مافيا العقار في المغرب: نهب ممنهج رغم 165 وثيقة إثبات وتبرئة قضائية مثيرة للجدل

0
126

يعيش المغرب على وقع قضايا صادمة تتعلق بالاستيلاء غير المشروع على العقارات، وهو أمر لا مثيل له في كثير من دول العالم. ففي ظل شبكة متداخلة من الفساد، وجد ضحايا مافيا العقار أنفسهم خارج ممتلكاتهم بطرق غير قانونية، حيث يتم تزوير الوثائق الرسمية بتواطؤ بعض الجهات النافذة. لكن كيف أصبحت هذه الظاهرة متجذرة في النظام العقاري المغربي؟ وما هو دور السلطات القضائية والإدارية في مواجهتها؟

تواطؤ مسؤولين أم ضعف في الرقابة؟ في أحدث فصول هذه الجرائم، تواصل الغرفة الجنائية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بطنجة النظر في ملف القضية الجنائية التي يتابع فيها عدد من المحافظين العقاريين والمقاولين، إلى جانب نجل محامٍ معروف في الدار البيضاء.

هؤلاء المتهمون وُجهت إليهم اتهامات تتعلق بتكوين عصابة إجرامية والتزوير في محررات رسمية، ورغم وجود 165 وثيقة تثبت التهم، فإن المحكمة الابتدائية قررت تبرئتهم، وهو ما دفع النيابة العامة إلى الاستئناف. فهل يعكس ذلك ضعفًا في آليات المحاسبة أم أن هناك تواطؤًا بين مافيا العقار وبعض الجهات النافذة؟

نهب الأموال العامة باسم التعويضات واحدة من أبرز القضايا المطروحة تتعلق بتحويل مبالغ مالية ضخمة من صناديق عمومية لصالح أفراد متهمين بالاستيلاء على عقارات بطرق غير شرعية. إذ تمكنت هذه الشبكة من صرف 14 مليون درهم من أموال وزارة التربية الوطنية، في قضية تتعلق بالاستيلاء على عقارات مملوكة للدولة. كما أن تحويلات مالية أخرى تجاوزت 5.5 مليون درهم تم صرفها لصالح نجل أحد المتهمين، في إطار تعويض عن نزع ملكية مشبوهة. كيف يمكن تفسير استمرار مثل هذه العمليات في ظل وجود مؤسسات رقابية من المفترض أن تحمي الملكية العامة؟

دور المحافظين العقاريين في تسهيل التلاعب يتضح من الوقائع أن بعض المحافظين العقاريين لعبوا دورًا محوريًا في تسهيل هذه العمليات، عبر تسجيل رسوم عقارية جديدة بأسماء أفراد لا علاقة لهم بالملاك الأصليين.

فمثلاً، نجد أن عقارات في مدينة أصيلة تم تسجيلها بأسماء متهمين رغم أن الأصل القانوني لها كان يعود إلى آخرين. هل يعكس هذا ضعفًا في آليات التوثيق العقاري، أم أن هناك ممارسات ممنهجة داخل هذه المؤسسات لتمكين مافيا العقار من الاستيلاء على الممتلكات؟

التواطؤ بين المحامين والمافيا تكشف بعض القضايا أن محامين لعبوا دورًا أساسيًا في هذه العمليات، حيث وجد بعض الضحايا أنفسهم ضحية خيانة من قبل ممثليهم القانونيين. في إحدى الحالات، وكّلت سيدة محاميًا للدفاع عن حقوقها في عقار مساحته 60 هكتارًا، لتجد لاحقًا أن العقار أصبح مملوكًا لنجل محاميها وشريك له في مجال العقارات. كيف يمكن الحد من هذه التجاوزات؟ وهل تحتاج مهنة المحاماة إلى مراجعات أعمق لمراقبة مدى التزام أعضائها بالأخلاقيات المهنية؟

ما الحلول لمواجهة مافيا العقار؟ رغم الكشف عن العديد من هذه الجرائم، لا تزال عمليات الاستيلاء مستمرة، مما يطرح إشكالية غياب الردع الفعلي. من بين الحلول المطروحة:

  • تشديد العقوبات على المتورطين في التزوير العقاري، بما يشمل الحرمان الدائم من تولي أي مناصب عمومية.

  • تفعيل الرقابة القضائية بشكل أكثر صرامة، وإجبار الجهات العقارية على توفير الشفافية اللازمة في التعامل مع الوثائق العقارية.

  • إنشاء هيئة رقابية مستقلة تعنى بمراقبة العمليات العقارية المشبوهة، مع صلاحيات فعلية للتدخل الفوري.

خاتمة مافيا العقار في المغرب ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل هي شبكة منظمة تتطلب مواجهة جادة وحازمة من السلطات. فاستمرار هذه الجرائم دون محاسبة فعلية يشكل خطرًا ليس فقط على الأفراد المتضررين، بل على ثقة المواطنين في الدولة ومؤسساتها.

فهل نشهد قريبًا تحركًا حقيقيًا يضع حدًا لهذه التجاوزات؟ أم أن النفوذ المالي والمصالح المشتركة ستبقي مافيا العقار بمنأى عن المساءلة؟

“زلزال جديد يهز المغرب… والبلاد بلا حماية! هل تنتظر الحكومة الكارثة قبل التحرك؟ وهل تعلمنا من الماضي؟”