إخفاق آخر في محاولة جزائرية فاشلة لانتزاع موقف قوي من سيراليون لدعم الموقف الجزائري من النزاع المفتعل في الصحراء

0
440

بعد انخراط دول أفريقية في مبادرة الأطلسي التي أطلقها حضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، تحرك دبلوماسية جزائري على أكثر من جبهة لجهة البوليساريو الانفصالية لاستقطاب دعم افريقي لموقفها من ملف النزاع المفتعل في الصحراء المغربية وهي التي تحاول توظيف توليها العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الدولي التي بدأت مطلع الشهر الحالي، لخدمة أجندة جبهة بوليساريو الانفصالية، بينما ترفع شعار إعلاء الصوت الافريقي عنوانا لهذه المرحلة كمدخل لانتزاع مواقف تتماشى مع سياساتها القائمة على عداء مصالح المغرب ووحدة أراضيه.

قبل أيام قليلة ورد بالجريدة الرسمية الجزائرية قرار بتعليق إقراض دول افريقية انخرطت في مبادرة الانفتاح على الأطلسي التي طرحها العاهل المغربي الملك محمد السادس وهي المبادرة التي تنظر لها دول غربية وعربية كمسار من شأنه أن ينشط التنمية في المنطقة وأن يخلق ديناميكية اقتصادية كبيرة ليس للملكة المغربية لوحدها بل للدول الإفريقية التي تتوافر على ثروات وامكانات هائلة يمكن توظيفها لتعزيز نموها الاقتصادي.

والقرار بدا واضحا في توقيته أنه عقاب لتلك الدول على انخراطها في المبادرة وبدأ أيضا محاولة للتشويش على الجهود المغربية، لكنه كشف بوضوح توجهات الدبلوماسية المغربية في هذه المرحلة وهي ممارسة أقصى الضغوط على الشركاء الأفارقة لانتزاع مواقف معادية للمصالح المغربية ولمغربية الصحراء.

ووقف اقراض دول افريقية بحثت في مراكش مؤخرا الانخراط في مبادرة الأطلسي نوع من الضغوط تحاول الجزائر ممارستها لإثنائها عن ذلك التوجه وأيضا رسالة تخويف لدول أخرى قد تلتحق بركب المبادرة.

وفي الوقت ذاته بدا وكأنها تراوح بين الترهيب والترغيب لاستقطاب بعض الدول الافريقية الداعمة لمغربية الصحراء ومن بينها سيراليون.

وشكلت زيارة رئيس سيراليون جوليوس مادا بيو للجزائر مناسبة حاول الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عبثا لتحويل وجهتها من زيارة لتنسيق المواقف بين البلدين حول إعلاء الصوت الافريقي في مجلس الأمن الدولي وخدمة المصالح الافريقية والقضايا العربية، إلى محاولة لجرّ فريتاون إلى موقف يتناغم مع الطرح الانفصالي الذي تقودها بوليساريو بدعم الجزائر.

وكان مادا بيو قد اختتم الخميس الماضي زيارة عمل من 3 أيام قام بها للجزائر، بينما سوق الإعلام الجزائري الزيارة على أنها تتناغم مع الموقف (الجزائري) الرسمي من ملف النزاع في الصحراء، إلا أن الرئيس السيراليون لم يخرج في تصريحاته عن سياق دعم بلاده للمسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة وفقا لقرارات مجلس الأمن المعتمدة منذ عام 2007 وهي القرارات التي تؤكد على أهمية مخطط الحكم الذاتي المغربي باعتباره عملية سياسية جادة وذات مصداقية لحل النزاع.

وبحسب البيان الصادر عن الرئاسة الجزائرية فإن رئيسي الدولتين أكدا على “ضرورة استئناف أطراف النزاع للمفاوضات تحت إشراف الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، من أجل التوصّل إلى حل سياسي عادل و دائم، يُفضي إلى تقرير شعب الصحراء الغربية (في إشارة إلى الصحراء المغربية) لمصيره، وفقا للوائح ذات الصلة لمجلس الأمن والأهداف والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة و الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي”.

ولا تدعم سيراليون في الواقع الانفصال ومبدأ تقرير المصير الذي تتحرك الجزائر وبوليساريو في فلكه وهو أيضا الطرح الذي بدأ يتلاشى ويتفتت على وقع اعترافات دولية وإقليمية بأن مقترح المغرب للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو المقترح الوحيد القابل للتطبيق والأكثر جدية ومصداقية لإنهاء النزاع المفتعل في الصحراء.

وبدا البيان الجزائري كأنه ترويج لتبدل موقف سيراليون إزاء مغربية الصحراء، لكن البلد الافريقي الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع المغرب أكد مرارا دعمه لوحدة المملكة الترابية وسيادتها.

كما تدعم سيراليون مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب كحل واقعي ووحيد لإنهاء النزاع المفتعل ولم يصدر عنها سابقا ولا خلال زيارة جوليوس مادا بيو إلى الجزائر، ما يشير إلى تبدل الموقف من مغربية الصحراء.

وبذلك تكون الجزائر قد أخفقت مرة أخرى في جرّ دولة افريقية داعمة لمغربية الصحراء، إلى فلكها، بينما تعيش وضعا استثنائيا في صلة بعلاقتها مع المجالس العسكرية التي تولت الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وهي الدول التي شكلت تحالفا سياسيا وعسكريا في منطقة الساحل.

ويحاول النظام الجزائري ترميم الشروخ مع عدد من الدول الافريقية إلا أن تدخله في الشأن المالي واصطفافه غير المعلن مع الانفصاليين الطوارق، يحول دون ذلك خاصة بعد أن استقبل الرئيس الجزائري نفسه عددا من متمردي أزواد في الفترة الماضية وهي الخطوة التي أثارت غضب مالي.

وكشفت هذه الأزمة أن الدبلوماسية الجزائرية تعاني من حالة إرباك في التعاطي مع ملفات حساسة ومع الجوار الإقليمي الافريقي يعود في جزء منه إلى تركيزها ليس على منافسة المغرب بقدر تركيزها على عدائه ومحاولة ضرب مصالحه في العمق الافريقي.