الاتحاد الأوروبي يرفض إحياء مقترح دي ميستورا لتقسيم الصحراء: رؤية جديدة أم عودة إلى المربع الأول؟

0
132

في خطوة تؤكد على تماسك المواقف الدولية الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، أعلن الاتحاد الأوروبي رفضه مقترحًا قديمًا كان قد قدمه المبعوث الأممي إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا، والذي يقضي بتقسيم الصحراء بين المغرب وجبهة البوليساريو. ويعود هذا المقترح إلى سنة 2002، لكنه قوبل بالرفض من طرف كل من المغرب والبوليساريو آنذاك، ليبقى في طي النسيان حتى محاولات دي ميستورا الأخيرة لإحيائه.

مقترح مرفوض من الرباط والبوليساريو: فهل هو خيار واقعي؟

يبدو أن مقترح تقسيم الصحراء لم يكن، في أي وقت من الأوقات، حلاً قابلاً للتنفيذ، سواء من جانب المغرب أو البوليساريو. فمن جهة، يرفض المغرب أي محاولة لتقسيم أراضيه، وقد أكد الملك محمد السادس في خطابات سابقة على أن “الصحراء هي النظارة التي يرى بها المغرب العالم”. ومن جهة أخرى، لا يمكن لهذا المقترح أن يحظى بتأييد البوليساريو التي تطالب بالانفصال الكامل عن المغرب.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تعكس محاولات إحياء مقترح تقسيم الصحراء فشلًا في المسار السياسي الحالي؟ خاصة وأنه يتجاهل المقترحات الأكثر واقعية وعملية مثل مبادرة الحكم الذاتي التي تحظى بدعم دولي واسع.

الاتحاد الأوروبي: موقف واضح وحاسم

في تصريح لوكالة “أوروبا بريس”، أكد متحدث باسم الاتحاد الأوروبي أن “أي حل لقضية الصحراء يجب أن يكون عادلاً وواقعياً وعملياً ودائماً ومقبولاً من كلا الطرفين”. يتطابق هذا الموقف إلى حد كبير مع رؤية المغرب، التي تقوم على مقترح الحكم الذاتي كحل سياسي يعكس الواقعية والقبول الدولي.

من خلال هذه التصريحات، يمكن القول إن الاتحاد الأوروبي يعتبر أن أي محاولة لتقسيم الصحراء لن تؤدي إلى حل دائم أو مقبول. وبالتالي، فإن المبعوث الأممي يواجه طريقًا مسدودًا في مساعيه لإحياء هذا المقترح.

موقف دي ميستورا في مأزق

التحدي الأكبر الذي يواجه دي ميستورا الآن هو كيفية الحفاظ على دوره كمبعوث أممي بعد رفض واضح لمقترح تقسيم الصحراء من كافة الأطراف المعنية. فإذا كانت المبادرة مرفوضة من المغرب والبوليساريو، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما مدى قدرة دي ميستورا على إيجاد حلول بديلة تتناسب مع متطلبات الواقعية السياسية؟

الحكم الذاتي: الحل الأكثر واقعية

في المقابل، يعتبر مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب عام 2007 الإطار الأكثر عملية لحل النزاع. فقد أصبح هذا المقترح يحظى بتأييد دولي متزايد، لا سيما من قِبل دول الاتحاد الأوروبي مثل إسبانيا وهولندا وفرنسا وألمانيا، إضافة إلى الولايات المتحدة. ويرى مراقبون أن هذا الدعم الدولي المتزايد يعكس تحولًا في الرؤية العالمية للنزاع.

هل يعكس دعم الاتحاد الأوروبي لمبادرة الحكم الذاتي تحولاً في الاستراتيجية الدولية تجاه النزاع؟ إذ أن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى الحفاظ على استقرار المنطقة، والمغرب يعد شريكًا استراتيجيًا للغرب في مجالات عدة، خاصة في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.

الموقف الأوروبي وتحديات الاستقرار الإقليمي

بالنظر إلى تصريحات المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، يظهر جليًا أن الاتحاد يسعى إلى الحفاظ على استقرار المنطقة المحيطة به، وخاصة أن المغرب يعتبر ركيزة أساسية للاستقرار في شمال إفريقيا. وأشار المتحدث إلى “أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي بالنسبة للاتحاد الأوروبي”. وبالتالي، فإن أي حل يجب أن يعزز الاستقرار ولا يساهم في تعميق النزاع.

يطرح هذا التساؤل: هل يعكس رفض الاتحاد الأوروبي لمقترح دي ميستورا قلقًا أوروبيًا من تداعيات أي حل قد يزعزع استقرار المنطقة؟

خلاصة: هل انتهت مساعي دي ميستورا؟

مع رفض الاتحاد الأوروبي لمقترح تقسيم الصحراء وتزايد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، يبدو أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أمام تحدٍ كبير في مهمته. هل يمكنه استعادة الثقة والدفع بحل واقعي يتماشى مع تطلعات المجتمع الدولي؟

تتجه الأنظار الآن نحو المستقبل السياسي للنزاع في الصحراء، في وقت تواصل فيه الدبلوماسية المغربية تحقيق نجاحات مهمة على الساحة الدولية، ما يعزز موقفها بضرورة تسوية النزاع في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. فهل ستشهد المرحلة المقبلة نهاية حاسمة لهذا الملف الذي طال أمده؟