في تدوينة لافتة على صفحته على الفايسبوك، عبّر محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، عن استيائه مما وصفه بمحاولات الحكومة الحالية لإغلاق ملف مكافحة الفساد.
الغلوسي اعتبر أن الحكومة، التي وصفها بـ”حكومة الباطرونا”، أصبحت ترى في هذا الورش مصدر إزعاج مستمر، وتسعى بشكل حثيث لوقف أي محاولات لكشف الفساد أو التصدي له.
هل هناك إرادة حقيقية لمحاربة الفساد؟
أحد التساؤلات الرئيسية التي أثارها الغلوسي هو: هل تتمتع الحكومة بالإرادة السياسية لمواجهة الفساد؟ في ظل تزايد الانتقادات الموجهة للحكومة بسبب ضعف مكافحة الفساد، والذي يضع المغرب في مرتبة 97 من أصل 180 دولة على مستوى مؤشرات إدراك الفساد. الفساد، كما يشير الغلوسي، يستنزف ما يقارب 50 مليار درهم سنويًا من الاقتصاد المغربي.
الوزير المكلف بقطاع العدل حاول التفاف النقاش حول هذا الملف المصيري، مما جعل الغلوسي يتساءل: هل الحكومة جادة في محاربة الفساد أم أنها تسعى فقط لحماية مصالح النخبة المتورطة في شبكات الفساد؟.
مواجهة التقارير الوطنية والدولية: ازدواجية الخطاب؟
الغريب في الأمر، كما يشير الغلوسي، هو أن الحكومة التي كانت سابقًا تتهم التقارير الدولية بخدمة أجندات مشبوهة، بدأت الآن تهاجم المؤسسات الدستورية الوطنية التي تصدر تقارير حول الفساد والرشوة. المؤسسات مثل بنك المغرب، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المجلس الأعلى للحسابات وغيرها، كلها أصدرت تقارير تشير إلى الآثار السلبية للفساد على التنمية والسياسات العمومية.
السؤال المطروح هنا: كيف ستتعامل الحكومة مع هذه التقارير الوطنية؟ وهل ستستمر في تجاهلها كما فعلت مع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد؟
“أمين التهراوي وزيرًا جديدًا للصحة: كفاءة أم مجرد عبور من القطاع الخاص إلى العام في ظل علاقته برئيس الحكومة؟”
الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد: هل تم تجميدها؟
يشير الغلوسي إلى أن الحكومة قامت بتجميد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وأغلقت كل نقاش حول تجريم الإثراء غير المشروع. ما هو مستقبل هذه الاستراتيجية؟ وهل ستتمكن الحكومة من إعادة إحيائها وتنفيذ توصيات المؤسسات الدستورية التي تم تجاهلها حتى الآن؟
الغريب أن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، التي تم إنشاؤها بهدف تقديم الحلول والمقترحات، تم تهميشها بشكل كبير. هل يعكس هذا التهميش رغبة حقيقية في إغلاق ملف الفساد؟.
ترهيب الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني: خطوة نحو تكميم الأفواه؟
من بين النقاط المثيرة للقلق التي أثارها الغلوسي هو ما وصفه بـ”ترهيب الجمعيات” ومنعها من التبليغ عن الفساد. هل تسعى الحكومة لإسكات الجمعيات والمجتمع المدني؟ تساؤل يطرحه الغلوسي مع الإشارة إلى أن الحكومة تضيق الخناق على المؤسسات الدستورية مثل الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
هذه الهجمات المتكررة على مؤسسات المجتمع المدني تثير القلق حول مستقبل الشفافية في المغرب، وتجعلنا نتساءل: إلى أي مدى ستستمر الحكومة في الدفاع عن مصالح “لوبي الفساد”؟
هل تصبح الحكومة مدافعًا عن مصالح النخبة؟
في ختام تدوينته، يشير الغلوسي إلى أن الحكومة أصبحت تلعب دور المدافع عن “لصوص المال العام”، وذلك من خلال حماية النخب الاقتصادية والسياسية التي تستفيد من تضارب المصالح وزواج السلطة بالمال.
هل يتم تضحية محاربة الفساد من أجل حماية المصالح الانتخابية؟ يبدو أن الحكومة تسعى لتأمين مصالح هذه النخب لضمان استمرارها في مواقع السلطة في الانتخابات المقبلة.
الخلاصة: إلى أين يتجه ورش مكافحة الفساد في المغرب؟
يطرح الغلوسي تساؤلات جوهرية حول مستقبل مكافحة الفساد في المغرب، خاصة في ظل محاولات الحكومة الحالية تهميش المؤسسات الدستورية والجمعيات التي تسعى لتسليط الضوء على الفساد. هل ستنجح الحكومة في طي هذا الملف الشائك؟ أم أن المجتمع المدني والمؤسسات المستقلة سيواصلون الضغط من أجل تفعيل آليات المحاسبة والشفافية؟
يبقى الترقب سيد الموقف، مع استمرار الجدل حول مدى جدية الحكومة في مواجهة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.