وزير الصحة يكشف حصيلة ضحايا “الكحول السامة” أمام البرلمان ..ارتفاع عدد القتلى إلى 15 شخصا بسيدي علال التازي

0
515

ارتفعت حصيلة وفيات واقعة التسمم الجماعي جراء تناول مشروبات كحولية فاسدة بسيدي علال التازي شمال القنيطرة وسط المغرب إلى 15 شاب يافع، 




كشف وزير الصحة خالد آيت الطالب، مساء اليوم الثلاثاء، أن عدد ضحايا “الكحول المسمومة” بسيدي علال التازي، بلغ 82 حالة .

وأوضح الوزير خلال حلوله بمجلس المستشارين أن سبعة أشخاص لقوا حتفهم بعد تناولهم هذه المواد الكحولية.

وبخصوص التكفل بالضحايا، فقد أفاد الوزير أن 20 تم استقبالهم بمستشفى مولاي يوسف بالرباط، منهم أربعة يخضعون لتصفية الكلي وقد سبيت لهم هذه المواد المسمومة مشاكل في العين.

وأضاف الوزير أن 35 شخصا تم نقلهم لمستشفى القنيطرة، في حين أن 20 منهم بقوا في “محلهم”، معتبرا أن هناك أطر صحية تتكفل بالضحايا.

وتأسف الوزير على الحادث الذي خلف هذا العدد الكبير من الضحايا، معزيا عائلاتهم.




أثارت فاجعة المشروبات الكحولية السامة في المغرب ردود أفعال متباينة في المجتمع المغربي، فهناك من اعتبر أنها نتيجة “العهد الجديد” و”الانفتاح” الذي تدعو له الحكومة، فيما اتهم آخرون المسؤولين بالتقصير في تقنين أو منع بيع الكحول في بلد مسلم العقيدة.




لا أحد ينفي انتشار استهلاك المشروبات الكحولية في المغرب، ولا يمنع الدولة من الإقرار باستفادتها الاقتصادية الكبيرة من المشروبات الكحولية، فالمغرب يعدّ أكبر مصنع للنبيذ في العالم العربي، إذ يخصّص 37 ألف فدان لزراعة العنب أو الكروم الخاص بالنبيذ.

فيديو ضابط يطلق النار على “شاب يافع” قتل شخصاً وأصاب 8 آخرين بجروح خطيرة

وسبق تسجيل حوادث مشابهة في المغرب، ففي سبتمبر توفي 19 شخصا في مدينة القصر الكبير، شمالي المملكة، بسبب تناولهم مشروبات كحولية فاسدة، وفقا لوكالة فرانس برس.

كذلك توفي 20 آخرون في مدينة وجدة، شرقي البلاد، في يوليو 2021 لنفس السبب.

يذكر أن القانون المغربي يحظر بيع الكحول للمسلمين، لكن من السهل العثور عليه في الحانات والمطاعم والمتاجر التي تعرضه للبيع “خفية” من خلف النوافذ غير الشفافة أو الستائر السميكة.

وتنشط زراعة النبيذ في منطقة مكناس البعيدة بحوالي 140 كيلومترًا شرق الرباط منذ عقود طويلة، وقد ازدهرت كثيرًا هذه الزراعة خلال الفترات الاستعمارية، عندما استغلت السلطات الفرنسية الأجواء المغربية لتطوير هذه الزراعة التي استمرت بعد رحيل الفرنسيين، ومكّنت رجال أعمال مغاربة من أرباح خيالية، من بينهم إبراهيم زنيبر الذي يمتلك العديد من المعامل في مدينة مكناس.

علاقة المغرب بالمشروبات الكحولية لا تتوقف عند الإنتاج فقط، بل كذلك في الاستهلاك داخل المغرب، فتقرير رويترز الصادر عام 2013 يشير إلى أن المغاربة يستهلكون سنويًا 131 مليون لتر من الكحول، غالبيته من الجعة التي تنشط كذلك عملية إنتاجها بالمغرب، إلى جانب النبيذ ومنتجات مستوردة كالفودكا.

وتشير منظمة الصحة العالمية في تقرير لها إلى أن المغربي يستهلك سنويًا 17 لتراً من المشروبات الكحولية، وذلك في المرتبة الخامسة عربيًا، وإلى أن المعدل المغربي في الاستهلاك يتجاوز دولاً غربية كثيرة منها فرنسا والولايات المتحدة.

“الحكومة واقعة في حرج، فهي تستفيد من عائدات الخمر، فقد صرّح وزير العدل والحريات سابقًا في عهد حكومة “العدالة والتنمية” أنه لن تمنع رخص جديدة لبيع الخمر، لكنها مُنحت. التناقض موجود بين خطاب سياسي محافظ يحثّ على محاربة المشروبات الحكولية، وبين واقع تستفيد منه الدولة ماديًا من استهلاك هذه المواد”، يقول أحمد عصيد، ناشط علماني.

في الجانب الآخر، يقول خالد الرحموني، عن حزب العدالة والتنمية في تصريح سابق:” الاقتصاد المغربي غني بالكثير من الموارد التي تثري انتاجيته، وليس قاصرًا أبدًا على المواد المحرّمة. وموضوع إنتاج الخمور يدخل في إطار منطق اقتصادي قديم لن تغيّره لا الحكومة الحالية ولا أيّ حكومة اخرى. أعتقد أن نقاش الخمور هو نقاش مغلوط، لأن الأولوية الآن في النقاش لمشاريع أخرى من قبيل الصحة والتعليم وخلق الثروة ومعالجة الاختلالات الاجتماعية”.

قانون يمنع بيع الكحول للمسلمين

ينظم قانون صدر عام 1967 عملية بيع المشروبات الكحولية بالمغرب، إذ يشترط الحصول على رخصة خاصة لكل من يرغب بذلك، ويمنع هذا القانون على التجار بيع هذه المشروبات إلى المسلمين المغاربة، ويضع عقوبات حبسية لكل من خالف ذلك قد تصل إلى ستة أشهر.

غير أن واقع الأرقام يؤكد أن المشروبات الكحولية لم تكن لتنتعش في المغرب لولا إقبال المغاربة عليها، وذلك في بلد يسكنه المسلمون بغالبية شبه مطلقة مقابل بعض الأقليات التي لا يتجاوز عددها على الأكثر بضعة آلاف، خاصة وأن المغرب لا يسجل أرقامًا مرتفعة فيما يخصّ إقبال السياح الغربيين بما يجعل من الاستهلاك يتجه في المجمل للقادمين من الخارج.

“الاستفادة من عائدات الخمر ومنع المغاربة في الآن نفسه استهلاكه تعدّ مفارقة مضحكة، علمًا أن الدولة تتسامح مع المواطنين في استهلاك الخمر، ولا يتدخل رجال الأمن إلّا عند الرغبة في الانتقام من شخص ما كي تتم معاقبته”، يقول أحمد عصيد، مضيفًا:” الدولة تتعامل مع جميع المغاربة، باستثناء الطائفة اليهودية التي لا يتجاوز عددها 3500 شخص، على أنهم مسلمين، لذلك فكل مغربي مسلم، وبالتالي ممنوع قانونيًا من شرب الخمر”.

وإذا كان عصيد يرى أن إسلامية الدولة لا تعني التضييق على الحريات الفردية، وضرورة تغيير القانون الحالي بما ينهي حظر بيع المواد الكحولية للمغاربة، لا سيما أن الدولة تستفيد من هذه المواد، فإن خالد الرحموني يرى أن الإسلام هو مرجعية للدولة والمجتمع، وهو ما تحدد في الدستور.

ويتحدث الرحموني أنه لا يمكن سّن قانون يخالف أسس الدولة، وأن حزبه مقتنع تمامًا بضرورة الإبقاء على منع استهلاك المغاربة المسلمين للخمور، مستطردًا أن سلوك المغاربة لا يجب أن يعالج فقط بالنص القانوني، بل هناك التوجيه الاجتماعي ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، وأن الإكراه لا يجب أن يكون وسيلة لضبط مثل هذه السلوكيات.

ويظهر من بعض الأرقام أن قطاع الكحول في المغرب لا يعيش أزهى فتراته في الآونة الأخيرة، فقد سبق لموقع هسبريس المغربي أن أورد تراجع الواردات المغربية من المشروبات الكحولية بنسبة قاربت 52 في المئة عام 2014، وذلك في وقت قرّرت فيه الحكومة زيادة الضرائب على هذه المشروبات، بنسبة 40 في المئة.

الانخفاض ذاته ظهر في استفادة الخزينة العامة من عائدات المشروبات الكحولية، فبعدما سجلت عام 2013 حوالي 740,4 مليون درهم (76,8 مليون دولار) فقط للجعة (البيرة) و501,7 مليون درهم (52,1 مليون دولار) للنبيذ والمشروبات الكحولية الأخرى، سجلت عام 2014 ما يقارب708,7 مليون درهم  (73,5 مليون دولار) بالنسبة للجعة، و465,5 مليون درهم (48,3 مليون دولار) بالنسبة للنبيذ وبقية المشروبات الأخرى، حسب جريدة ليكونوميست.

غير أن الجريدة الاقتصادية “لافي إيكو” أكدت في تقرير صدر قبل سنوات، أن استهلاك المشروبات الكحولية المنتجة بطريقة تقليدية، وصل إلى رقم قياسي عام 2014، بما يعادل 700 ألف هيكتولتر، وأن فقط نسبة قليلة من هذا الرواج هو ما يتم تسجيله رسميًا.