في موقف يعكس استمرار دعم إيران للانفصاليين في الصحراء المغربية، خرجت طهران مرة أخرى لتؤكد دعمها لما تسميه “حقوق الشعب الصحراوي” خلال مداخلة مندوبتها أمام اللجنة الرابعة التابعة للأمم المتحدة.
ورغم عدم ذكر المغرب بالاسم، فإن الإشارة إلى “نهب الثروات الطبيعية” والتنديد بـ”الاستعمار والاحتلال الجديد” يعكس موقفًا واضحًا ضد المملكة المغربية.
التصريحات الإيرانية: بين العزلة الإقليمية وأولويات الحلفاء
تأتي هذه التصريحات في وقت تعاني فيه إيران من عزلة متزايدة على المستوى الدولي، ومحاولة الحفاظ على نفوذها في مناطق استراتيجية، خاصة عبر تحالفاتها مع الجزائر.
ورغم التزام إيران بقرارات الأمم المتحدة الخاصة بالحل السياسي في قضية الصحراء، يبقى دعمها لجبهة البوليساريو امتدادًا لمحاولة كسب المزيد من الحلفاء في المنطقة.
السؤال هنا: هل يعكس موقف إيران الداعم للانفصاليين محاولة لتعويض فقدانها لنفوذها في الشرق الأوسط؟ وهل يشكل ذلك جزءًا من استراتيجيتها لتعزيز علاقاتها مع الجزائر وسط التوترات الإقليمية المتزايدة؟
تصدي المغرب للأطماع الإيرانية: البعد الجيوسياسي والديني
في تحليل لمواقف طهران، يؤكد الخبراء أن موقفها المعادي للوحدة الترابية المغربية ليس مفاجئًا في ظل ما تواجهه من انتكاسات إقليمية، خصوصًا في الشرق الأوسط. ويرون أن دعمها للانفصاليين يأتي كجزء من محاولة الحفاظ على التحالفات القائمة مع الجزائر، التي تعاني بدورها من تراجع التأثير الإقليمي للنزاع حول الصحراء.
هنا، يطرح السؤال التالي: إلى أي مدى سيتأثر هذا التحالف الإيراني-الجزائري في ظل تحولات المشهد السياسي بشمال إفريقيا وتراجع الأطروحة الانفصالية؟
الأطماع الإيرانية في إفريقيا: هل يشكل المغرب حاجزًا أمام تمدد طهران؟
يشير المحللون إلى أن الدعم الإيراني للبوليساريو يعكس مخاوف طهران من النفوذ الروحي والسياسي للمغرب في إفريقيا. ففي ظل مساعي المغرب لتعزيز علاقاته مع الدول الإفريقية، يبدو أن إيران ترى في المملكة عائقًا أمام محاولاتها التوسع الإيديولوجي في المنطقة.
لكن السؤال المطروح: كيف سيتعامل المغرب مع هذه التحديات الإقليمية في إطار سعيه لحماية نفوذه الإفريقي؟ وهل يمكن لإيران تعزيز حضورها في القارة السمراء من خلال دعمها للانفصاليين؟
تراجع النفوذ الجزائري بين المطرقة المغربية والسندان الليبي: هل يكفي التعاون العسكري مع موريتانيا كمتنفس وحيد؟
استراتيجية إيران الجديدة: تصعيد مع المغرب أم محاولة للبقاء؟
يرى الخبراء أن إيران تحاول تصعيد مواقفها تجاه المغرب في محاولة لتشتيت الانتباه عن الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجهها. لكن في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، هل يمكن أن تحافظ طهران على هذه الاستراتيجية العدائية تجاه الرباط؟ أم ستضطر إلى إعادة حساباتها في المستقبل القريب؟
ختامًا: حزم المغرب مقابل عزلة طهران
رغم المواقف الإيرانية المتكررة ضد الوحدة الترابية للمملكة، يبدو أن تأثيرها في القضية محدود. فالرباط مستمرة في تنفيذ مشروع الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع في الصحراء، وتتمتع بدعم دولي واسع. في المقابل، تعيش إيران عزلة متزايدة نتيجة سياساتها الإقليمية والدولية، مما يثير التساؤل حول مدى قدرتها على التأثير في مسار تسوية النزاع.