“جمال السوسي: هل هو ضحية تهميش دائم أم أن معركته لم تبدأ بعد؟! – المستقبل المجهول لأبناء سوس”

0
155

جمال السوسي: من معاناة التهميش إلى القيادة الإعلامية والرياضية، واستمرار المعاناة إلى لا نهاية؟!

بينما يحتفل المغاربة بالسنة الأمازيغية الجديدة، يظل هذا الحدث أكثر من مجرد فرصة لتناول الطعام واللباس التقليدي. إنه لحظة للتأمل في معاناة السوسيين الذين عاشوا ظروفًا قاسية من التهميش والظلم الاجتماعي في تاريخ المغرب الحديث.

قصة جمال السوسي، الكاتب والصحفي، هي إحدى القصص التي تحمل بين طياتها آلامًا وأحلامًا محطمة، وتُعتبر رمزًا لهذا النضال الطويل ضد الرفض الاجتماعي، في ظل واقع مرير لا يزال مستمرًا حتى اليوم.

زلزال أكادير 1960: بداية المعاناة الجماعية

في عام 1960، عندما ضرب زلزال أكادير منطقة سوس، كان هذا الحدث المأساوي بمثابة بداية رحلة طويلة من المعاناة الجماعية. دمار هائل جعل آلاف العائلات تضطر للانتقال إلى المدن الكبرى مثل الرباط، الدار البيضاء، ومراكش.

لكن ما وجدوه في هذه المدن لم يكن أملًا، بل كان معركة مستمرة ضد التمييز. بدلاً من توفير الفرص لهم، تم اعتبارهم غرباء، وطُردوا من الفرص الاقتصادية، ليصبحوا هدفًا للمنافسة الاقتصادية والاتهامات المستمرة بأنهم جاؤوا لسرقة رزق الآخرين. ورغم ذلك، استطاعوا البقاء على قيد الحياة، ولكن بألم وحسرة.

الطفولة في حي حسان: تهميش مستمر

في حي حسان بمدينة الرباط، حيث عاش جمال السوسي طفولته، لم يكن السوسي مجرد شخص من أصول سوسية، بل كان يُنظر إليه على أنه غريب. كان يُعَامل كـ “آخر” حتى داخل محيطه المدرسي. سخرية وتهميش بسبب أصوله جعلته يعيش في معركة مستمرة مع المجتمع الذي كان يراه في تلك الأيام مجتمعًا مغلقًا على ذاته. في هذا الجو المليء بالرفض، استطاع أن يبني نفسه ويصنع لنفسه طريقًا رغم قسوة الواقع.

من الضحية إلى قائد التغيير

رغم التحديات التي لا تعد ولا تحصى، نجح جمال السوسي في تحقيق العديد من الإنجازات البارزة. فأسس مجموعة إعلامية تُعنى بتطوير الهوية المغربية، مثل “المغرب الآن” و”مجلة الدبلوماسية” ومجلة mmamag.ma المتخصصة في فنون القتال المختلطة.

لم يقتصر عمله على الصحافة فقط، بل كانت له بصمة واضحة في الرياضة أيضًا، حيث ترأس الجامعة الملكية للجيو جيتسو وفنون القتال المختلطة. قد يتساءل البعض: كيف استطاع جمال السوسي بناء هذه الإمبراطورية رغم الصعوبات الجمة؟ الجواب بسيط: بالنضال المستمر، بالإيمان العميق بأن التغيير ممكن رغم كل شيء.

“بين احتفال رأس السنة الأمازيغية ونضال جمال السوسي: قضية هوية وكرامة وحين تتحول الهوية إلى لعنة “

ولكن هذا النجاح لم يكن كافيًا ليجعل المجتمع يقبل وجوده بالكامل. بل على العكس، كلما تقدم، زادت حدة المعركة ضده. كان يُنظر إليه دائمًا كـ “سوسي”، وهي صفة أصبحت توازي التهميش والرفض، بغض النظر عن إنجازاته. حتى بعض السياسيين، مثل رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، أظهروا ذلك بشكل علني، مؤكّدين على أن المعركة ضد “السوسيين” ما تزال مستمرة في أعماق المجتمع المغربي.

المعاناة المستمرة: اسم السوسي يبقى شعارًا للرفض

ما زال اسم “السوسي” اليوم يحمل في طياته تاريخًا مليئًا بالألم والتهميش. فحتى في عصر التقدم، عندما يحقق أبناء سوس نجاحات كبيرة، لا يزال البعض يتعامل معهم بنظرة مشوهة.

جمال السوسي، رغم كونه قد أصبح رمزًا من رموز الإعلام والرياضة، إلا أنه ظل يحمل معه ذاك الجرح القديم الذي لا يندمل. وعلى الرغم من النجاحات التي حققها، لا يزال يُنظَر إليه بتلك النظرة ذاتها، وكأن “سوسي” هي علامة على نقص الكفاءة أو الأحقية.

ختامًا: الاحتفال بالسنة الأمازيغية ليس مجرد احتفال، بل نداء للتغيير

إن الاحتفال بالسنة الأمازيغية يجب أن يتجاوز كونه مجرد مناسبة للأكل واللباس التقليدي. يجب أن يكون فرصة للتذكير بمعاناة السوسيين، وللتأكيد على أن المعركة ضد التهميش ما تزال مستمرة.

“أخنوش بين الاحتفال والسؤال: هل يرفع رأس السنة الأمازيغية قضايا السوسيين أم يظل صامتا أمام معاناتهم؟”

جمال السوسي وغيره من أبناء سوس هم مثال على الصمود والأمل، وفي نفس الوقت هم رسالة صارخة تدعو المجتمع المغربي للتغيير والتطور.

فحينما لا يزال اسم “السوسي” يحمل في طياته كل هذه المعاناة، يجب أن يكون الاحتفال فرصة للمطالبة بالمساواة، العدالة الاجتماعية، والقبول بكل مكونات المجتمع دون استثناء.

جمال السوسي وقصته لا تنتهي عند هذا الحد، فهي معركة مستمرة للقبول والاعتراف، معركة سيتواصل خوضها لسنوات طويلة قادمة.

هذا النضال لن يتوقف حتى يتحقق الهدف الأسمى: المساواة والعدالة للجميع، بغض النظر عن الأصول أو الخلفيات.

سؤال مهم يُطرح هنا حول مدى قدرة احتفالات السنة الأمازيغية على عكس القضايا الجوهرية التي يواجهها السوسيون، مثل التمييز المستمر، وهل هي فعلاً فرصة لإبراز هذه القضايا أم أنها مجرد طقوس فارغة لا تعكس الواقع المؤلم.

بينما يُحتفل بهذه المناسبة على مستوى الثقافة والتراث، لا تزال مشاكل كثيرة تؤثر بشكل كبير على أبناء سوس، مثل التهميش في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية.

ختامًا، ينبغي أن تكون الاحتفالات بالسنة الأمازيغية أكثر من مجرد مناسبة للاحتفال بالثقافة والتراث. يجب أن تتحول هذه اللحظة إلى دعوة حقيقية للتغيير، حيث يتعين الاعتراف بمعاناة أبناء سوس والعمل على توفير لهم حقوقهم في المساواة الاجتماعية والاقتصادية.

ينبغي أن تتجاوز الاحتفالات الرمزية لتتحول إلى منصة قوية تسلط الضوء على التحديات الحقيقية التي يواجهها هذا الجزء من الشعب المغربي.