الحوار الاجتماعي في المغرب: الواقع والتحديات بين الإصلاحات الضرورية والمتطلبات الاجتماعية

0
109

في ندوةٍ نظمها المنتدى المغربي للتنمية الاجتماعية يوم الأحد 22 ديسمبر 2024 بمدينة فاس، تحت عنوان “الحوار الاجتماعي: الواقع والمتطلبات”، سلطت الأنظار على ضرورة إعادة النظر في منهجية الحوار الاجتماعي في المغرب، والتي باتت تمثل تحدياً حقيقياً في سياق تطور القضايا الاجتماعية والاقتصادية في البلاد.

فهل فعلاً نجح هذا الحوار في تحقيق تطلعات الفئات الاجتماعية المختلفة؟ وأين تكمن النقائص التي تستدعي إصلاحاً عاجلاً لضمان استدامة التقدم الاجتماعي والاقتصادي؟

الندوة: تقاطعات متعددة لإعادة النظر في الحوار الاجتماعي

أُقيمت الندوة في مقر المندوبية الجهوية للثقافة بفاس، بمشاركة أكاديميين ومتخصصين في مجالات متعددة من بينهم الدكتور عبد الوهاب البقالي، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالجديدة، الذي تناول قضية حق الإضراب في المغرب، والدكتور بدر الخلدي، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق بفاس، الذي تحدث عن ممارسة حق الإضراب. كما تطرقت الندوة لمواضيع شائكة مثل إصلاح نظام التقاعد والمطالب النقابية المتعلقة بالتحسينات الاجتماعية.

في هذا السياق، كان موضوع ضرورة التوافق حول القضايا المطروحة على مائدة الحوار الاجتماعي محط نقاش من قبل رئيس المنتدى، عبد الرحيم الرماح، الذي أشار إلى أن فترة سنتين ونصف التي مرت على توقيع اتفاق 30 أبريل 2022 كانت كافية لمعالجة العديد من القضايا العالقة.

لكن ما الذي يعوق تنفيذ هذه الاتفاقات؟ وهل كانت الحكومة قد استغلت هذه المدة بما يكفي من الكفاءة لضمان تنفيذ هذه القرارات؟

المحاور الأساسية للندوة: هل استوعبنا الدروس السابقة؟

  1. منهجية الحوار: ضرورة التغيير أو التأثير الفعلي هل يمكن للمقاربة الحالية في الحوار الاجتماعي أن تساهم في التوصل إلى حلول حقيقية؟ في هذا الإطار، أبرز الرماح أهمية اعتماد منهجية تشاركية، حيث يُنصح بأن يشارك ممثلون عن كافة الأطراف في الحوار، بدايةً من اللجنة العليا التي تضم رئيس الحكومة والنقابات، وصولاً إلى اللجان الموضوعاتية التي تضم الوزارات ذات الصلة. هل يمكن لهذه المقاربة أن تعكس فعلاً توازن القوى بين الحكومة والنقابات؟ أم أن هناك جهات تظل مستثناة من هذا الحوار، مما يعطل العملية؟

  2. القضايا المطروحة على مائدة الحوار: هل نقترب من الحلول؟ من أبرز القضايا التي أُثيرت في الندوة: تعزيز الحماية الاجتماعية، إصلاح نظام التقاعد، و تحسين الأجور، حيث تم التأكيد على أن الحماية الاجتماعية تحتاج إلى إصلاح حقيقي يضمن التكامل بين القطاعين العام والخاص.

  3. ولكن هل يختلف موقف الحكومة والنقابات في كيفية تنفيذ هذا الإصلاح؟ وهل هناك فجوات حقيقية في الرقابة على التصريحات في صندوق الضمان الاجتماعي التي تساهم في تفاقم الأزمة؟ علاوة على ذلك، كان هناك تساؤل حول دور القطاع الخاص في زيادة الأجور وتفعيل الحد الأدنى للأجور، خاصة بالنسبة للعاملين في القطاع غير الرسمي.

  4. إصلاح نظام التقاعد: أفق الحلول الحقيقية تساءل العديد من المشاركين عن آفاق إصلاح صناديق التقاعد في ظل الأزمات المالية التي تعاني منها.

  5. هل يكفي تحسين قوانين الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟ وهل يمكن استثمار الأموال المتوفرة لتطوير الأنظمة وتقديم حلول عاجلة لتفادي العجز المحتمل؟ من المثير للدهشة أنه على الرغم من تعدد الدراسات والاقتراحات الإصلاحية، إلا أن التفاعل الحكومي مع هذا الملف يبقى في إطار التأجيلات والالتباطؤ.

التحديات المتبقية: نحو استراتيجية شاملة للمستقبل

من خلال هذه الندوة، تبين أن الحوار الاجتماعي في المغرب لا يزال في حاجة إلى تجديد آلياته ليكون أكثر فعالية. هل من الممكن أن يتطور إلى مرحلة تتيح تحقيق العدالة الاجتماعية و التوازن بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؟ أم أن استمرار القضايا العالقة سيؤدي إلى زيادة الاحتقان الاجتماعي وتفاقم الأزمات؟

إن الحاجة إلى التغيير الجذري في طريقة تسيير الحوار الاجتماعي باتت ملحة، وتعتبر المقاربة التشاركية كما تم طرحها في الندوة أداة مثالية لتحقيق ذلك.

فهل سيكون لعام 2025 دور في توفير الفرصة لتحقيق التوافق بين الأطراف المختلفة بما يخدم مصلحة الوطن والمواطنين؟

خاتمة وتوصيات:

إن تصعيد الحوار الاجتماعي في المغرب يجب أن يرتكز على الشفافية و المشاركة الفعالة من كافة الفئات المعنية. لابد من تنفيذ الاتفاقات التي تم توقيعها في 2022، وتفعيل الإصلاحات الضرورية التي تؤثر في الحياة اليومية للمواطنين.

فهل سيكون عام 2025 بداية لتحقيق هذه الأهداف؟ هل ستنجح الحكومة والنقابات في تنفيذ الحلول الشاملة؟ إن الأمر يتطلب بالفعل إرادة سياسية و حوارًا صادقًا يضع مصلحة المواطنين فوق أي اعتبارات أخرى.