قراءة في الوضع الصحي بعد حادثة انتحار مريض من الطابق الرابع..هل يدفع المرضى ثمن الصراعات الداخلية في مستشفى مولاي يوسف؟

0
190

مريض يُلقي بنفسه من الطابق الرابع لمستشفى مولاي يوسف بالرباط: أزمة المستشفيات المغربية – هل يدفع المرضى الثمن الباهظ للإهمال وسوء الإدارة؟

عاد موضوع تردي الخدمات الصحية في المستشفيات المغربية إلى الواجهة بعد حادثة مروعة شهدها المستشفى الجهوي مولاي يوسف بالرباط، حيث أقدم مريض على الانتحار بإلقاء نفسه من الطابق الرابع، في مشهد يعكس حجم اليأس والمعاناة التي يعيشها المرضى داخل المستشفيات العمومية.

هذه الحادثة تثير العديد من التساؤلات حول وضعية النظام الصحي في المغرب، ومدى تحمله لأعباء الإصلاحات والتحديات التي يواجهها.

المستشفيات: بين البنية التحتية والاستغلال البشري

المستشفى الجهوي مولاي يوسف، الذي كلف بناؤه وتجهيزه حوالي 580 مليون درهم، كان من المفترض أن يكون صرحاً طبياً يخدم ساكنة تقدر بحوالي خمسة ملايين نسمة.

ومع ذلك، لم تمر سوى سنتين على افتتاحه حتى بدأت الفضائح تتوالى، لتكشف عن اختلالات في التسيير وسوء تدبير يتسبب في تدهور الخدمات الصحية.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يمكن لمستشفى بتكلفة كهذه أن يغرق في مشاكل بهذا الحجم في فترة قصيرة؟

أدوار مشبوهة: من يدير المشهد حقاً؟

من بين أبرز القضايا التي تثير الانتباه في المستشفيات العمومية هو الدور الذي يلعبه رجال الحراسة الخاصة. أصبح هؤلاء الحراس بمثابة المتحكمين الفعليين في إدارة المستشفيات، حيث يتدخلون في توجيه المرضى والتحكم في دخولهم إلى الأقسام المختلفة، مما يضعهم في موضع سلطة غير مبررة.

هل يمكن أن يكون ضعف الرقابة الإدارية هو السبب وراء هذا الوضع؟ وما هو دور الوزارة في إعادة الأمور إلى نصابها؟

ساعات الانتظار الطويلة: هل من نهاية في الأفق؟

في قسم المستعجلات، حيث من المفترض أن تُقدَم الخدمات الطبية بشكل سريع وفعّال، يعاني المرضى من انتظار لساعات طويلة قد تصل أحيانًا إلى عدة ساعات قبل تلقي العلاج. ومع تدني جودة الخدمات، يتفاقم الإحباط والغضب لدى المرضى، مما يؤدي إلى مواقف مأسوية كتلك التي حدثت في مستشفى مولاي يوسف.

كيف يمكن تحسين تجربة المرضى في أقسام المستعجلات؟ وهل تتخذ الوزارة إجراءات فعالة للحد من هذه المشاكل؟

المحاسبة: أين تقف الوزارة؟

التقارير تشير إلى أن وزارة الصحة كانت على علم بالاختلالات في مستشفى مولاي يوسف، لكن حتى الآن لم يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة لتصحيح الوضع.

تقرير “أسود” أعدته المفتشية العامة لوزارة الصحة حول المستشفى لم يخرج إلى العلن بعد، ويبدو أن قرارات مهمة تم تجميدها لأسباب غير واضحة.

كيف يمكن للوزارة أن تبرر هذا التأخير في المحاسبة؟ وما هي الخطوات التي يجب أن تُتخذ لتفادي تكرار مثل هذه الكوارث؟

الإصلاحات: هل تعالج الجذور أم تخفيها؟

من الواضح أن هناك جهودًا تبذل لإصلاح المنظومة الصحية في المغرب، ولكن التناقض بين هذه الإصلاحات وما يحدث على أرض الواقع في المستشفيات يجعل الكثيرين يشككون في جدواها. إذا كانت هذه الإصلاحات تستهدف تحسين جودة الخدمات الصحية، فلماذا تستمر الأوضاع في التدهور؟ هل نحن بحاجة إلى إعادة تقييم شاملة لسياسات الصحة العامة؟ وكيف يمكن ضمان أن تذهب الاستثمارات إلى تحسين الخدمات بدلاً من أن تضيع في حلقات الفساد وسوء الإدارة؟

خلاصة: حادثة مستشفى مولاي يوسف ليست مجرد حادثة فردية، بل هي رمز لأزمة أكبر يعاني منها النظام الصحي في المغرب.

في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال الأهم: هل ستتخذ الوزارة الإجراءات اللازمة لضمان محاسبة المسؤولين وتحسين جودة الخدمات الصحية؟ أم أن المرضى سيستمرون في دفع الثمن؟