“أخنوش: 92 ألف وظيفة جديدة في الصناعة مقابل فقدان 80 ألف وظيفة في المغرب، هل هي حقائق أم تضليل بالأرقام؟”

0
62

تقييم مزدوج لواقع الشغل في المغرب: تصريحات الحكومة وتقرير المندوبية السامية للتخطيط

في سياق التحليل المفصّل لتصريحات رئيس الحكومة عزيز أخنوش وتقرير المندوبية السامية للتخطيط، تتضح عدة تناقضات ومفارقات بين الأرقام التي تُقدّمها الحكومة وبين ما يعكسه الواقع الاقتصادي من خلال التقارير الرسمية المستقلة.

أولاً: تصريحات رئيس الحكومة حول قطاع الصناعة

يؤكد رئيس الحكومة أن القطاع الصناعي، بما في ذلك الصناعة التقليدية، تمكن من خلق 92 ألف منصب شغل خلال النصف الأول من عام 2024، مشيرًا إلى أن هذا القطاع تفوّق على قطاع الخدمات.




كما استعرض أخنوش مجموعة من المبادرات الحكومية التي تهدف إلى تعزيز الاستثمار وتطوير البنية التحتية للصناعة، بما في ذلك إنشاء 22 منطقة صناعية جديدة ومنح 20 مليار درهم كمتأخرات ضريبية للشركات.

لكن من المهم التساؤل حول مدى واقعية هذه الأرقام في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد، خاصةً وأن تحقيق هذا العدد من مناصب الشغل يبدو متفائلاً للغاية مقارنة بالتحديات الحالية في الاقتصاد الوطني والعالمي.

ثانياً: تقرير المندوبية السامية للتخطيط

في مقابل ذلك، يأتي تقرير المندوبية السامية للتخطيط بتوجه مغاير؛ حيث يظهر أن المغرب فقد 80 ألف منصب شغل بين الفصل الأول من عام 2023 والفصل الأول من عام 2024.

ويشير التقرير إلى أن هذا التراجع ناتج عن فقدان 159 ألف منصب شغل في المناطق القروية، مع حدوث زيادة طفيفة في المدن بـ78 ألف منصب. كما أن الشغل غير المؤدى عنه فقد 154 ألف منصب، مما يعكس هشاشة سوق العمل في البلاد.

المفارقة: تناقض الأرقام

المفارقة الكبيرة تكمن في التباين الصارخ بين الرقم الذي أعلن عنه رئيس الحكومة بخصوص إحداث 92 ألف منصب شغل في الصناعة، وبين التقرير الرسمي للمندوبية الذي يشير إلى فقدان 80 ألف منصب شغل على المستوى الوطني.

وهنا يطرح التساؤل: كيف يمكن أن تكون هناك زيادة في مناصب الشغل بالقطاع الصناعي بينما يتم تسجيل تراجع شامل في عدد الوظائف؟

أسئلة وتحليلات

  • ما هو الأساس الذي تستند إليه الحكومة في إعلانها عن هذه الأرقام؟ قد تكون الحكومة تعتمد على بيانات مبنية على المشاريع المستقبلية التي لم تُنفذ بعد بشكل كامل أو تعتمد على قطاعات محددة نجحت في خلق فرص عمل محدودة. هذا يطرح تساؤلاً حول مدى دقة هذه الإحصاءات وما إذا كانت تعكس واقع سوق العمل بالكامل.

  • ما تأثير العوامل الاقتصادية والبيئية؟ تقرير المندوبية أشار إلى أن الجفاف له تأثير كبير على فقدان الوظائف، خاصة في المناطق القروية، وهذا عامل مهم يجب أخذه في الاعتبار عند تحليل تصريحات الحكومة حول خلق فرص عمل. هل تتجاهل الحكومة التأثيرات البيئية والاقتصادية في تقاريرها المتفائلة؟

  • إلى أي حد تعكس هذه المبادرات الحكومية الفعالية؟ الحكومة تشير إلى مشاريع مثل “ميثاق الاستثمار” و”المغرب الرقمي 2030” كعوامل رئيسية لخلق فرص العمل، لكن السؤال يبقى حول مدى تنفيذ هذه البرامج على أرض الواقع وما إذا كانت تؤدي فعلاً إلى تحسين في ظروف سوق العمل.

الخلاصة

بينما تقدم الحكومة صورة وردية عن نمو قطاع الصناعة وخلق فرص العمل، يأتي تقرير المندوبية السامية للتخطيط ليقدم واقعاً أكثر تعقيداً، حيث يتضح أن المغرب يعاني من فقدان عدد كبير من الوظائف، خاصة في المناطق القروية. هذا التباين يدعو إلى مزيد من الشفافية والمساءلة حول الأرقام التي تقدمها الحكومة ومدى توافقها مع الواقع الاقتصادي.

إن التحديات التي يواجهها الاقتصاد المغربي تتطلب نهجًا أكثر شمولية، يأخذ بعين الاعتبار احتياجات الفئات الأكثر ضعفًا ويعمل على إيجاد حلول فعالة لتحسين أوضاع سوق العمل.