المحامون ينددون: قانون المسطرة المدنية بين تهديد الحقوق الدستورية وتكريس الريع أم خطوة نحو تحديث العدالة؟

0
242

“مشروع قانون المسطرة المدنية: بين تكريس الاستبداد وحماية الحقوق الدستورية”

في خضم النقاش الدائر حول مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد، تثار تساؤلات حيوية حول مدى توافق هذا المشروع مع مبادئ الدستور وروح العدالة.

فقد عبّر عدد من المحامين والنقابيين عن مخاوفهم من أن هذا المشروع، بصيغته الحالية، يمثل تهديدًا واضحًا للحقوق الدستورية للمواطنين، بل ويكرس الاستبداد والريع داخل النظام القضائي.

فهل نحن أمام إصلاح قضائي حقيقي، أم أن المشروع يفتح الباب لتقييد الحق في التقاضي وتكريس عدم المساواة أمام العدالة؟

“تشخيص المحامين: اختلالات جوهرية وإقصاء للمواطن”

في ندوة نظمها “فيدرالية اليسار الديمقراطي” بمدينة أكادير، يوم السبت 19 أكتوبر، طرح المحاميان عبد اللطيف أعمو ومحمود عمر بنجلون نقدًا لاذعًا لمشروع قانون المسطرة المدنية.

اعتبر المتدخلون أن هذا المشروع يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوق المواطنين في الوصول إلى القضاء، حيث يشمل 644 مادة، منها 440 مادة معدلة، ويعتمد بشكل كبير على تعديلات تتعارض مع روح الدستور.

هذا التشخيص يطرح سؤالًا جوهريًا: هل هذا الكم الهائل من التعديلات يمثل إصلاحًا فعليًا أم مجرد إعادة هيكلة شكلية قد تضر بالمصلحة العامة؟

“هل يخالف المشروع مبادئ الدستور؟”

واعتبر المحاميان أن المشروع يمثل انحرافًا عن المنهجية الدستورية والسياسية في صياغة القوانين، مشيرين إلى مواد مثل: 10، 62، 158، 166 وغيرها، كأمثلة واضحة على هذا الانحراف. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستتم مراجعة هذه المواد لتتماشى مع روح المادة 118 من الدستور التي تضمن حق التقاضي؟ وإن لم يتم ذلك، فكيف سيتم التعامل مع التناقض بين النصوص الدستورية والقانون الجديد؟

“تكريس الريع وإضعاف حق التقاضي”

من أبرز النقاط المثيرة للجدل في المشروع، ما أُثير حول تضييق حق التقاضي خاصة فيما يتعلق بإمكانية الطعن. حيث يشمل المشروع مواد تُضيق على الفئات الضعيفة، من خلال خفض سقف القبول في الطعن بالنقض إلى 30,000 درهم.

فهل يساهم هذا التعديل في تحقيق العدالة، أم أنه يعزز التمييز بين المواطنين بناءً على قدرتهم المالية؟ وكيف يمكن لهذه التعديلات أن تؤثر على الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع؟

“ردود الفعل الحقوقية والنقابية: رفض جماعي وتصعيد”

الجمعيات المهنية مثل “جمعية هيئات المحامين بالمغرب” أبدت اعتراضًا شديدًا على هذا المشروع، واصفة إياه بـ”التراجع الخطير”. يضاف إلى ذلك تصاعد الجدل في الأوساط الحقوقية والنقابية حول تأثير هذه التعديلات على مناخ العدالة والاستثمار، وهو ما يعيد طرح سؤال حول طبيعة التحولات التي يشهدها النظام القضائي المغربي. هل نحن بصدد مرحلة من تراجع الحريات الحقوقية؟ وكيف ستنعكس هذه التعديلات على ثقة المواطن في منظومة العدالة؟

“تدخل المحكمة الدستورية: خطوة نحو حماية الدستور؟”

بعد المصادقة على المشروع من قبل مجلس النواب، جاء قرار رئيس المجلس، رشيد الطالبي العلمي، بإحالة المشروع إلى المحكمة الدستورية. هذه الخطوة، وفقًا للفصل 132 من الدستور، تأتي لبحث مدى توافق المشروع مع الدستور.

لكن يبقى التساؤل: هل ستسفر هذه الخطوة عن مراجعة جدية للتعديلات المثيرة للجدل؟ وهل ستلعب المحكمة الدستورية دورًا حاسمًا في حماية المكتسبات الدستورية؟

“دفاع وزير العدل: إصلاح ضروري أم هجوم على المكتسبات؟”

في المقابل، دافع وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن المشروع، معتبرًا أنه يسعى إلى تحقيق العدالة الناجعة وتجاوز الصعوبات القانونية التي تواجه المواطنين.

ويبرز هنا سؤال آخر: هل هناك تناقض بين الهدف المعلن من المشروع والانتقادات الموجهة له؟ وهل يمكن اعتبار بعض المواد المثيرة للجدل مجرد “تفاصيل” ضمن مشروع أوسع للإصلاح؟

“الختام: هل يستجيب المشروع لتطلعات الإصلاح أم يعمق الفجوة؟”

إن الجدل حول مشروع قانون المسطرة المدنية يفتح الباب أمام نقاش واسع حول الإصلاحات القضائية في المغرب. ففي حين أن الهدف المعلن هو تحقيق العدالة الناجعة، فإن المخاوف من تضييق حق التقاضي وتكريس الريع تطرح أسئلة ملحة حول مستقبل العدالة في البلاد.

هل سيشهد المشروع تعديلات جوهرية تحترم روح الدستور وتطلعات المواطنين، أم أن الأزمة الحالية ستعمق الفجوة بين المواطن والنظام القضائي؟