دعت منظمة “مراسلون بلا حدود”، في بيان الأربعاء، إلى التوقف عما وصفته بـ”اضطهاد” الصحافي، مشيرة إلى جملة مما اعتبرتها “انتهاكات” في حقه خلال الآونة الأخيرة.
وأضافت “بعد نقل الصحفي المسجون سليمان الريسوني بعيدا عن عائلته دون سبب وجيه، ثم مصادرة دفاتر ملاحظاته، تقوم السلطات المغربية الآن بمصادرة مراسلاته مع مؤيديه وأحبائه”.
ونقلت المنظمة عن عائلة الريسوني، المعتقل منذ أربع سنوات، قولها إن الأخير كان “قد كتب رداً على الرسالة التي أرسلها إليه الكاتب والروائي الأوكراني أندريه كوركوف كجزء من “حملة القلم الدولية” (PEN International’s campaign) للصحفيين المسجونين، لكن تمت مصادرة ردّه”.
وأضاف المصدر نفسه أن أفراد من عائلته رئيس التحرير السابق لصحيفة “أخبار اليوم” المغربية يقولون إنه “محروم من حقه الأساسي في التواصل مع العالم الخارجي”.
وكان الريسوني بدأ إضرابا عن الطعام احتجاجا على “الانتهاكات العديدة لأبسط حقوقه، بحسب بيان صادر عن عائلته التي تشعر بقلق بالغ على وضعه الصحي”، تقول المنظمة.
وقالت الأسرة في بيان أرسلته إلى مراسلون بلا حدود: “لا نهاية للإجراءات التعسفية والمهينة التي يتعرض لها…وتشمل الأمثلة مصادرة وإتلاف كتبه ومراسلاته مع الصحافي عمر راضي، وهو سجين رأي آخر. هذا بالإضافة إلى أنهم يجعلون من المستحيل عليه إكمال رواية مخطط لها، بالإضافة إلى عادات الحراس المُهينة في تصويره نصف عارٍ داخل السجن”.
وفي هذا السياق، يقول ممثل منظمة مراسلون بلا حدود في شمال أفريقيا، الصحفي الجزائري خالد درارني، إن “وضع سليمان الريسوني لا يمكن أن يستمر. ورداً على الإجراءات القمعية المتواصلة التي يتعرض لها في السجن، فهو الآن يُعرض حياته للخطر”.
وتابع أن “ازدراء سلطات السجن لأبسط حقوق الصحافيين أمر غير مقبول، ويجب على المجتمع الدولي تكثيف جهوده لضمان معاملة سليمان الريسوني بكرامة واحترام”.
وجدد خالد درارني دعوة منظمة “مراسلون بلا حدود” لإطلاق سراح الريسوني “بموجب عفو ملكي”.
وفقا للمنظمة، فإن الريسوني كان “قد تعرض لمعاملة سيئة من قبل سلطات السجن عندما تم نقله دون أي إنذار في مايو 2022 من سجن عكاشة بالدار البيضاء إلى سجن عين برجة، الذي يقع بعيدا عن مكان إقامة عائلته”.
وأثناء عملية النقل – يضيف المصدر نفسه – “صادر حراس السجن العديد من وثائق الريسوني مثل ملاحظاته عن روايته، ومزقوا العديد من مذكراته وكتبه”.
وكانت زوجة الريسوني، خلود مختاري، أعلنت عن دخوله، الخميس الماضي، في إضراب مفتوح، وأعربت “الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي وضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب”، السبت، عن “قلقها” إزاء هذا التطور.
وأوضحت الهيئة أن “ما دفع الريسوني لهذا الشكل الاحتجاجي الأخير (الإضراب) هو حجب رسالته الجوابية على رسالة تلقاها من الكاتب والروائي الأوكراني آندري كوروكوف”.
وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج أوضحت أن “السبب المعلن لدخول السجين المعني في إضراب عن الطعام هو مراقبة مراسلاته من طرف إدارة هذه المؤسسة، علما أن مراقبة المراسلات الصادرة والواردة على نزلاء المؤسسات السجنية منصوص عليها في القانون المنظم للسجون”.
وذكرت المندوبية، في بيان توضيحي لها، أنه “بعد اطلاعها على محتوى الرسالة الصادرة عن السجين المعني والموجهة إلى جهة أجنبية تبين أنها تحتوي على عبارات للسب والقذف، كما أنها تروج لمعطيات غير صحيحة، وهو ما استدعى حجزها وإحالتها على الجهات القضائية المختصة”.
ونفت المندوبية، في بيان، أن تكون الأسباب الحقيقية لإضراب الريسوني عن الطعام لها علاقة بظروف اعتقاله، مردفة “وإنما استجابة لتحريض جهات أجنبية ذات أجندات معلومة”.
ويقضي الريسوني (51 عاما) المعتقل منذ العام 2020، عقوبة حبسية مدتها خمس سنوات بتهمة “اعتداء جنسي” ضد شاب، في قضية أثارت اهتماما واسعا.
وتحركت المتابعة ضد الريسوني إثر نشر المشتكي، وهو ناشط في الدفاع عن حقوق مثليي الجنس، تدوينةً على فيسبوك يتهمه فيها بالاعتداء عليه جنسيا. وقررت النيابة العامة تبعا لذلك ملاحقته بتهمة “هتك عرض شخص باستعمال العنف والاحتجاز”.
وبعد الحكم عليه بالسجن في المحكمة الابتدائية والاستئناف، رفضت محكمة النقض طلب الإفراج عنه مؤكدة إدانته وثبتت الأحكام الصادرة في حقه.
وسبق أن نفذ الصحافي المعروف بافتتاحياته ذات النبرة اللاذعة إضرابات عن الطعام احتجاجا على ما يصفه بـ”ظلم فظيع” لحق به، فيما تؤكد النيابة العامة أن محاكمته كانت “عادلة”.
وفي وقت سابق، دعت أكثر من 350 شخصية مغربية وأجنبية مؤخرا الصحافي إلى وقف إضرابه عن الطعام.
وتثير قضية الصحافي تعبئة حقوقية. وإثر صدور الحكم عليه، دعت منظمات غير حكومية عدة بينها لجنة حماية الصحافيين و”مراسلون بلا حدود” إلى إطلاق سراحه “فورا”، غير أن السلطات المغربية تؤكد على الدوام استقلالية القضاء، وتقول إن محاكمته “توافرت فيها كل شروط العدالة”.
اعتقل الريسوني، الذي اشتهر بافتتاحياته المنتقدة للسلطات، في العام 2020 وحكم بالسجن خمسة أعوام في قضية “اعتداء جنسي” بعد شكوى رفعها بحقه ناشط شاب من مجتمع الميم، وهي تهمة لطالما نفاها، معتبراً أنّه يُحاكم “بسبب آرائه”.
وسبق أن خاض إضرابا طويلا عن الطعام خلال محاكمته الابتدائية. وأثارت محاكمته، وكذلك محاكمة الصحافيين عمر الراضي وتوفيق بوعشرين انتقادات نشطاء حقوقيين مغاربة وأجانب، ومطالب بالإفراج عنهم.
والراضي معتقل منذ العام 2020 وحكم عليه بالسجن ستة أعوام في قضية “اعتداء جنسي”، بينما اعتقل بوعشرين في العام 2018 وحكم بالسجن 15 عاما في قضية “اعتداءات جنسية” بحق ثماني ضحايا.
في مواجهة الانتقادات، أكدت السلطات المغربية مرارا أن الأمر يتعلق بقضايا حق عام لا علاقة لها بحرية الصحافة، مشددة على “استقلالية القضاء” و”حقوق الضحايا”، ومنددة بـ”تدخلات أجنبية”.