النقابة المستقلة: مشروع دمج “كنوبس” و”CNSS” يهدد المكتسبات ويتجاهل الحوار الاجتماعي وتُحذر من تداعيات القانون 54.23

0
195

مشروع تجميع وإدماج صناديق التغطية الصحية: بين الإرادة وتنسيق الأهداف والحفاظ على المكتسبات

لطالما شكلت قضايا الصحة والحماية الاجتماعية محوراً هاماً للنقاشات الحكومية والنقابية في المغرب. وفي ظل الإصلاحات المستمرة، جاء مشروع القانون رقم 54.23 ليقترح دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS). الحكومة ترى في هذا المشروع جزءاً من استجابتها لمقتضيات القانون الإطار للحماية الاجتماعية، الذي ينص على توحيد الهيئات المكلفة بالتغطية الصحية. لكن، هل هذا الدمج يصب فعلاً في مصلحة الفئات المعنية، أم أنه خطوة تفتقر للتشاور والتوافق؟

التساؤلات الجوهرية

أول ما يثير التساؤلات حول هذا المشروع هو مدى احترامه للإجراءات الدستورية والتشاركية، خصوصاً أن النقابة المستقلة لقطاعات الصحة، العضو في اتحاد النقابات المستقلة، تعتبر أن الحكومة لم تفتح باب الحوار والتشاور قبل طرح هذا المشروع. هل يعكس هذا التوجه إصرار الحكومة على مسار أحادي الجانب؟ وهل يمكن اعتبار تجاهل التفاوض مع النقابات تعبيراً عن انحراف في المنهجية المتبعة في صياغة السياسات العمومية؟

الحفاظ على المكتسبات: هل تم أخذها بعين الاعتبار؟

تشير النقابة المستقلة إلى أن مشروع الدمج يتجاهل المكتسبات التاريخية للفئات المهنية المنخرطة في “كنوبس”، والتي تتجاوز ثلاثة ملايين مستفيد. هذه المكتسبات تمثل قاعدة أساسية يجب الحفاظ عليها في أي إصلاح أو دمج للنظم الاجتماعية. هنا يُطرح السؤال: كيف يمكن للحكومة ضمان الحفاظ على هذه الحقوق في ظل الدمج المقترح؟ وهل هناك آليات واضحة لحماية هذه المكتسبات؟

توحيد أم تحجيم؟

توحيد أنظمة التغطية الصحية قد يحمل بعض الإيجابيات، مثل تحسين حكامة أنظمة الحماية الاجتماعية وضمان توازناتها المالية. لكن، في ظل اختلاف طبيعة “كنوبس” و”CNSS”، سواء من حيث حقوق وواجبات المنخرطين أو من حيث الهيكلة، يبدو أن هناك حاجة ماسة لتوضيح كيفية تحقيق هذا التوحيد دون الإضرار بأي طرف.

كيف سيتم الحفاظ على العلاقة بين “كنوبس” وتعاضدياتها التي لطالما شكلت صلة الوصل بين المنخرطين والنظام؟ وهل سيؤدي هذا الدمج إلى تغيير هذه العلاقة أو إلغائها تماماً؟

النظام التعاضدي: إلى أين؟

النظام التعاضدي كان ولا يزال يشكل جزءاً أساسياً من نظام التأمين الصحي في المغرب، خاصة في القطاعين العام وشبه العام. ومنذ إحداثه، ظل هذا النظام يدير التأمين الصحي الأساسي بدون السعي لتحقيق الربح. السؤال هنا: هل ستظل الحكومة ملتزمة بنفس النهج بعد الدمج، أم أن الربحية قد تصبح جزءاً من المعادلة، مما يرفع من تكاليف الاشتراك ويؤثر على مستوى العلاجات المقدمة؟

دعوة للنقاش والتعبئة

النقابة المستقلة ترى أن مشروع القانون رقم 54.23 يحتاج إلى إعادة صياغة بمشاركة الفاعلين الاجتماعيين لضمان تحسينه بما يتماشى مع الرؤية الملكية الإصلاحية. ولكن هل الحكومة مستعدة فعلاً لفتح نقاش حقيقي حول المشروع، أم أنها ماضية في طرحه بصيغته الحالية؟ وكيف يمكن للنقابات والهيئات الحقوقية التصدي لهذه التحولات إن لم يتم الاستجابة لمطالبهم؟

خلاصة

المشروع المجتمعي الكبير الذي دشنه الملك محمد السادس، يفرض التعامل بحكمة ومسؤولية مع كل ما يتعلق بمصير مئات الآلاف من المنخرطين في أنظمة التغطية الصحية. هل ستتعامل الحكومة بإيجابية مع هذا الورش، أم أن هناك حاجة لتعبئة نقابية واجتماعية أوسع لإعادة المسار إلى السكة الصحيحة؟