الجزائر تعرقل إحصاء سكان تندوف: ماذا تخفي وراء الأرقام المتضاربة؟

0
60

في ظل تعنت الجزائر ورفضها السماح بإجراء إحصاء دقيق لسكان مخيمات تندوف، الواقعة على أراضيها، تتجدد التساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا الموقف. هذه المخيمات التي تديرها جبهة البوليساريو، تُعد نقطة ساخنة للجدل السياسي والإنساني، خاصة في ظل تزايد الدعوات الأممية والحقوقية لإجراء تعداد شفاف. فما الذي تخشاه الجزائر من هذا الإحصاء؟ وكيف يعكس هذا الملف أبعادًا أعمق للصراع الإقليمي حول الصحراء المغربية؟

الرفض الجزائري: هواجس سياسية أم خوف من الفضيحة؟

لطالما طالبت الأمم المتحدة، من خلال المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بإجراء إحصاء شامل لسكان مخيمات تندوف. ورغم أن هذا الإجراء يعد جزءًا أساسيًا من آليات العمل الإنساني لضمان توجيه المساعدات بفعالية، إلا أن الجزائر تستمر في عرقلته. هذا الموقف يعكس مخاوف الجزائر من الكشف عن حقيقة الأعداد الفعلية للسكان، والتي قد تظهر أن الأرقام المعلنة، التي تصل إلى 100 ألف، مبالغ فيها بشكل كبير، مقارنة بتقديرات دولية مستقلة تشير إلى أعداد تتراوح بين 20 و30 ألفًا فقط.

إضافة إلى ذلك، يشير خبراء إلى أن الجزائر تستخدم هذه الأرقام المتضاربة كورقة ضغط سياسي، مستفيدة من تضخيمها لجذب مزيد من المساعدات الدولية التي لا تصل بالضرورة إلى مستحقيها. كما أن هذا التضخيم يساهم في خلق انطباع مضلل حول حجم النزاع، بما يخدم الرواية الانفصالية التي تتبناها جبهة البوليساريو بدعم جزائري.

إطار تاريخي: الجذور السياسية لمخيمات تندوف

نشأت مخيمات تندوف في سياق نزاع الصحراء المغربية بعد انسحاب إسبانيا عام 1975. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المخيمات أداة سياسية تستخدمها الجزائر في صراعها مع المغرب، في محاولة لعرقلة جهوده لاستكمال وحدته الترابية.

رغم أن الجزائر تدعي أنها ليست طرفًا في النزاع، إلا أن سيطرتها المطلقة على هذه المخيمات، وتمويلها لجبهة البوليساريو، يعكسان واقعًا مغايرًا. هذه السيطرة تُترجم إلى حرمان سكان المخيمات من حقوقهم الأساسية، وفرض قيود صارمة على حركتهم، بالإضافة إلى توظيفهم كأداة سياسية في المحافل الدولية.

الأوضاع الإنسانية: معاناة في الظل

تُظهر التقارير الدولية أن سكان مخيمات تندوف يعانون من أوضاع إنسانية مأساوية، على الرغم من المساعدات الإنسانية التي تُرسلها المنظمات الدولية. فالسكان يفتقرون إلى خدمات أساسية مثل التعليم والصحة، ويعيشون في ظروف غير آدمية.

وفي هذا السياق، تشير تقارير إلى اختلاس المساعدات الدولية وبيعها في الأسواق السوداء، مما يزيد من معاناة السكان. هذه الانتهاكات دفعت العديد من المنظمات الإنسانية إلى المطالبة بإجراء تحقيق دولي حول مصير الأموال والمساعدات المخصصة للمخيمات.

الأبعاد القانونية: مسؤولية الجزائر الدولية

بموجب القانون الدولي، تتحمل الجزائر مسؤولية مباشرة عن سكان مخيمات تندوف، بصفتها الدولة المضيفة. ورغم ذلك، ترفض الجزائر الاعتراف بهذه المسؤولية، مما يشكل انتهاكًا لاتفاقية جنيف الخاصة بوضع اللاجئين.

يشير خبراء قانونيون إلى أن منع الجزائر لإجراء إحصاء سكاني شفاف يعد خرقًا واضحًا للقوانين الدولية. كما أن استخدامها للمخيمات كأداة سياسية يعكس تناقضًا صارخًا مع التزاماتها كدولة مضيفة.

الأرقام المتضاربة: خدمة أجندات مشبوهة

في حديثه عن تضخيم أعداد السكان، يشير عصام أوجيل، خبير في ملف الصحراء المغربية، إلى أن هذا التضخيم يهدف إلى زيادة المساعدات الدولية واستغلالها لأغراض سياسية. من جهة أخرى، يرى هشام الإبراهيمي، الباحث في قضايا الصحراء المغربية، أن الجزائر تسعى من خلال رفض الإحصاء إلى حماية نفسها من أي مساءلة دولية حول انتهاكات حقوق سكان المخيمات.

أسئلة مفتوحة تحتاج إلى إجابات

  • لماذا تصر الجزائر على تضخيم أرقام سكان المخيمات، رغم الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك؟

  • كيف تبرر الجزائر استمرار تدهور الأوضاع المعيشية في المخيمات رغم التدفقات الضخمة من المساعدات الدولية؟

  • ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة لضمان الشفافية والمساءلة في هذا الملف؟

الحل: بين الشفافية والمساءلة

في ظل هذه المعطيات، تتزايد الدعوات لإجراء إحصاء دولي لسكان مخيمات تندوف ووضع آليات رقابية صارمة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها. كما أن المجتمع الدولي مطالب بالضغط على الجزائر للوفاء بالتزاماتها القانونية والإنسانية، خاصة في ظل تزايد دعم المجتمع الدولي لمقترح الحكم الذاتي المغربي كحل عملي ودائم للنزاع.

يبقى السؤال المطروح: هل ستواجه الجزائر الحقائق وتسمح بالشفافية، أم أن ملف تندوف سيظل رهينة الحسابات السياسية؟