تحليل: تصريحات أحمد عصيد حول التعديل الحكومي ودعمه لوزير العدل… رؤية نقدية بين الظاهر والمسكوت عنه
في مقطع الفيديو الأخير لأحمد عصيد، والذي بثه عبر منصاته الرقمية، ظهر الإعلامي والمثقف وهو ينتقد التعديل الحكومي الأخير بالمغرب، متحدثًا عن تأثيره المحدود على الواقع المعيشي للمغاربة.
ورغم ما بدا كدفاع عن الشعب والمستوى المعيشي، إلا أن التركيز في حديثه على الإشادة ببقاء وزير العدل عبد اللطيف وهبي، واعتباره علامة على توجه إصلاحي، يطرح تساؤلات عميقة حول مقاصد هذا الخطاب وما يسعى عصيد لتحقيقه فعليًا من خلال هذه الإشادة.
تصريحات ظاهرها الدعم للشعب وباطنها دعم أجندة قانونية
في الوقت الذي يعبر فيه عصيد عن موقفه تجاه الوضع الاقتصادي والمعيشي، يظهر هذا النقد كمدخل لبث إشادته ببقاء وزير العدل، خاصة فيما يتعلق بتوجهاته القانونية، التي وصفها عصيد بأنها “مؤشر على انفتاح الدولة نحو التحديث في الحريات الفردية”.
هنا يتضح تركيزه على مشروع محدد يسعى وزير العدل للدفع به، وهو تعديل القانون الجنائي، بما يتيح مساحة أكبر للحريات. عصيد يسوق هذا التوجه وكأنه مطلب شعبي، رغم أن القضايا القانونية التي يستهدفها هذا المشروع ليست بالضرورة ضمن أولويات المواطن العادي.
ما وراء التركيز على بقاء وزير العدل: دعم لأجندة قانونية خاصة
تُظهر تصريحات عصيد اهتمامًا مبالغًا ببقاء وزير العدل عبد اللطيف وهبي، حيث يُبرز ذلك على أنه “انتصار” لتوجهات سياسية وقانونية معينة، وهي توجهات قد لا تحظى بقبول واسع في المجتمع المغربي. يُستشف من ذلك أن عصيد يسعى لتمرير فكرة مفادها أن هذا التوجه هو استجابة لرغبات الشارع، متجاهلًا أن الرأي العام ينشغل أكثر بقضايا ملحّة كالتعليم، والصحة، وأسعار السلع، وهي قضايا يغفل عصيد عن تناولها بالقدر ذاته من التركيز.
“محمد التيجيني في مواجهة التعديل الحكومي: قراءة جديدة أم إعادة تموضع بدعمٍ ضمني لحكومة أخنوش؟”
إظهار نقد الحكومة لاستمالة الجمهور
يبدو أن عصيد يستخدم خطابًا مزدوجًا؛ فهو ينتقد الحكومة على الأداء العام وغلاء المعيشة، ما يظهره كأنه يتبنى قضايا الشعب، لكنه في الوقت نفسه يسعى لدعم قضايا قانونية ذات طبيعة مختلفة كليًا عن الهموم اليومية للمغاربة. هذا الأسلوب يثير تساؤلات حول نواياه الحقيقية: هل يسعى عصيد إلى كسب تأييد شعبي عبر إظهار نفسه كمدافع عن حقوق الشعب؟ أم أنه يستغل هذا الموقف لإيصال رسائل ضمنية تدعم أجندة قانونية واجتماعية خاصة؟
التناقض بين مطالب الشعب والقضايا القانونية المثارة
في حين يُظهر عصيد في الفيديو أنه يدافع عن المطالب المعيشية، إلا أن التركيز في خطابه ينصبُّ على قضايا أخرى تهم قلةً أكثر من أغلبية الشعب. الانتقادات التي وجهها عصيد في موضوع الغلاء المعيشي تبقى في السياق العام، دون طرح رؤى أو حلول بديلة لهذه الأزمات، على عكس ما قدمه في إشادته ببقاء وهبي ودوره المتوقع في تعديل القوانين.
هل تأتي هذه الانتقادات للحكومة على شكل تظاهرٍ بطرح قضايا الشعب، في حين أن التركيز الفعلي هو على تمهيد الأجواء لقضايا لا تمس شريحة واسعة؟
رؤية نقدية: موقف عصيد بين الانحياز والمصلحة الشعبية
قد تكون هذه الإشادة ببقاء وزير العدل هي محاولة لدعم مشاريع قد تتماشى مع مصالح فئات محددة، ولكن بعيدًا عن أولويات المواطن اليومية. يبدو أن عصيد يعمد إلى الخلط بين التطرق لمطالب الشعب والتركيز على دعم ملفات قانونية خاصة، ما يثير تساؤلات حول دقة توجيه خطابه لمصلحة المغاربة ككل.
خاتمة: ما الذي تحققه هذه التصريحات للمشهد العام؟
يظل تساؤل جوهري يطرح نفسه حول ما إذا كانت تصريحات عصيد نابعة من رغبة حقيقية في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، أم أنها تسعى لتحقيق دعم ضمني لأجندات قانونية محددة، بعيدًا عن صلب المطالب الشعبية. قد يكون الهدف من هذا الخطاب هو حشد تأييد شعبي لخطاب يخدم توجهات بعينها، مستخدمًا شعارات معيشية، لكنها تخفي وراءها قضايا تتطلب حوارًا أعمق مع المجتمع بأكمله.