“هل تهدد تصريحات الحليمي شفافية عملية الإحصاء الوطني؟”

0
100

أثارت تصريحات أحمد الحليمي العلمي، المندوب السامي للتخطيط، جدلاً واسعاً في الأوساط المغربية بعد أن توعّد المواطنين غير المتعاونين مع باحثي الإحصاء بـ”فضحهم” ووضعهم في خانة “غير المنتمين للمجموعة الوطنية”.

هذا التصريح، الذي جاء خلال ندوة حديثة، طرح تساؤلات عديدة حول مدى قانونية هذا الإجراء، وما إذا كان يتوافق مع القوانين السارية في البلاد، أم أنه يمثل نوعاً من التجاوز في حدود السلطة التنفيذية.

سياق التصريحات والإطار القانوني

الحليمي استهدف بشكل خاص فئة الأغنياء الذين، حسب قوله، يتجنبون الإجابة على أسئلة الإحصاء، ويتخذون من كلاب الحراسة وسيلة لصد الباحثين.

وفي هذا السياق، حثّهم على إزالة الحواجز والتعاون، مبدياً تعهده بأن “لا أحد سيحسدهم”. ولكن، هل يتماشى هذا الموقف مع النصوص القانونية المنظمة لعملية الإحصاء؟ وهل يحق للمندوب السامي للتخطيط اتخاذ إجراءات تصعيدية تجاه المواطنين؟

القانون رقم 001-71 الصادر بتاريخ 16 يونيو 1971 ينظم عملية الإحصاء ويحدد العقوبات المتعلقة بعدم الامتثال. وفقًا للفصل 609 من القانون الجنائي، تقتصر العقوبة على غرامة مالية تتراوح بين 10 و120 درهما لمن يمتنع عن المشاركة أو يدلي بتصريحات غير صحيحة.

هذه العقوبة هي الوحيدة المنصوص عليها، مما يثير التساؤل حول مدى قانونية تهديد الحليمي بفضح المواطنين.

تحليل قانوني: هل تجاوز الحليمي صلاحياته؟

سعيد معاش، محامٍ بهيئة الدار البيضاء، أعرب عن اعتراضه على تصريحات الحليمي، مشيراً إلى أن الفضح ونشر أسماء المواطنين الذين لا يرغبون في المشاركة يمثل انتهاكاً للقانون.

معاش يؤكد أن توزيع المواطنة بناءً على المشاركة في الإحصاء أمر غير مقبول، مشيراً إلى أن القانون واضح في هذا الشأن، وأن الحليمي تجاوز حدوده بتصريحاته تلك.

ولكن هل يمكن استغلال هذا التصريح من قبل بعض الموظفين في المندوبية لتصفية حسابات شخصية؟ في ظل غياب رقابة صارمة على تنفيذ القانون، قد تصبح هذه التصريحات أداة لتوظيف الإحصاء كوسيلة للضغط على الأفراد لتحقيق مصالح شخصية.

التداعيات الاجتماعية والعملية للإحصاء

عبد الجليل حسيني، متخصص في الحسابات الرياضية الإحصائية، يرى أن عدم مشاركة بعض المواطنين في عملية الإحصاء لا يؤثر بشكل كبير على النتائج النهائية. حسيني يشير إلى تجربة إحصاء 2014، حيث لم تكن مشاركة جميع المواطنين ضرورية لتحقيق نتائج موثوقة.

هذا الطرح يثير تساؤلاً حول مدى الحاجة إلى تصعيد الأمور إذا كانت النتائج النهائية للإحصاء تعتمد على عينات كافية من المشاركين.

هل هناك أبعاد سياسية لتصريحات الحليمي؟

إلى جانب الجانب القانوني، يمكن أن يكون لتصريحات الحليمي بُعد سياسي، حيث قد يُستغل التصعيد كوسيلة لتصفية حسابات أو لتحقيق مكاسب سياسية معينة. هل تسعى جهات معينة لاستغلال الوضع لفرض أجندات معينة أو لتعزيز نفوذها؟

الخلاصة

تصريحات أحمد الحليمي العلمي فتحت باباً واسعاً للنقاش حول قانونية التعامل مع المواطنين في سياق الإحصاء العام. في حين أن القانون يحدد عقوبات واضحة لمن يمتنع عن المشاركة، فإن تجاوز تلك العقوبات وتهديد المواطنين بفضحهم قد يثير قضايا قانونية وأخلاقية أوسع.

في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال الرئيسي: كيف يمكن ضمان التزام الجميع بالقانون دون تجاوز حقوق المواطنين، ودون أن يتحول الإحصاء إلى أداة لتصفية الحسابات؟