“هل تستمر شماعة الجفاف في تبرير تراجع الإنتاج الزراعي رغم الأمطار الغزيرة، أم أن المشكلة الحقيقية تكمن في فشل التخطيط الزراعي؟”

0
180

في الوقت الذي تنطلق فيه التحضيرات للموسم الفلاحي الجديد في المغرب، تتزايد المخاوف بشأن تأثير التراجع في المساحات المزروعة على الأمن الغذائي واستقرار الأسعار. الحكومة تواصل الترويج لفكرة “الجفاف” كسبب رئيسي لتراجع الإنتاج الزراعي، رغم أن العديد من مناطق المغرب شهدت أمطارًا غزيرة وسيولًا مؤخرًا.

هذا التناقض يثير تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذا التراجع، وهل الجفاف هو العائق الوحيد أمام الزراعة أم أن هناك عوامل أعمق تُغفل عمداً؟




الجفاف: حقيقة أم شماعة؟

على الرغم من الأمطار التي أدت إلى امتلاء السدود في عدة مناطق، تصر الحكومة على استخدام مبرر الجفاف لتبرير التراجع في الإنتاج. ومع أن الواقع المناخي يظهر تحسنًا في بعض المناطق، فإن الحكومة تستمر في رفع “شماعة الجفاف” لتفسير تقليص المساحات المزروعة.

فهل الجفاف هو السبب الفعلي لهذا التراجع؟ أم أن هناك مشاكل أخرى، مثل ارتفاع تكاليف الإنتاج، تثقل كاهل الفلاحين وتدفعهم إلى تقليص نشاطهم الزراعي؟




تراجع المساحات المزروعة: أزمة ثقة أم استراتيجية؟

وفقًا للإحصاءات الرسمية، تراجعت مساحة الزراعات الخريفية والشتوية إلى 2.5 مليون هكتار، مقابل أكثر من 4 ملايين هكتار في المواسم العادية. هذا التراجع في المساحات المزروعة يثير أسئلة حول جدوى السياسات الفلاحية الحالية. رياض أوحتيتا، خبير ومستشار فلاحي، يرى أن الفلاحين يتجنبون المخاطرة بزراعة مساحات كبيرة من الأراضي خوفًا من الخسائر المحتملة، ما يعكس أزمة ثقة في القدرة على الاستمرار في نفس مستوى الإنتاج. فهل هذا التراجع هو استجابة لمخاوف اقتصادية مبررة، أم أنه يشير إلى أزمة أعمق تواجه القطاع الفلاحي في المغرب؟

تأثير التكلفة والمواد الأولية

عوامل أخرى، مثل ارتفاع تكاليف المواد الأولية، وبالأخص المحروقات، تضيف ضغطًا إضافيًا على الفلاحين. محمد الإبراهيمي، مستثمر فلاحي في جهة الدار البيضاء سطات، يشير إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج يجعل الفلاحين يتخلون عن بعض الأراضي أو حتى كراء الأراضي الزراعية التي كانوا يستغلونها في الماضي. هذا يطرح تساؤلات حول كفاية التدابير الحكومية لدعم الفلاحين في مواجهة هذه التحديات.

الإجراءات الحكومية: حلول عاجلة أم مسكنات مؤقتة؟

رغم محاولات الحكومة دعم الفلاحين من خلال توفير دعم للبذور والأسمدة، إلا أن هذه التدابير لم تتمكن حتى الآن من إعادة ثقة الفلاحين بالقطاع. هل يمكن لهذه التدابير أن تُحدث فرقًا فعليًا في مواجهة التحديات المتزايدة؟ أم أن المطلوب هو إعادة هيكلة شاملة للقطاع الفلاحي تشمل إصلاحات أعمق وتقديم حوافز وضمانات أكثر لتشجيع الفلاحين على استغلال المزيد من الأراضي؟ خاصة أن ارتفاع تكاليف الري والمحروقات يبدو أنه يشكل العائق الأكبر أمام تحقيق طموحاتهم.

مستقبل الزراعة: التحديات والحلول

تراجع المساحات المزروعة يهدد الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي للبلاد، وهذا يتطلب حلولًا تتجاوز معالجة الأعراض لتصل إلى جذور المشكلة. فهل تمتلك الحكومة رؤية طويلة الأمد تعالج التحديات الهيكلية التي تواجه القطاع الفلاحي؟ أم أن الخطط الحالية مجرد حلول مؤقتة لا ترقى إلى مستوى التحديات الحقيقية؟

تظل الأسئلة معلقة حول مستقبل القطاع الزراعي في المغرب، والسبل التي يجب اتباعها لضمان استدامة الإنتاج الزراعي في مواجهة التغيرات المناخية والاقتصادية.