موقف إسبانيا بشأن الصحراء المغربية، فإنه يمكن أن يكون موضوعًا مثيرًا للجدل والمناقشة في الساحة السياسية الإسبانية. يعتمد موقف إسبانيا عادةً على السياسة الخارجية للبلاد والعلاقات مع المغرب، بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية.
مدريد – رفض رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الردّ على أسئلة وجهتها له أحزاب المعارضة خلال جلسة برلمانية وتتعلق بموقف مدريد من قضية الصحراء المغربية، متجاهلا بذلك الخوض في مسألة محسومة، ما شكّل ضربة جديدة لجبهة ”بوليساريو” الانفصالية التي ترفض الاقتناع بأن إسبانيا ثابتة على موقفها الداعم لمغربية الصحراء، في وقت تحرص فيه الرباط ومدريد على مزيد تعزيز شراكتهما الإستراتيجية.
وركّز سانشيز خلال كلمته تحت قبة البرلمان الإسباني الأربعاء على تميز العلاقات بين المغرب وإسبانيا، لافتا إلى أن زيارته الأخيرة إلى الرباط توّجت بالاتفاق على مزيد تعزيز التعاون ليشمل مختلف المجالات بما فيها المجالين الثقافي والرياضي على غرار التحضير المشترك لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030.
وأشاد رئيس الحكومة الإسبانية بتكثيف التعاون بين بلاده المغرب في المسائل الأمنية والتجارية، قائلا “نحن المورد التجاري الأول للمغرب الذي يشكل منصة نمو مهمة للمقاولات الإسبانية، حيث يتم تطوير مشاريع كبرى في مجال الطاقة المتجددة وتدبير المياه والبنية التحتية والنقل”، مشددا على أن “رخاء المغرب سوف ينعكس على ازدهار إسبانيا”، وفق مواقع محلية مغربية.
وتقيم تصريحات سانشيز الدليل على أن مدريد أغلقت نهائيا ملف الاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء، ما يبدّد مجددا أوهام جبهة “بوليساريو” التي راهنت على أحزاب ولوبيات معادية لمصالح المملكة للتشويش على العلاقات المتنامية بين الرباط ومدريد.
ووجه التجديد لسانشيز على رأس الحكومة الإسبانية ضربة قاصمة للجبهة الانفصالية التي منّت نفسها بتغيير يؤدي إلى مراجعة مدريد لموقفها بشأن الصحراء المغربية، لا سيما وأنه كوّن فريقه الحكومي من وزراء يعتبرون من أشد المدافعين على ضرورة تعزيز الشراكة بين بلادهم والمغرب لاقتناعهم بأن المملكة تحوّلت إلى قوة اقتصادية فضلا عن الدور الذي تلعبه في المنطقة.
وأكد رئيس الوزراء الإسباني خلال الزيارة التي أداها إلى الرباط في فبراير/شباط الماضي بعد أيام قليلة من تجديد الثقة فيه على أهمية العلاقات بين بلاده والمغرب، مشددا على ضرورة تنفيذ كافة بنود خارطة الطريق التي تهدف إلى إقامة شراكة إستراتيجية بين البلدين.
وقال سانشيز في تصريح حينها إن “علاقات بلاده مع المغرب توجد في أفضل مستوى لها منذ عقود”، مشددا على أن المملكة “جار وشريك إستراتيجي لإسبانيا”.
بدوره شدد وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس خلال زيارته إلى المغرب في يناير/كانون الثاني الماضي على أن المملكة تعتبر أولوية في السياسة الخارجية الإسبانية، لافتا إلى أن “الرباط ومدريد يرتبطان بشراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد”، واصفا العلاقات بأنها “الأغنى” على مستوى العالم.
ووقع المغرب وإسبانيا العام الماضي عشرات الاتفاقيات لتعزيز التعاون في مختلف المجالات من بينها التجارة والاستثمار والهجرة ومكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، كما ينسّق البلدان في العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وينتظر أن تساهم رئاسة إسبانيا للاتحاد الأوروبي في إنهاء تردد بعض دول التكتل في الاعتراف بمغربية الصحراء، في وقت يتزايد فيه التأييد الدولي لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب كحلّ وحيد للنزاع المفتعل حول الإقليم المغربي.