وزير الأوقاف توفيق: وزير الداخلية الفرنسي صُدم عندما قلت له إننا علمانيون بنهج مغربي معتدل

0
55

في جلسة برلمانية حملت أبعادًا دبلوماسية ودينية وسياسية عميقة، استعرض وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أبرز التحديات التي تواجه المغرب في دعمه لجاليته بالخارج، مشددًا على أهمية دور المملكة في تقديم نموذج معتدل للإسلام يتماشى مع متغيرات العصر. تصريحات الوزير جاءت لتسلط الضوء على القضايا المرتبطة بممارسة الشعائر الدينية في المهجر، خاصة خلال شهر رمضان، حيث أشار إلى صعوبات تواجهها المملكة في توفير التسهيلات اللازمة للجالية، مثل تأمين التأشيرات للأئمة والوعاظ.

هذه التحديات تعكس ضغوطًا سياسية واجتماعية متزايدة داخل أوروبا، ما يفتح الباب للتساؤل حول السبل التي يمكن للمغرب اتباعها لتعزيز دعمه لجاليته وتطوير آليات مبتكرة لتجاوز العراقيل الإدارية والسياسية.

الوزير كشف أيضًا عن تفاصيل لقاء غير معلن مع وزير الداخلية الفرنسي خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى المغرب، حيث ناقشا قضايا تتعلق بالدين والعلمانية. أشار الوزير إلى أن المغرب يعتمد مقاربة فريدة تجمع بين الاعتدال الديني والحرية الفردية، مبرزًا الاختلاف بين النموذج المغربي والعلمانية الصارمة المعتمدة في فرنسا.




هذا الطرح يبرز الرؤية المغربية التي تسعى إلى بناء جسور تفاهم مع أوروبا التي تواجه تحديات متزايدة في التعامل مع قضايا الدين والاندماج، ما يثير تساؤلات حول قدرة المغرب على توظيف هذه الرؤية لتعزيز علاقاته مع الدول الأوروبية واستثمارها لتقديم حلول مبتكرة لهذه القضايا.

حديث الوزير تطرق كذلك إلى اقتناع المسؤولين الفرنسيين بالدور المحوري للإسلام المغربي المعتدل في تحقيق الاستقرار داخل الجاليات المسلمة بأوروبا، رغم الصعوبات التي يفرضها السياق السياسي الداخلي هناك. هذه القناعة تضع المغرب أمام تحدٍ كبير يتمثل في تحويل هذا الاقتناع إلى تعاون عملي يعزز دوره كمرجعية عالمية في التعامل مع قضايا الدين والمجتمع.

هنا يبرز سؤال مهم: كيف يمكن للمغرب قيادة مبادرات دولية تعزز فهم الإسلام المعتدل وتوسع دوره ليصبح نموذجًا عالميًا في هذا المجال؟

من بين النقاط الإيجابية التي أشار إليها الوزير كانت رسالة تلقاها من نظيره الفرنسي، تعكس إرادة مشتركة لتعزيز الحوار والتعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

هذه الرسائل الإيجابية تفتح آفاقًا جديدة لتعزيز مكانة المغرب كقوة ناعمة في أوروبا، إلا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب سياسات فاعلة تتسم بالمرونة والكفاءة لدعم الجالية المغربية بالخارج، وضمان حقوقها الدينية والثقافية في ظل التحديات الراهنة.

تصريحات الوزير تعكس رؤية شاملة للمغرب تسعى إلى تحقيق التوازن بين القيم الوطنية والانفتاح على العالم، مستندة إلى الاعتدال الديني والانفتاح الثقافي كركيزتين أساسيتين. لكن هذه الرؤية تطرح أسئلة حول مدى قدرة المملكة على ترجمتها إلى واقع ملموس يرسخ مكانتها كجسر حضاري بين العالم الإسلامي والغرب.

المغرب، بقيادته الحكيمة ونموذجه المعتدل، يظل في موقع فريد يمكنه من مواجهة التحديات وتحقيق التقدم في هذا السياق، مما يعزز دوره كقوة إقليمية ودولية قادرة على بناء مستقبل مشترك قائم على التفاهم والتعايش.