في خضم الصراع السوري الذي أرهق المنطقة لعقد من الزمن، يبرز “أحمد الشرع”، أو كما يعرف “أبو محمد الجولاني”، قائد “هيئة تحرير الشام”، كأحد اللاعبين الأساسيين الذين يثيرون جدلاً واسعًا. الدعم “اللامشروط” المقدم له من بعض القوى الإقليمية يشير إلى تحول استراتيجي قد يعيد تشكيل المعادلة السورية. لكن هل حقًا هذا الدعم يشكل بدايةً لتحرير سوريا كما يدعي داعموه؟ أم أن وراءه مصالح خفية قد تقود البلاد إلى أزمات جديدة؟
التحالفات الجديدة: دعم الجولاني… رسالة للجميع!
من غير شك، التحالفات في الشرق الأوسط لا تبنى على الثوابت، بل على المصالح المتغيرة التي تتطلب تحركات دقيقة. الدعم المقدم لأحمد الشرع ليس مجرد دعم عسكري، بل هو بمثابة رسالة استراتيجية. فما وراء هذا الدعم اللامشروط؟ كيف يمكن لحركة مثل “هيئة تحرير الشام” أن تتحول من فصيل محاصر إلى حليف استراتيجي في منطقة ملتهبة مثل سوريا؟
النظام السوري، مدعومًا من إيران وروسيا، يسعى للعودة إلى السيطرة الكاملة على البلاد. بينما يرى البعض في دعم الجولاني خطوة لإضعاف هذا التحالف، وتحديدًا الضغط على النفوذ الإيراني في الشمال السوري. ولكن ماذا عن الشعب السوري؟ هل سيكون هذا الدعم خطوة نحو مستقبل أفضل؟ أم أن هذه القوى ستسهم في تعزيز الفوضى بدلًا من استعادة الاستقرار؟
هل هي حرب على إيران؟ أم تفكيك لمشروع سياسي؟
التحرك لدعم أحمد الشرع يتخطى الحدود العسكرية ليصبح أداة لتفكيك المشهد السياسي في سوريا. الجولاني وحركته يمثلان الآن أحد أبرز القوى التي تحارب في الشمال السوري، لكن الأهم من ذلك هو أنها قادرة على التأثير في المعادلة الإقليمية. في هذا السياق، يبدو أن بعض الدول ترى في “هيئة تحرير الشام” نقطة استقطاب استراتيجية لموازنة النفوذ الإيراني. إذا كان هذا هو الهدف، فهل هذا الدعم سيؤدي إلى تحجيم النفوذ الإيراني؟ أم أنه سيعيد تشكيل “الهيمنة السنية” في شمال سوريا على حساب الجميع؟
لكن يبقى السؤال المحوري: ماذا عن الشريحة الكبرى من السوريين الذين ما زالوا يتوقون لحل سياسي شامل؟ هل سيظل هؤلاء في هامش المعادلة السياسية أم أن هناك تحولًا حقيقيًا سيحدث؟
مخاطر الدعم غير المشروط: لعبة شطرنج أم فخ؟
الدعم اللامشروط له أحمد الشرع قد يبدو في الظاهر خطوة قوية نحو تحقيق طموحات شعبية، ولكن في باطنه تكمن مخاطر جمة. القوى التي تدعم هذا الفصيل تتبنى خطابًا راديكاليًا يتعارض مع مبدأ الحوار الوطني والتفاوض مع الأطراف الأخرى. فهل سيستمر هذا الدعم في تأجيج الصراع؟ أم أنه سيقود إلى استقرار مزيف تكون نتائجه كارثية على المدى الطويل؟
من زاوية أخرى، قد يؤدي هذا الدعم إلى إشعال نزاع داخلي في سوريا بين الفصائل التي تدعي أنها تمثل “تحرير الشعب السوري”، وفي النهاية تصبح سوريا أكثر تقسيمًا. في هذا السيناريو، هل سيكون الدعم لقوة بعينها سببًا في إعادة تشكيل سوريا بأيدي خارجية؟ أم أنه سيتحول إلى عبء على الشعب السوري؟
إلى أين تذهب سوريا؟
الوقت كفيل بكشف تبعات هذا الدعم اللامشروط، ولكن ماذا لو تحول هذا “التحرير” إلى فوضى مستدامة؟ هل هناك فعلاً طريق آخر بعيد عن هذه التحالفات العسكرية والسياسية التي قد تُضاعف الأزمات؟ التوازن في سوريا لا يمكن أن يُبنى على دعم فصيل ضد آخر، بل يتطلب حلًا سياسيًا يشمل جميع الأطراف ويأخذ في اعتباره تطلعات الشعب السوري بكافة مكوناته.
من يعتقد أن هذا الدعم سيؤدي إلى تحرير سوريا، عليه أن يسأل: هل نحن فعلاً على طريق الحل؟ أم أن هذه المعركة ستكون مجرد فخ جديد؟