تقرير: مؤشرات على قلق في الجزائر من التقارب الفرنسي المغربي بعد اتجاه باريس لضخ استثمارات تنموية في الصحراء المغربية

0
387

قالت وسائل إعلام رسمية جزائرية الأحد إن بوليساريو تعتبر اعتزام فرنسا تمويل مشروعات في الصحراء خطوة استفزازية في موقف يعكس في الأساس موقف الجزائر المتوجسة من التقارب المغربي الفرنسي.

وقد أبدت الجزائر على لسان جبهة بوليساريو الانفصالية انزعاجا لم يعد بالامكان اخفاؤه من التقارب الفرنسي المغربي الذي يسطر مرحلة جديدة في العلاقات خاصة بعد اتجاه باريس لضخ استثمارات تنموية في الصحراء المغربية.

وتتوجس الجزائر منذ فترة من النجاحات الدبلوماسية المغربية التي تسير على طريق استقطاب المزيد من الشركاء الدوليين للاستثمار في الصحراء المغربية وهو أقصر طريق للدبلوماسية الاقتصادية لكسب مزيد من الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على صحرائه.

وذكرت وسائل إعلام رسمية جزائرية اليوم الأحد نقلا عن ما يسمى بوزارة الإعلام التابعة لكيان لبوليساريو الانفصالي قولها في بيان إن اعتزام فرنسا استخدام الوكالة الفرنسية للتنمية لتمويل مشروعات في مناطق متنازع عليها بالصحراء الغربية هي خطوة “استفزازية”.

وقالت الوزارة في بيان إن اعتزام الوكالة الفرنسية تمويل مشروعات “يعد خطوة استفزازية وتصعيدا خطيرا للموقف الفرنسي العدائي تجاه الشعب الصحراوي وقضيته العادلة”، معتبرة أن ذلك يمثل دعما صريحا للمغرب الذي استعاد السيطرة على نحو 80 بالمئة من صحرائه ويعمل على استكمال فرض سيادته على كامل هذه المنطقة من خلال الدبلوماسية ومن خلال استقطاب شركاء دوليين للاستثمار في صحرائه.

وكانت الرباط قد بدأت بالفعل منذ سنوات بتوجيه من العاهل المغربي الملك محمد السادس في تنفيذ مشاريع واعدة في الصحراء من تطوير للبنيات التحتية ومشروعات تنموية من شأنها أن تخلق فرص عمل للآلاف من أبناء الأقاليم الجنوبية للمملكة، بينما تركز على إحداث نقلة نوعية في الصحراء على كافة المستويات.

وجاء البيان بعد زيارة وزير التجارة الخارجية الفرنسي فرانك ريستر للمغرب الأسبوع الماضي الذي قال في منشور على إكس خلال زيارته “تجديد العلاقات الفرنسية المغربية سيشمل مد جسور جديدة في القطاع الخاص بالبلدين”.

وجاء في مقال نشرته صحيفة لوموند الفرنسية أن الوزير أشار إلى أن الوكالة الفرنسية للتنمية يمكن أن تساعد عبر ذراعها التمويلية للقطاع الخاص (بروباركو) في تمويل مشروع يتضمن خط كهرباء عالي الجهد بين مدينة الداخلة، عاصمة الصحراء المغربية ومدينة الدار البيضاء الساحلية.

وجاء في بيان وزارة إعلام بوليساريو والذي يعكس في مضامينه موقف الجزائر الرسمي قبل أن يكون موقفا للجبهة الانفصالية التي لا تملك سلطة القرار وتأتمر بما يدار في الغرف المظلمة لجنرالات الجيش الجزائري “تدعو الحكومة الصحراوية مجددا جميع بلدان العالم والقطاعين العام والخاص للامتناع عن القيام بأي نشاط من أي نوع كان في التراب الوطني الصحراوي”.

فرنسا تبدي اهتماماً بالاستثمار في الصحراء المغربية.. باريس في اتجاه إنهاء ترددها في الاعتراف بمغربية الصحراء

وليست هذه المرة الأولى التي تدعو فيها بوليساريو عبثا شركاء المغرب الدوليين للتوقف والامتناع عن الاستثمار في الصحراء المغربية، لكنها لم تفلح في ثني أي فاعل دولي في التوجه نحو تعزيز الشراكات مع المغرب من بوابة الاستثمار في الصحراء.

وليست هذه المرة الأولى التي تهاجم فيها جبه بوليساريو فرنسا فقد سبق أن هاجمت السفير الفرنسي لدى الرباط كريستوف لوكورتييه بسبب تصريحات أكد فيها على دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية وتحدث فيه ضمنا عن الدعم الذي قدمته فرنسا للجيش المغربي في مواجهة النزعة الانفصالية.

وكانت الجبهة الانفصالية تراهن على موقف فرنسي يتماهى مع طروحاتها خاصة بعد تشكيل حكومة جديدة بعض من أعضائها كانوا رافضين لمقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب في العام 2007، لكن تلك الشخصيات وبينها رئيس الوزراء غابريال أتال ووزير الخارجية ستيفان سيجورنيه وبتكليف شخصي من الرئيس امانويل ماكرون يعمل (سيجورنيه) على تصحيح مسار العلاقات المغربية الفرنسية انطلاقا من دعم بلاده للمبادرة المغربية.

وتشير تصريحات لوكورتييه التي قال فيها إن بلاده “وقفت في صف المغرب منذ بداية نزاع الصحراء” المفتعل، مضيفا “وبل وقامت بتسليحه وتدخل الجيش الفرنسي ضد الجبهة أكثر من مرة”، إلى أن فرنسا أقرب من أي وقت مضى للاعتراف رسميا بمغربية الصحراء وهي خطوة متوقعة على نطاق واسع.

واتهمت الجبهة باريس بـ”منع استتباب السلام والاستقرار في منطقة شمال غرب إفريقيا”. كما اتهمتها بـ”التواطؤ المكشوف مع المغرب”. وادعت أن ذلك “يشكل عقبة تحول دون وحدة شعوب المغرب الكبير والتعاون والتكامل بين بلدانه”.

وكانت بوليساريو تشير على ما يبدو في هذا السياق إلى أن موقف فرنسا من شأنه أن يوتر العلاقات مع الجزائر الداعمة والحاضنة للانفصاليين.

واعتبرت الجبهة أن تصريحات السفير الفرنسي لدى الرباط الذي تولى مهامهم في ديسمبر من العام الماضي “خطيرة”، مضيفة أن فرنسا هي “المسؤولة عن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت وما زالت ترتكب ضدها وأنها المعرقل الرئيسي لمجهودات المنتظم الدولى لإنهاء صراع الصحراء”.

واتهمتها كذلك بممارسة سياسة الهيمنة، متمنية أن تتجاوز باريس هذه السياسة التي وصفتها بـ”البالية” وأن تساعد في “إحلال السلام”، معتبرة أن مواصلة باريس دعم الرباط “ستكون له عواقب وخيمة على دول وشعوب المنطقة المغاربية”.

وكان لوكورتييه قد قال في مداخلته خلال ندوة نظمتها كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – الرباط أكدال الأسبوع الماضي، إن فرنسا عازمة على إعادة إحياء علاقتها مع المغرب، مضيفا أن ذلك نجلى من خلال اعلانها عن نواياها في أكثر من مناسبة تجاه المملكة.

وقال “الزهور التي تظهر في البداية ستتحول في ما بعد إلى فواكه”، مستحضرا قول الشاعر الفرنسي فرنسوا دي ماليرب “والفواكه ستحقق وعد الزهور”، موضحا أن بلاده تدرك جيدا أهمية ملف الصحراء بالنسبة للمغرب، في إشارة إلى إعلان الملك محمد السادس أن المملكة تنظر لعلاقتها الخارجية من منظور مغربية الصحراء.

ولتأكيد موقف بلاده من مبادرة المغرب، قال السفير الفرنسي لدى الرباط إن بلاده كانت أول من قدم موقفا متقدما وول دولة تعلن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي بالأمم المتحدة. كما أنها بادرت مبكرا بافتتاح مدارس في مدينتي الداخل والعيون بالأقاليم الجنوبية للمملكة وتنظم مؤسساتها الثقافية الرسمية جولة لمدة شهر بتلك الأقاليم.