اسبانيا تتمسك بالاتفاق الصيد البحري بين الرباط وبروكسل باعتباره قانوني لا يتعارض مع الأعراف الدولية و ترفض مواقف المدعية العامة للاتحاد الأوروبي

0
460

 ترفض الحكومة الإسبانية بشكل قاطع مقترح المدعية العامة للاتحاد الأوروبي على محكمة العدل الأوروبية، بشأن إلغاء اتفاقية الصيد البحري بين الرباط وبروكسل، وتتمسك مدريد بالاتفاق باعتباره قانوني لا يتعارض مع الأعراف الدولية.

ويعتبر الصيد البحري، بالنسبة للعديد من الشركاء الأوروبيين خصوصا اسبانيا مسألة مهمة، لذلك كل المؤشرات تؤكد أن تجديد هذه الاتفاقية سيتم لأن ذلك يصب في مصلحة الطرفين.

وقال لويس بلاناس، وزير الفلاحة والصيد البحري والأغذية بأن الحكومة الإسبانية تؤكد مجددا اقتناعها بأن اتفاق الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب “قانوني تماما” ويتوافق “مع القانون المجتمعي والدولي”، وهو ما يتعارض مع ما أعلنه الاتحاد الأوروبي، ودافعت عنه المحامية العامة التي طالبت بإلغاء الاتفاقية عل اعتبار أنها تنتهك مبدأ “تقرير المصير” الذي تدعو إليه جبهة “بوليساريو” الانفصالية.

وصرح بلاناس في مؤتمر صحافي عقب اجتماعه مع المسؤولين في قطاع الصيد إنه لن يعلق على استنتاجات المدعي العام، بل سينتظر حكم محكمة العدل الأوروبية، لافتا إلى أن تصريحات محامي الاتحاد الأوروبي في بعض الأحيان تتوافق مع الأحكام ولكن في أحيان تكون عكس ذلك، كما حدث مع الحكم الأخير بشأن صيد الأسماك في أيرلندا.

ولفت الوزير الإسباني، أنه إذا وافقت محكمة العدل الأوروبية على رأي المدعي العام، فسوف تفقد إسبانيا “منطقة صيد مهمة للأسطول الأندلسي أو الجاليكي أو الباسكي، على الرغم من أنه لم يتم استخدامها كثيرًا مؤخرًا عل غرار العديد من مناطق الصيد”.

ويناشد المجلس العسكري الأندلسي الحكومة المركزية التوصل إلى اتفاقية صيد جديدة مع المملكة المغربية، معتبرا أنه من المحتمل أن يكون اقتراح المدعية العامة للاتحاد الأوروبي الضربة القاضية للعدالة المجتمعية.

كما دافعت وزيرة الفلاحة والصيد البحري والمياه والتنمية القروية لحكومة الأندلس كارمن كريسبو، عن اتفاقية صيد جديدة مع المغرب بسبب تأثيرها على خليج قادس. وأعربت كريسبو عن ثقتها في أن الحكومة المركزية “على علم” قائلة: “آمل أن يكون هناك تجديد”.

بدوره، أعلن رئيس فدرالية نقابات الصيادين بالأندلس مانويل فرنانديز، أنهم سيباشرون الإجراءات، وأقر بـ”تفاجأه” بالتقرير القضائي الذي يتوقع المصادقة على بطلان اتفاقية الصيد مع المغرب.

وأشار فرنانديز إلى أن الصيادين الأندلسيين يقومون بالصيد في منطقة الصيد الوطنية “على أمل” الحصول على “اتفاقية صيد جديدة”، وأفادوا أنهم سيتصلون بالمديرية العامة لمصايد الأسماك التابعة للوزارة.

وتأتي هذه التطورات عقب دعم المدعية العامة للاتحاد الأوروبي تمارا كابيتا الخميس، قرار المحكمة إلغاء اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد والمملكة المغربية، واقتراحها أن يتم رفض طعون المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية، وذلك في وقت دعا المغرب عبر الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس الاتحاد الأوروبي، إلى العمل على صون شراكاته التي تجمعه مع المملكة المغربية، وحمايتها من “الاستفزازات والمناورات السياسية”.

وقال بايتاس في الندوة الصحافية التي أعقبت الاجتماع الأسبوعي للحكومة الخميس، إن “الحكومة أخذت علما بالرأي الذي صدر عن المدعية العامة بمحكمة العدل الأوروبية، بخصوص القضايا المعروضة أمامها بشأن الاتفاق الفلاحي واتفاق الصيد البحري ما بين المغرب والاتحاد الأوروبي”.

وأشار إلى أنه من المهم التذكير بأن “ما صدر ليس حكما للمحكمة الأوروبية ولا هو أمر قضائي، إنما يتعلق الأمر بوثيقة تلخص رأي المدعية العامة بخصوص مختلف جوانب القضايا المعروضة للنقاش”، لافتا إلى أن تلك الوثيقة “هي مساهمة فكرية وتقنية تدلي بها المدعية العامة في هذه المرحلة من المسطرة، تمهيدا للمداولات بين قضاة المحكمة لاحقا، في أفق الوصول إلى مرحلة النطق بالحكم النهائي بعد أشهر”.

وتقدم الأطراف الأوروبية التي تطعن في الحكم السابق للمحكمة، دلائل على أن ابرام الاتفاق مع المغرب في مجال الصيد البحري وحتى الفلاحة بما يتضمن إقليم الصحراء يتم بموافقة سكان الإقليم، على عكس ما تدعيه جبهة بوليساريو الانفصالية التي تطعن الاتفاقية، بدعوى أنها لا تمثل “الشعب الصحراوي”، وأن توقيع الاتفاق تم بدون موافقة الممثلين الرسميين لسكان الإقليم.

وفي 12 يوليو/تموز الماضي، قال ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي، خلال ندوة صحفية بالرباط، إن اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي تم توقيعه في سنة 2019 كان لفترة غير محددة، وبالتالي هو ما يزال ساري المفعول، وبروتوكول الصيد البحري، والملحق بالاتفاق، هو الذي تنحصر مدته في أربع سنوات.

وبحسب تصريحات بوريطة، فإن تجديد البروتوكول سيأخذ بعين الاعتبار ثلاثة محددات، أولها “كيفية نظر المغرب للشراكة مع شركائه، هل من منطق أن يأتي الشريك ويأخذ الموارد ويؤدي الثمن ويرحل، هل هذا هو الشكل الذي يريده المغرب؟ المغرب اليوم لا يرى الشراكات بهذه الأشكال المتجاوزة، بل يفكر في الشراكات التي لها قيمة مضافة للمغرب وفيها ندية وليست بشكل تقليدي“.

أما المحدد الثاني، فيرتبط، بالاستراتيجيات الوطنية للصيد البحري، فالمغرب له استراتيجية أليوتيس، والتي تهدف إلى تطوير هذا القطاع على المستوى الوطني وللمغاربة أولا، ما يجعل هذه الاستراتيجية “ليست تصورا نظريا، بل له انعكاسات في ما سيقوم به المغرب لنفسه والشراكات التي سيعقدها”، وبالتالي “فإنه انطلاقا من هذه الاستراتيجية سيكون هناك المجال الذي سيتبقى للشراكات الخارجية“.

وبخصوص المحدد الثالث، أشار الوزير إلى أنه يتعلق بالمعطيات العلمية والبيولوجية، فـ”هذه الموارد لا تتجدد باستمرار وبالتالي يجب حمايتها وهذه الدراسات هي التي ستوضح لنا كيفية التعامل معها مستقبلا، وهل تحتاج حماية أكبر، وما هو مستوى الصيد الذي يمكن الموارد من البقاء“.

وأردف بوريطة “وفي جميع الحالات، سيبقى المغرب في حوار مع الاتحاد الأوروبي وسيشركه في هذا التفكير وهذه التساؤلات ونتائجها، والشراكة في هذا المجال كما أكدت لا ترتبط فقط بالبروتوكول بل شراكة أكبر، يحددها الاتفاق الذي مازال ساري المفعول”.

وسمح البروتوكول الموقع بين الطرفين عام 2019 لأكثر من 128 قارباً دولياً ضمنها 93 سفينة إسبانية، بالإبحار واستغلال المياه المغربية، بما فيها تلك المياه الموجودة في الصحراء المغربية.