يبدو أن اسم رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، أصبح ملازماً للأحاديث والنقاشات بين المواطنين قبل وبعد الاحتفال بعيد الأضحى، سواء في الأحاديث اليومية أو من خلال التدوينات على منصات التواصل الاجتماعي. وبتناول السخرية السوداء، استحضر المعلقون الجملة التي رددها أخنوش، والتي قال فيها إن حكومته حققت في ظرف عامين ما لم تستطع أي حكومة سابقة تحقيقه، مضيفاً أن الناس “أحسوا بالنتائج”.
في سياق الجدل حول تدبير الحكومة المغربية لمناسبة عيد الأضحى، دافع محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عن الإجراءات الحكومية التي تعرضت لانتقادات في البرلمان.
أوضح صديقي أن الحكومة قامت بدعم الأعلاف بشكل مستمر وفتحت باب الاستيراد، مع دعم هذا الاستيراد، وترقيم أكثر من ستة ملايين رأس من الأغنام، واستيراد أكثر من 400 ألف رأس بتكلفة إجمالية بلغت 237 مليون درهم، بالإضافة إلى إعفاء هذه العمليات من رسوم الاستيراد والضريبة على القيمة المضافة.
وأشار الوزير إلى أن الغلاء الكبير في أسعار الأضاحي يعود إلى الظروف الصعبة، مؤكداً أنه في غياب الأمطار لا يمكن إيجاد حلول فعالة. وأكد أن وزارة الفلاحة منفتحة على جميع الاقتراحات، مشدداً على أن الوزارة قامت بكل ما في وسعها، وأن الاستيراد كان إجراءً استثنائياً للحفاظ على القطيع الوطني.
واستند الوزير إلى تأثيرات الجفاف المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات لمواجهة الانتقادات البرلمانية، معبراً عن أمله في تحسن الظروف المناخية في السنة المقبلة.
بقرار ماضٍ: جامعة محمد السادس ترفض وقف التطبيع مع مؤسسات إسرائيلية على الرغم من مئات التوقيعات من الطلبة
غير أن النتائج كما لاحظها مراقبون، تتمثل في ارتفاع أسعار أضاحي العيد بشكل صاروخي غير مسبوق. والكثير من المغاربة عبّروا عن غضبهم من الحكومة، لأنها لم تكن في موعد الوفاء بالتزامها نحو البسطاء ورغم الدعم والخراف المستوردة بقي هامش ربح التجار كبيراً، وهو ما يتطلب من لجان المراقبة أن يكون لها موقف صارم تجاه هذا التضارب في الأسعار الذي ضرب مرة أخرى القدرة الشرائية للمواطنين وأصابهم في مقتل حين يتعلق الأمر بشعيرة محببة وروحانية واجتماعية مثل عيد الأضحى.
إنه مؤشر على «فشل» ما سمّي بمخطط «المغرب الأخضر» المتعلق بالتنمية الزراعية، كما استنتج عبد الرحيم أريري، مدير صحيفة «الوطن الآن» إذ كتب تدوينة جاء فيها: سبق لعزيز أخنوش، مهندس المغرب الأخضر، أن قال إن مخططه سيخرج بلادنا من الندرة إلى الوفرة، ومن «التبعية الغذائية» إلى «السيادة الغذائية». وها هي الوقائع تكذبه، إذ إن لجوء حكومة أخنوش إلى الأغنام المستوردة لم يحمل أي تطمين للمغاربة، ذلك أن الاستيراد لم يحدث أي أثر على أسعار الأضاحي، بل على العكس عرفت الأسعار زيادات صاروخية بسبب تواطؤ الحكومة مع مافيا الاستيراد ومع مافيا «شناقة الأكباش» (أي الوسطاء).
وسجّل عدد من المتتبعين ملاحظات كثيرة على عيد الأضحى لعام 2024 بالمغرب، وفي مقدمتها وجود نسبة من المغاربة اكتفوا في احتفالهم بالعيد بالجانب الروحي وحضور صلاة العيد والحلويات وما تيسر من لحم بالتقسيط. وحسب مدون مغربي يدعى «اليخلوفي» فإن أهم ما ميز عيد الأضحى لسنة 2024 بالمغرب» أن «أسعار الأضاحي تراوحت بين 4000 درهم (401 دولار) و8000 درهم (803 دولارات) بسبب جشع الكسابة (مربو الماشية) وإجرام الشناقة (المزايدون على أسعار الخرفان في الأسواق)».
وتابع صاحب التدوينة سرد ما ميز أضحى هذا العام بالوصول إلى «صمت الحكومة على هذه الكارثة» وأن «نصف الشعب المغربي لم يقتن الأضحية بسبب ضعف القدرة الشرائية وفي مقابل ذلك النصف الآخر من الشعب الذي اقتنى الأضحية تفنن في نشر صور الأضاحي واللحوم على مواقع التواصل دون حياء ولا احترام لمشاعر الآخرين» مستنتجاً «أن عيد الأضحى في المغرب ليس شعيرة دينية، بل هو تقاليد إلزامية» وفق تعبيره.
من جهته، كتب الصحافي المغربي محمد واموسي المقيم في فرنسا، تدوينة عن تجار الأزمات بطريقة ساخرة نوعاً ما حين قال: «عيد سعيد… أو هذا ما يقوله تجار الأزمات وهم يحتفلون برفع أسعار الأضحية إلى عنان السماء» وأضاف: «من المثير للسخرية أن نرى تجار الأزمات يحتفلون بجيوبهم الممتلئة بينما كثير من العائلات لن تفرح هذا العام».
وهناك من عوض غلاء أسعار الأكباش الذكور بذبح النعاج، لا سيما الأسر ذات الدخل المحدود والفقيرة، لكن في المقابل هناك من أكد أن سعر بعض النعاج وصل إلى 2500 درهم (251 دولاراً) وبعض الخراف 3000 درهم (301 دولار). وزاد من حدة الموقف «جشع» المضاربين وتجار الأزمات الذين وصلوا إلى دكان الجزار أيضاً، وفرضوا مزايداتهم التي قهرت البسطاء من الناس ومعهم الطبقة المتوسطة، ليبلغ ثمن الكيلوغرام من لحم العجل أو الخروف سعراً صاروخياً وذلك أيام بل ساعات قليلة قبل حلول اليوم الموعود يوم الأضحية.
يبلغ إجمالي نفقات الأسر بالمغرب بمناسبة عيد الأضحى أكثر من 18 مليار درهم (1.8 مليار دولار)، بحسب المندوبية السامية للتخطيط.
وقالت في تقرير مطلع يونيو/ حزيران الجاري إنه “وفق متوسط سعر الماشية المخصصة للنحر، يقدر بمبلغ 2400 درهم (240 دولار) في 2023، فإن إجمالي نفقات الأسر بهذه المناسبة تبلغ أكثر من 18 مليار درهم”.
واعتبرت أن سعر اللحم عرف ارتفاعا بـ 7.2 بالمئة بين عامي 2021 و2023.
كما قالت المندوبية السامية للتخطيط، في بيان لها مؤخرا، إن ممارسة شعيرة عيد الأضحى ما تزال سائدة في المجتمع.
ولفت البيان للمندوبية حول “نفقات وممارسة شعائر عيد الأضحى”، إلى أن “ممارسة شعيرة عيد الأضحى ما تزال سائدة في المجتمع المغربي، إذ إن 12.6 بالمئة فقط من الأسر المغربية لا تمارس هذه الشعيرة، خاصة الأسر المكونة من شخص واحد”.
واعتبرت أن “عيد الأضحى من أهم الأعياد الدينية بالنسبة للمغاربة.. لا يقتصر العيد على أبعاده الروحية فقط، بل له تداعيات مالية كبيرة على الأسر المغربية”.
وأوضحت أن نفقة أضحية عيد الأضحى، تمثل 30 بالمئة من إجمالي النفقات السنوية للأسر المخصصة اللحوم.
وحسب نوع الأضحية، تختار 95.6 بالمئة من الأسر المغربية الأغنام، و4.3 بالمئة الماعز، و0.1 بالمئة الأبقار “فيما تظل أضحية الماعز أكثر شيوعا بين الأسر القروية وكذلك بين فئة الأقل يسرا”.