولا ترغب موسكو في خسارة المغرب الذي يوفر لها مجموعة من الحلول ويسهل عودتها إلى الساحة الإفريقية والبحث عن فضاءات جيو- سياسية جديدة في ظل الحصار الغربي عليها، وهو ما يفسر مواقفها الأخيرة من قضية الصحراء.