قضية سعيد الناصري، الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي، تثير العديد من التساؤلات حول الروابط المعقدة بين السياسة والرياضة والاقتصاد في المغرب. الناصري، الذي يُتهم بالتورط في ملف “إسكوبار الصحراء” والمتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات، يُعتبر رمزًا لتداخل النفوذ الرياضي والسياسي في قضايا جنائية تتجاوز الأبعاد الشخصية.
في جلسة المحاكمة الأخيرة بمحكمة الاستئناف في الدار البيضاء، استدعى دفاع الناصري عددًا من الشخصيات البارزة مثل هشام آيت منا، رئيس النادي الحالي، لتوضيح بعض المعاملات المالية التي تمت بينهما.
يدعي الدفاع أن المبلغ الذي دفعه آيت منا كان لدعم الحملة الانتخابية لرئاسة النادي، بينما يشير المشتكي إلى أن هذه الأموال قد تم تحويلها لأغراض غير مشروعة.
هذه الديناميكية تعكس تساؤلات حول الشفافية في تمويل الانتخابات الرياضية وكيف يؤثر المال على اتخاذ القرارات داخل الأندية المغربية.
في تفاصيل القضية، يُدعى الناصري بأنه استولى على فيلا في حي كاليفورنيا الراقي. لكن الدفاع يؤكد أن العقار كان مُلكًا لأحمد أحمد، الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، الذي كلف الناصري بشراء الفيلا.
يطرح هذا النقاش سؤالًا محوريًا: هل كان الناصري مجرد وسيط في هذه الصفقة، أم أنه تعرض لتوريط غير عادل في قضية تحمل أبعادًا أعمق من مجرد صفقة عقارية؟
الاقتصاد يلعب دورًا محوريًا أيضًا في هذه القضية، حيث تم استدعاء رجال أعمال معروفين مثل عبد الرحيم بنضو وصلاح الدين أبو الغالي، وهما داعمان بارزان لنادي الوداد. تعكس هذه العلاقات التجارية أهمية الرياضة كمنصة للتواصل بين الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين، لكن يبقى التساؤل حول ما إذا كانت هذه الروابط تُستغل لدعم أنشطة غير مشروعة أو أنها مجرد دعم مشروع لنادٍ رياضي.
تشير القضية أيضًا إلى قلق اجتماعي كبير حول تورط شخصيات سياسية ورياضية مرموقة في أعمال غير قانونية. ومع انتشار الأخبار عن ارتباط بعض الشخصيات من حزب الأصالة والمعاصرة بتجارة المخدرات، تتزايد التساؤلات حول مدى تورط النخب السياسية في قضايا جنائية تؤثر على صورة المغرب دوليًا.
هل تمثل هذه القضية حالة فردية، أم أنها تُظهر مشكلة أعمق تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ في البلاد؟
بالإضافة إلى ذلك، تُطرح مسألة الثقة في النظام القضائي المغربي. مع وجود شخصيات معروفة وبارزة في دائرة الاتهام، هل سيتمكن القضاء من تحقيق العدالة بشكل نزيه وشفاف؟هل ستكون هذه المحاكمة نقطة تحول في جهود محاربة الفساد، أم ستؤدي إلى تعزيز الشكوك حول نزاهة المؤسسات القضائية؟
ختامًا، قضية سعيد الناصري ليست مجرد محاكمة لشخصيات بارزة، بل هي اختبار حقيقي لكيفية تفاعل السياسة والرياضة والاقتصاد في المغرب، وتأثير ذلك على المجتمع ككل.
في ظل هذا المشهد المعقد، يحتاج المغرب إلى مراجعة جذرية لمنظومته الرياضية والسياسية لضمان الشفافية والنزاهة، وذلك لحماية صورة البلاد أمام العالم.