“رغم دعم البنك الدولي بـ 350 مليون دولار: تحديات التمويل والتضخم وأثرها على استقرار الشركات الصغيرة والمتوسطة في المغرب”

0
392
و.م.ع

في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي يواجهها المغرب في السنوات الأخيرة، تبرز مشكلة الاستثمار والمقاولات كواحدة من أبرز القضايا التي تؤثر بشدة على الاقتصاد الوطني. ارتفاع مستمر في أعداد الشركات التي أعلنت إفلاسها يعكس تدهوراً متسارعاً في البيئة الاقتصادية، مما يتطلب استراتيجيات جديدة وفعالة لتحفيز النمو وتعزيز استقرار السوق المحلي.

في هذا الإطار ، تمت أمس الخميس الماضي، في العاصمة الرباط، توقيع اتفاقية تمويل بقيمة 350 مليون دولار بين وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، والمدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا في البنك الدولي، جيسكو هنتشل. هذا الاتفاق يتعلق ببرنامج دعم تنفيذ إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية.

أكدت فتاح خلال حفل التوقيع أهمية هذا الاتفاق في تعزيز التعاون النموذجي مع البنك الدولي، مشيرة إلى أن البرنامج سيعتمد على تنفيذ القوانين الإطارية الجديدة، وهي قانون الإصلاحات رقم 50-21 وقانون إنشاء الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع أداء المؤسسات والمقاولات العمومية الرقم 82-20.

تم توقيع هذا الاتفاق بعد مصادقة المجلس الوزاري في يونيو 2024، برئاسة الملك محمد السادس، على التوجهات الاستراتيجية للسياسة المساهماتية للدولة، بهدف إصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الجهود الاستثمارية وتحسين أدائها وحكامتها.

يهدف البرنامج القائم على النتائج والممول من البنك الدولي إلى دعم “تعزيز الوظائف المساهماتية للدولة وإطار حكامة المؤسسات والمقاولات العمومية”، و”إعادة تشكيل المحفظة العمومية وتعزيز الحياد التنافسي”، بالإضافة إلى “تحسين تتبع أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، بما في ذلك التأثيرات المناخية”.

سيتم تنفيذ هذا البرنامج على مدى خمس سنوات بالتنسيق بين الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، ومديرية المنشآت العامة والخوصصة، بالتعاون مع جميع الفاعلين المعنيين.

الاقتصاد المغربي يواجه تحديات كبيرة في قطاع الاستثمار والمقاولات، حيث ارتفعت بشكل كبير أعداد الشركات التي أعلنت إفلاسها خلال السنوات الأخيرة. منذ عام 2021، تزايد عدد الشركات المفلسة بشكل ملحوظ، حيث وصلت إلى أكثر من 14 ألف شركة في عام 2023 وحده. هذا التطور السلبي يعزى جزئياً إلى صعوبات التمويل، التضخم، وارتفاع أسعار المواد الأولية، إضافة إلى تداعيات جائحة كوفيد-19.

القطاع التجاري يشكل نسبة كبيرة من الشركات المفلسة، متبوعاً بقطاع العقار والبناء، معظمها من الشركات الصغيرة جداً التي تواجه صعوبات كبيرة في المنافسة على الصفقات العمومية وتأخير في آجال الأداء المالي.

تزايدت نسبة البطالة إلى 13% في نهاية عام 2023، وهي الأعلى منذ سنة 1999، مما يعكس تدهوراً كبيراً في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة. الحكومة تواجه تحديات جسيمة في إدارة هذه الأزمة، مع توقعات بارتفاع أعداد الشركات المفلسة إلى 16 ألف شركة في عام 2024.

هذه التطورات تشكل ضغطاً كبيراً على السياسات الاقتصادية والتنموية في المغرب، وتتطلب استراتيجيات فعالة لدعم الشركات وتعزيز بيئة الأعمال لتعافي الاقتصاد الوطني.