“صرخة من دفتر السجن: نقد بوعشرين لمغرب بسرعتين ومستقبل مجهول”

0
108

تغريدة توفيق بوعشرين تُعد انعكاسًا لرؤية نقدية متعمقة للواقع المغربي، وهي ليست مجرد كلمات عابرة بل تنطوي على رسائل متعددة الجوانب، بعضها ظاهر وبعضها الآخر ضمني.

يمكننا تناول النص من ثلاث زوايا رئيسية: ما أراد قوله، ما لم يقله، والأسئلة التي يجب أن تُطرح.

ما الذي أراد بوعشرين قوله؟

  1. التفاوت الاجتماعي والاقتصادي: بوعشرين يشير بوضوح إلى الفروقات العميقة التي تعصف بالمجتمع المغربي:

    • الفجوة بين الأغنياء والفقراء ليست فقط مادية بل تتجاوز ذلك إلى “الزمن”، وكأن بعض فئات المجتمع تعيش في عصور مختلفة.

    • الإشارة إلى “بطاقة التعريف الوطنية مقابل البطاقة البنكية” تُبرز التناقض بين وحدة الهوية الرسمية والاختلاف العميق في الفرص الاقتصادية.

  2. غياب العدالة الاجتماعية:

    • تغريدته تتحدث عن انعدام المساواة في حقوق التعليم، الصحة، والفرص الاقتصادية.

    • تعبير “نعيش تحت سماء واحدة لكننا لا نعيش تحت سقف قانوني واحد” يكشف عن غياب الإنصاف في تطبيق القوانين، ما يكرّس الطبقية.

  3. تجزئة الأحلام والرؤى:

    • يرى أن المغاربة لا يشتركون حتى في الأحلام والطموحات، وهو انعكاس لانقسامات عميقة في المجتمع بسبب عوامل ثقافية، لغوية، واجتماعية.

  4. استعارة جلال عامر:

    • بوعشرين يستدعي صرخة جلال عامر ليعبّر عن خيبة الأمل من الإصلاحات الداخلية، مع رفض ضمني لحلول كالهجرة. الرسالة هنا هي أن البقاء في المغرب والعمل على التغيير ضرورة، رغم الإحباط.

ما الذي لم يقله بوعشرين؟

  1. تحديد المسؤوليات:

    • لم يشر بوضوح إلى الجهات المسؤولة عن هذه التفاوتات، سواء كانت الحكومة، النخب السياسية، أم المؤسسات الاقتصادية.

    • تجنب توجيه النقد لشخصيات أو مؤسسات بعينها ربما يعكس حذرًا من العواقب، أو رغبة في تقديم رؤية عامة دون تصعيد.

  2. الحلول الممكنة:

    • ركّز على وصف المشكلة دون طرح بدائل أو استراتيجيات للخروج من الوضع الراهن.

    • هل يرى أن التغيير ممكن عبر الإصلاح التدريجي، أم أن هناك حاجة إلى تدخلات جذرية؟

  3. التفاوت الثقافي واللغوي:

    • بالرغم من الإشارة إلى “لغات مختلفة”، لم يُوضّح مدى تأثير السياسات الثقافية على هذه الفجوات.

أسئلة تستدعي التوضيح:

  1. ماذا يعني بـ”الزمن الواحد”؟

    • هل يقصد سرعة التحديث في المدن الكبرى مقارنة بالمناطق القروية؟ أم أن الفكرة أعمق وتشير إلى غياب التنمية الشاملة؟

  2. ما هي العوامل المهيمنة على الفجوة الاقتصادية؟

    • هل يركز النقد على غياب تخطيط استراتيجي أم على استحواذ النخب الاقتصادية على الموارد؟

  3. ما هو دور الأفراد في التغيير؟

    • إذا كانت الهجرة ليست الحل، فما الذي يراه بوعشرين كأدوات للتغيير؟ هل يُحمّل الشعب جزءًا من المسؤولية؟

  4. هل يرى أن النظام الحالي قادر على الإصلاح؟

    • إذا كان غياب العدالة جزءًا من بنية النظام، فهل يلمّح إلى أن الحل يتطلب إعادة هيكلة أم فقط تحسين السياسات؟

الرؤية الشاملة لتغريدة بوعشرين:

تغريدة بوعشرين أقرب إلى نداء إنساني ومجتمعي للمغاربة، يحذر فيها من مغبة الاستمرار في هذا التفاوت الطبقي والاقتصادي. لكنه في الوقت نفسه يفتح المجال أمام النقاش حول المسؤوليات والآليات. باستخدام استعارات مثل “العجلات” و”البيكالا”، يرسم صورة ساخرة ومريرة في آن واحد.

صرخة في وجه العبودية الحديثة: استغلال العاملات الفلاحيات في المغرب ومسؤولية الجميع

يبقى السؤال الأهم الذي يطرحه هذا التحليل: هل يمكن للمغرب تجاوز هذه التفاوتات دون إجراء تغييرات جذرية في البنية الاقتصادية والاجتماعية؟ وهل التغيير ممكن في ظل غياب رؤية وطنية موحدة للمستقبل؟