مكتب الصرف يكشف شبكة تهريب الأموال إلى إفريقيا: استغلال التحفيزات القانونية للتخفي والتهرب عبر التأشيرات الذهبية وتحويلات أوروبا

0
383

مكتب الصرف يكشف عن شبكة تهريب أموال إلى إفريقيا: التحديات القانونية والارتباطات الأوروبية

الرباط – بعد مرور عدة أشهر على الكشف عن عمليات تهريب أموال من المغرب إلى دول إفريقية، يستمر مكتب الصرف في تحقيقاته الموسعة حول شبكة متخصصة في تهريب الأموال.

يأتي هذا التحقيق في وقت حساس، حيث يتصاعد الجدل حول الأسباب الكامنة وراء هذه الأنشطة وارتباطها بالعلاقات الأوروبية، خاصة في ظل تزايد عمليات التحويل البنكي المشبوهة.

تأخير ملف قانون الصرف

على الرغم من أن الدستور المغربي ينص على الحق في الصرف منذ عام 1962، فإن تأخير إصدار قانون تنظيمي ينظم هذا الحق يعكس تحديات سياسية واجتماعية تعوق معالجة القضية بشكل فعال. هذا التأخير يظهر العقبات في كيفية تنظيم عمليات الصرف والمراقبة، ويثير تساؤلات حول سبب تصاعد هذه الأنشطة الآن تحديدًا.

استغلال التحفيزات القانونية

استغل رجال أعمال التحفيزات التي أقرها قانون الصرف لتهريب الأموال وإيداعها في حسابات سرية بالخارج. حيث يسمح القانون بتحويل مبالغ تصل إلى 200 مليون درهم سنويًا لتمويل المشاريع، إضافةً إلى تسهيلات في الأداءات بالعملات الصعبة لعمليات الاستيراد والتصدير.

هذه التسهيلات شجعت بعض الأفراد على التلاعب بإنجاز مشاريع وهمية بالخارج، واستخدام شركاء أجانب كواجهة لإخراج الأموال من المغرب وإيداعها في مناطق حرة وملاذات ضريبية.

التحقيقات الموسعة والإجراءات

بدأت مصالح اليقظة والمراقبة في مكتب الصرف تحقيقات مكثفة حول شبكة تهريب الأموال التي تشمل تحويلات مالية يديرها سماسرة من دول إفريقية مثل السنغال وكوت ديفوار. تستغل هذه الشبكة نقص الرقابة والضوابط القانونية لتهريب الأموال إلى الخارج، حيث يتم تحويل الأموال إلى سماسرة محليين ثم تسلم العائلات في بلدانهم الأصلية مقابل عمولات مالية ضخمة.

وكشفت التحقيقات في وثائق رجال الأعمال عن وجود معطيات متضاربة، مما دفع مراقبي الصرف إلى تعميق البحث حول مصير أكثر من 600 مليون درهم، والتي تم إخراجها من المغرب تحت ذريعة تمويل استثمارات خارجية وعمليات استيراد. وبعد التدقيق، تم رصد تحويلات مالية موجهة لجهات خارجية ناتجة عن تعاملات تجارية وهمية، حيث لم تُسجل عمليات جمركة لهذه التعاملات، وتبين وجود تلاعب في قيمة السلع المستوردة.

الرقابة والعلاقات الأوروبية

تتضمن العمليات المراقبة تحويلات مالية تتراوح بين 3 آلاف درهم و70 ألف درهم، مع الإبلاغ عن انتهاكات لمعايير الرقابة القانونية من قبل بعض وكلاء التحويل. تشمل التحقيقات أيضًا تقييم امتثال الشركات للممارسات الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث لاحظ المراقبون استغلال بعض التسهيلات المتاحة. أكدت التقارير أن إدارة الجمارك تتشدد في الرقابة فقط في حال وجود شبهات بتقليص قيمة البضائع، ولكنها لا تتعامل بنفس الحزم عندما تفوق القيمة المصرح بها الأسعار الحقيقية للبضائع. هذا التفاوت استغله بعض مهربي الأموال لإنشاء شركات وهمية في مجال الاستيراد والتصدير، لتسهيل تحويل الأموال إلى الخارج عبر التلاعب في الفواتير المدلى بها.

تثار تساؤلات حول الارتباط بين هذه الأنشطة وتدفقات الأموال إلى أوروبا، حيث استفاد رجال أعمال مغاربة من “التأشيرات الذهبية” للحصول على تسهيلات في دول مثل إسبانيا والبرتغال. وقد تم الكشف عن تحويلات مالية ضخمة إلى هذه البلدان، والتي تجاوزت بكثير المبالغ المطلوبة للحصول على التأشيرات، مما يثير قلقًا بشأن الأغراض الحقيقية لهذه التحويلات.

التداعيات المستقبلية

مع استمرار التحقيقات، من المتوقع أن تسلط النتائج الضوء على المخالفات المحتملة والطرق المستخدمة لتحويل الأموال بطرق غير قانونية. قد تؤدي هذه القضية إلى فرض قيود جديدة على عمليات الصرف والتحويل في المغرب، وتستدعي إعادة النظر في كيفية تعامل السلطات مع قضايا التهريب وغسل الأموال.

في الختام، تعكس قضية تهريب الأموال تحديات عميقة في نظام الرقابة المالية بالمغرب، مما يستدعي تطوير أطر قانونية أكثر صرامة لمواجهة هذه الأنشطة والحد من تأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني والعلاقات الدولية.